لماذا ينتشر مرض الاكتئاب؟

عندما يصاب أحد الأشخاص المقربين منك بمرض أو عدوى ما فأنت تبذل قصارى جهدك لتجنب انتقال هذه العدوى لك، وذلك بهدف الحفاظ على صحتك وقدراتك، ولكن هل فكرت يومًا بأن تكون الاضطرابات النفسية معدية أيضًا؟ هل فكرت أن معاناة صديقك من الاكتئاب قد تكون سببًا مهمًا في إصابتك بالاكتئاب؟ أو أن تصفحك لمواقع التواصل الاجتماعي من الممكن أن يزيد مشاعر الحزن لديك؟ 

سنتحدث في هذا المقال عن كيفية انتقال عدوى الاضطرابات النفسية، كما سنعرف لماذا ينتشر الاكتئاب كثيرًا بين الناس.

هل الاكتئاب معدٍ حقًا؟

يعتبر الاكتئاب واضطرابات المزاج الأخرى من الأسباب الرئيسية للوفيات والأمراض في جميع أنحاء العالم، فهذه الاضطرابات تنتشر على نطاق واسع وتؤثر على حياة الكثير من الأشخاص من مختلف الشرائح العمرية، وتقدر منظمة الصحة العالمية بأن حاليًا هناك أكثر من 350 مليون شخص مصاب بالاكتئاب حول العالم مع ازدياد تشخيصه بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.

تظهر الدراسات الحديثة بأن معظم الحالات الشعورية والاضطرابات النفسية من الممكن أن تكون معدية وتنتقل بين الناس وتؤثر على حياتهم فمثلًا: إذا عانى صديق لك من التوتر فهذا من الممكن أن ينعكس على مستويات التوتر الموجودة لديك، أو إذا شعر أحد أفراد عائلتك بالفرح بعد تحقيقه لإنجاز ما فهذا الفرح سينتقل إليك ويعزز حالتك الشعورية، كما ظهر أن ميل الأشخاص للسلوكيات والأفكار الانتحارية يكون أكبر إذا كانوا على معرفة سابقة بأشخاص انتحروا، أو كان لهم نفس الميول، فإذًا السؤال الآن هو هل الاكتئاب معدٍ حقًا كغيره من الاضطرابات النفسية؟

الإجابة المختصرة على هذا السؤال هي: “نعم، الاكتئاب معدٍ”، ولكن في الحقيقة فالإجابة معقدة أكثر من ذلك، فقد ينتقل إليك الاكتئاب بعد تعاطفك ومساعدتك لصديقك الذي يعيش أيامًا صعبًا ويعاني من أفكار اكتئابية قاسية، إلا أن هذا الانتقال لا يحدث بنسبة 100%، وذلك لأن إمكانية انتقال عدوى الاكتئاب إليك تعتمد على عدة عوامل ومنها العوامل الوراثية والأمراض السابقة الموجودة لديك، بالإضافة إلى قدرتك على التعامل مع المشاعر السلبية وغير ذلك الكثير. [1]

اقرأ أيضًا: هل يغير الاكتئاب من الشخصية.

لماذا ينتشر مرض الاكتئاب؟

لا يعرف الباحثون لماذا يحدث انتقال العواطف والمشاعر بالضبط بين الأشخاص، إلا أن الدراسات أشارت إلى أنه يمكن أن يفسر ذلك بعدة طرق ومن أهمها:

  • المقارنة الاجتماعية: عندما نكون مع أشخاص آخرين أو عند تصفحنا لوسائل التواصل الاجتماعي فغالبًا ما نحدد قيمتنا ومشاعرنا بناءًا على مشاعر الآخرين ونستمر بمقارنة أنفسنا معهم، وإن مقارنة نفسك بالأخرين وخاصة أولئك الذين لديهم أنماط تفكير سلبية يمكن أن تكون ضارة بصحتك النفسية، وقد تزيد من احتمالية تطور الأفكار الاكتئابية لديك.
  • التفسير العاطفي: يعتمد ذلك على كيفية تفسيرك لمشاعر الآخرين وتفاعلك معها، فعواطف صديقك المصاب بالاكتئاب وإشاراته غير اللفظية تعمل كمعلومات لعقلك، ويمكن أن يتفاعل معها بطرق غير صحيحة ويبالغ في تفسيرها، مما ينعكس بشكل كبير على صحتك النفسية ويساعد على انتقال مشاعر الحزن إليك.
  • التعاطف: التعاطف هو القدرة على فهم مشاعر الآخرين ومشاركتهم حالتهم الشعورية التي يعيشونها، وأن تكون شخصًا متعاطفًا هو أمر جيد إلا أن إمضاء الكثير من الوقت في دعم الآخرين أو محاولة وضع نفسك في مكانهم قد تؤهب لتطور الأعراض الاكتئابية لديك.

