نشعر جميعًا بالتوتر والارتباك عند التواجد في وسطٍ اجتماعي جديد، أو عند التحدث أمام مجموعة كبيرة من الناس أو عندما نتعرف على أشخاص جدد، لكن المشاعر السابقة تختلف عن الرهاب الاجتماعي الذي يؤدي لتجنب أي تواصل مع الآخرين، ويُشعرك بالتوتر وعدم الارتياح عند التواجد ضمن حشد كبير.
في هذا المقال سنتعرف على الرهاب الاجتماعي وأسبابه وتأثيراته وعلاجه.
المحتويات
ما هو الرهاب الاجتماعي؟
يُسمى الرهاب الاجتماعي أيضًا القلق الاجتماعي، وهو نوع من اضطرابات القلق التي تسبب التوتر والخوف عند الانخراط في الأنشطة الاجتماعية، في هذا النوع من الرهاب يكون لديك مشكلة في التحدث مع الآخرين والتواجد معهم، لأنك تشعر بالقلق والتوتر حيال رأي الآخرين بك وانتقادهم لتصرفاتك وكلامك، وبالرغم من أنك تدرك أن مخاوفك هذه لا داعٍ لها، لكن يصعب عليك كبح خوفك وقلقك في هذه الحالات.
ما أسباب الرهاب الاجتماعي عند المراهقين؟
على الرغم من أن معظم المراهقين يمرون بفترات من القلق الاجتماعي الطبيعي المرتبط بالتغيرات التي ترافق المراهقة، إلا أن أولئك الذين لديهم رهاب اجتماعي يعانون من القلق والخوف بشكل لا يتناسب مع الموقف الذي يواجهونه.
أشارت دراسة أجراها المعهد الوطني للصحة النفسية أن الرهاب الاجتماعي يصيب الأشخاص ابتداءً من عمر 13 عامًا، ويظهر عند ما يقارب 12% من المراهقين الذين يعتبرون أنفسهم خجولين، ويعود ذلك للتغيرات التي تطرأ على تفكير المراهق وشخصيته ووعيه لضرورة انتباهه لتصرفاته أمام الآخرين.
لكن ما الأسباب التي تجعل المراهق يعاني من الرهاب الاجتماعي؟
طبيعة الشخصية
إن الطفل الذي يمتلك شخصية انطوائية ومنعزلة أو هادئ بطبيعته، ولا يرغب في تجربة أشياء جديدة، يكون أكثر عرضة للإصابة بالرهاب الاجتماعي عندما يصبح في سن المراهقة، خاصةً إذا كان دائمًا ما يخاف ويتجنب التواصل مع الآخرين.
تربية الأهل
قد يكون هناك علاقة بين طريقة تربية الطفل من جهة وإصابته بالرهاب الاجتماعي من جهة أخرى، خاصة إذا كان الأهل يبالغون في حماية أطفالهم، ويمنعونهم من خوض تجارب جديدة والدخول في علاقات اجتماعية مع أشخاص جدد، وبهذا يجد الطفل نفسه مجبرًا على اتباع كل إرشادات والديه رغبةً منهم في تقويم سلوكه وتعليمه طريقة التصرف الصحيحة، وكل ذلك يقلل من ثقته بنفسه وبقراراته، ويجعله يضيع فرصة تعلم التصرفات الصحيحة في المواقف المتنوعة.
التعرض للتنمر
يتعرض الكثير من الأطفال والمراهقين للتنمر في المدرسة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، ويؤثر ذلك على نواح عدة من حياتهم، بشكل يسبب لهم قلة الثقة بالنفس، لأن التعرض الدائم للانتقاد من قبل الآخرين يولد الخوف والتردد من التكلم أمام الناس، وخاصة إذا كانوا دائمًا ما يتعرضون للإهانة أمام غيرهم.
مشاكل الكلام والنطق
أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين لديهم مشاكل في الكلام والنطق لا يبنون الكثير من الصداقات، فوجود صعوبة في الكلام يشكل تحديًا حقيقيًا للمراهق، ويؤثر سلبًا على ثقته بنفسه وشجاعته عند التحدث أمام الآخرين، إذ ترتبط اضطرابات الكلام بقدرته على التواصل مع أقرانه والتعامل معهم، لهذا نجده وحيدًا في المدرسة ويتجنب الجميع لأنه يجد صعوبة في التواصل معهم.
كيف يظهر الرهاب الاجتماعي وما تأثيره على حياة المراهق؟
بالرغم من أنه ظاهرة منتشرة بين المراهقين، إلا أن الأساتذة أو الأهل قد لا يلاحظون ذلك على أبنائهم، لذا من الضروري التعرف على بعض المؤشرات والعلامات الجسدية التي ترشدنا إلى الرهاب الاجتماعي عند المراهقين:
- يشعر بالتوتر والقلق حيال التواجد بين الغرباء، ويجد صعوبة في التحدث إليهم.
- يتحدث بهدوء وصوت منخفض، وينظر دائمًا إلى الأرض ويرفض أي تواصل عيني، كما قد يحمر من الخجل ويتعرق وترتجف يداه وقدماه.
- لا يمتلك الكثير من الأصدقاء ويصعب عليه تكوين صداقات جديدة وقد تجده يأكل ويلعب وحده.
- يشعر بالخوف من التحدث أمام الصف بأكمله أو الدخول في نقاش جماعي مع زملائه.
يؤثر الرهاب الاجتماعي على نواحِ الحياة المختلفة، إذ يسيطر على المراهق شعور بالوحدة، بسبب صعوبة حصوله على أصدقاء جدد أو الحفاظ على أصدقائه الحاليين، ويتراجع أداؤه المدرسي مقارنة بأقرانه خاصة في العروض التقديمية والفروض التي تتطلب التحدث أمام الفصل بأكمله، وذلك بسبب قلة ثقته بنفسه وضعف شخصيته، بالإضافة إلى أن عدم علاج الرهاب الاجتماعي يزيد خطر الإصابة بأمراض نفسية أخرى وخاصة مع التقدم في العمر، فقد يصاب بالاكتئاب وقد يصل لدرجة التفكير بالانتحار وأذية النفس.
ما علاج الرهاب الاجتماعي عند المراهقين؟
يجب على المراهق أن يتوقف عن القيام بما يريحه فقط وعليه مواجهة مخاوفه، قد يشعره ذلك بالمزيد من التوتر والقلق وعدم الراحة، لكن على المدى البعيد سيجد نفسه يتحدى مخاوفه ويبني ثقة أكبر بنفسه وبقدرته على التعامل مع الآخرين.
يساعده الذهاب إلى المدرسة في مواجهة مخاوفه، كونها تمكّنه من التعرف على أصدقاء جدد، وتساعده التدريبات والدروس التي يقدمها المرشدون النفسيون في تجاوز هذه المرحلة.
من الطبيعي أن يتراجع بعض الخطوات إلى الخلف في أثناء علاجه، فقد يواجه أحكام من الآخرين وانتقادات، لكن عليه ألا يركز على ذلك بل يجب تشجيعه على النظر إلى الطريق الذي قطعه ليصل إلى ما هو عليه، وعندما يصبح القلق زائدًا عن اللزوم وخارج السيطرة، يحتاج المراهق هنا لاستشارة طبيب أو معالج نفسي يساعده على الخروج مما هو فيه، فالتواصل مع اختصاصي نفسي يساعده على التحدث عن مخاوفه واتخاذ الخطوات الأولى في طريق العلاج.
إن معاناتك من الرهاب الاجتماعي أو غيره من الأمراض النفسية أمر طبيعي، لكن ما عليك فعله هو السعي للتخلص منه من خلال البدء بخطوات صغيرة، ووضع بعض الأهداف التي تجد نفسك قادرًا على تحقيقها مبدئيًّا، لأن ذلك يمكنك من الوصول إلى هدفك في النهاية والتخلص من مشكلتك.