اقرأ أيضًا: ما هي أعراض الاكتئاب الجسدية.

أين ينتشر مرض الاكتئاب؟

هنالك العديد من الأماكن التي يمكنك أن تلتقط عدوى الاكتئاب منها، ومن أهمها:

  • وسائل التواصل الاجتماعي: إن وسائل التواصل الاجتماعي هي أرض خصبة لنمو الاكتئاب، فرؤية أصدقاؤك وهم ينشرون إنجازاتهم المتتالية يجعلك تشعر بالغيرة منهم، ويدفعك لمقارنة حياتك بحياتهم، وهذا ما يمكن أن يخلق لديك إحساسًا بعدم الرضا عن إنجازاتك والنجاحات التي وصلت إليها، وبأن حياتهم ذات قيمة أكبر من حياتك، وذلك يزيد من شعورك بالحزن والاكتئاب.
  • العمل: سواء أكنت تحب وظيفتك أم تكرهها فإن بيئة العمل هي أيضًا من البيئات الخصبة التي تساعد على انتشار الاكتئاب بين الزملاء، فالإجهاد والإرهاق المستمران يعتبران من أهم العوامل المسببة للاكتئاب، أيضًا أن تكون محاطًا بأشخاص لديهم الكثير من الأفكار السلبية يؤثر بشكل كبير على حالتك المزاجية، بالإضافة إلى أن الخلافات المستمرة مع الزملاء والإدارة تزيد من الأفكار السلبية وخطر تطور الاكتئاب لدى الموظفين.
  • العائلة: يميل أفراد العائلة للبقاء بجانب بعضهم البعض في الظروف الصعبة ومواقف الحزن والانكسار، وهذا ما يزيد من خطورة انتشار الاكتئاب في العائلة إذا ما كان أحد أفرادها يعاني من الاكتئاب، احرص على البقاء بقرب الأشخاص الذين تحبهم، ولكن تجنب أن تلتقط هذه المشاعر السلبية وأن تنقلها إلى تفكيرك وحالتك الشعورية.
  • الأشخاص المؤثرون: هنالك بعض الأشخاص الذين يؤثرون على شريحة كبيرة من المجتمع كالممثلين أو الأدباء أو لاعبي كرة القدم أو السياسيين، وإن إصابة هؤلاء الأشخاص بالاكتئاب ومعرفة المجتمع بذلك يحمل خطر انتقال مشاعر الحزن إلى مجموعة كبيرة من الأشخاص ويزيد من احتمال إصابتهم بالاكتئاب. [2]

كيف أحمي نفسي من الاكتئاب؟

لا يوجد لقاحات أو عقاقير محددة يمكنها حمايتك من خطر عدوى الاكتئاب، إلا أن هناك بعض الخطوات التي تساعد على بقائك أمنًا إذا لاحظت أن هناك عدد كبير من الأشخاص المكتئبين في محيطك، وهذه الخطوات هي:

  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والتي تساعد على تعزيز صحتك الجسدية وتزيد من إطلاق الإندروفينات الداخلية التي تعمل على تعزيز المزاج.
  • تقليص الوقت الذي تمضيه على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بهدف تقليل آثارها السلبية على صحتك النفسية.
  • تخفيف التوتر في حياتك والذي يعتبر من أهم أسباب الاكتئاب، ويمكنك تخفيفه من خلال عدة طرق كممارسة تمارين التأمل واليوغا مثلًا.
  • الحصول على قسط كاف من النوم، فالأشخاص الذين يعانون من الأرق يكونون معرضين لخطر الإصابة بالاكتئاب بمقدار عشرة أضعاف مقارنة بالأشخاص الذين ينامون لفترات كافية.
  • الابتعاد عن العلاقات السامة والتي تؤثر بشكل سلبي على نظرتك لذاتك وصحتك النفسية والجسدية.

بالإضافة إلى هذه الخطوات السابقة يمكنك تحميل تطبيق كيورا للتواصل مع معالجك النفسي، وسارع للتسجيل في برنامج كيورا الخاص بالعودة للحياة بعد الاكتئاب، والذي يساعدك على التخلص من الأفكار الاكتئابية ويعزز صحتك النفسية ويساعدك في الحفاظ على توازنك النفسي والعاطفي.

المراجع

[1] Is Depression Contagious. www.healthline.com. retrieved 27/3/2023

[2] 15 Ways to Avoid Depression. www.healthline.com. retrieved 27/3/2023

Loading spinner
Share your love