نعاني في حياتنا من الكثير من المشاكل والضغوط التي تؤثر على نفسيتنا وترهقنا، لكن أحيانا يكون تأثير تلك الأحداث – وفي مقدمتها الاكتئاب – أكبر من المتوقع، وقد تسبب أمراضًا نفسية يصعب علينا تخطيها بسهولة، يعتقد البعض أن الحل يكون بتجاهل هذه الأمراض، لكن الحقيقة أن التعامل المثالي يجب أن يشمل وضع التشخيص الدقيق للحالة وتحديد العوامل المؤهبة لها والبدء بالعلاج المناسب.

المحتويات

ما هو الاكتئاب؟

ينتج الاكتئاب عن العديد من المشاكل الاجتماعية والنفسية والجسدية، ويصيب سنويًا أكثر من 20 مليون شخص حول العالم معظمهم من الطبقة العاملة، أو ممن تعرضوا للكثير من المشاكل والأحداث في حياتهم مثل فقدان عزيز أو خسارة وظيفة.

كما أنه يؤثر على جوانب حياتك كافة من الإنتاجية في العمل إلى الأداء المدرسي وعلاقتك مع عائلتك وأصدقائك، وقد يقود إلى الانتحار، فبحسب منظمة الصحة العالمية يموت أكثر من 700,000 شخص سنويًّا بسبب الانتحار، كما أنه رابع سبب للوفاة بعمر 15-29 عامًا.

بالرغم من وجود العديد من طرق العلاج الفعالة للاكتئاب إلا أن نحو 75% من المرضى في المدن منخفضة ومتوسطة الدخل لا يحصلون على العلاج، وذلك بسبب محدودية العلاج وقلة الكوادر الطبية المؤهلة ونظرة المجتمع السلبية للذين يتلقون علاجًا نفسيًّا، كما قد يُشخَّص الاكتئاب بشكل خاطئ أو توصف أدويته لأشخاص سليمين. ^[1]

اقرأ أيضًا: ما الفرق بين الحزن والاكتئاب؟

ما أبرز أعراض الاكتئاب وعلاماته؟

تتفاوت أعراض الاكتئاب من خفيفة إلى شديدة، وذلك تبعًا لتنوع الأعراض وشدتها وتأثيرها على حياتك اليومية، وهناك الكثير من الأعراض التي تختبرها في هذه الفترة، ومن أهمها:

المزاج الاكتئابي مثل: الشعور بالحزن والفراغ والغضب.
فقدان المتعة وعدم الرغبة في ممارسة النشاطات المعتادة.
قلة التواصل مع الآخرين.
الشعور بالذنب وقلة القيمة وفقدان الأمل في المستقبل.
التفكير بالموت والانتحار.
مشاكل في النوم، وتغيرات في الشهية والوزن.
الشعور الدائم بالتعب والألم دون وجود سبب معين لذلك.

كما قد يتطور الاكتئاب إلى اضطراب ثنائي القطب، وهو تناوب بين نوبات من الاكتئاب ونوبات من الهوس، مثل: التهيج والشعور أن لديك طاقة عالية وعدم الرغبة في الذهاب إلى النوم، والحديث المستمر وشلال من الأفكار المتهافتة في عقلك، والتشتت والسلوك المتهور.

كيف يمكن علاج الاكتئاب؟

هناك العديد من العلاجات الفعالة للاكتئاب اعتمادًا على شدته، فأكثر من 80% من الأشخاص يمكنهم التعافي منه إذا اكتُشف مبكرًا واستُخدمت الطرق المناسبة لعلاجه.

إذ يقدم الأطباء علاجات نفسية مثل: التنشيط السلوكي والعلاج المعرفي السلوكي، بالإضافة إلى بعض الأدوية اللازمة لدعم العلاج مثل: مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة وغيرها، لكن نظرًا للآثار السلبية التي تحصل بسبب هذه الأدوية لا يلجأ لها الأطباء فورًا، إذ يمكن اللجوء مثلًا لجلسات الدعم النفسي التي تساعدك على الاستفادة من خبرات الآخرين، فالأوية ليست دائمًا الخيار الأول لعلاج الاكتئاب متوسط الشدة، كما لا يمكن استخدامها لعلاج الاكتئاب عند الأطفال ولا بد من استخدامها بحذر شديد.

لا يمكنك الشفاء من الاكتئاب وحدك دون علاج، فقد يستمر لأسابيع أو أشهر أو حتى سنوات، لهذا فإن العلاج المناسب يساعدك جدًا في الشفاء منه والعودة إلى حياتك السابقة.

ما نتائج عدم الالتزام بعلاج الاكتئاب؟

عدم علاج الاكتئاب يقودك إلى نتائج سلبية، ويؤثر على علاقتك مع الآخرين، ويسبب لك مشاكل في العمل، ويصعب عليك الشفاء من بعض الأمراض، فالاكتئاب يؤثر على صحتك الجسدية ومزاجك وتفكيرك، وطريقة أكلك ونومك، ويغير نظرتك لنفسك وللأشخاص من حولك، بالإضافة إلى مجموعة من التأثيرات الأخرى:

يؤثر عدم علاج الاكتئاب على صحتك الجسدية، فقد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية والعكس صحيح، كما أن الأشخاص الذين يعانون الاكتئاب يكونون أكثر عرضة للوفاة في الأشهر القليلة بعد الجلطة القلبية، وقد وجدت الدراسات أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب والمتعافين من سكتة دماغية يجدون صعوبة في اتباع تعليمات الطبيب والتعامل مع الاختلاطات التي يسببها مرضهم.
تعد اضطرابات النوم من المشاكل الرئيسة التي تحدث نتيجة الاكتئاب، وأكثرها شيوعًا هو الأرق، إذ يشعر المريض بحاجة ملحة للنوم، والتعب الشديد، وقلة النشاط، ونقص القدرة على التركيز بعد ليلة طويلة خالية من النوم. كما يسبب الاكتئاب زيادة أو خسارة في الوزن، وفقدان الأمل بالمستقبل وغيرها من الأعراض التي تختفي تدريجيًّا بعد العلاج، وتعيد لك السيطرة على حياتك من جديد.
يختلف الاكتئاب عند النساء عن الرجال، فالرجال الذين لا يخضعون للعلاج يقودون بطريقة متهورة، ويغضبون وينفعلون بسرعة أكبر من النساء، فالرجال غير واعين لفكرة أن الأعراض الجسدية مثل الصداع، واضطرابات الهضم، والآلام المزمنة قد تكون إحدى أعراض الاكتئاب. كما قد يلجأ 75% من الرجال المصابين بالاكتئاب إلى الانتحار مرتين أكثر من النساء.
يؤثر الاكتئاب أيضًا على جو العائلة عامةً، إذ إن وجود شخص مكتئب في البيت يكون صعبًا جدًا ويخلق جوًّا من التوتر الدائم والمشاكل. كما يكلف عدم علاج الاكتئاب الكثير من الأموال فهو يؤثر على إنتاجيتك وتركيزك ويعطلك عن العمل.
من أسوأ ما قد يؤدي له الاكتئاب هو التفكير بالانتحار والموت، لذا يجب الانتباه جيدًا إلى كل شخص تخطر في باله أفكار عن الموت أو الانتحار، وتقديم الرعاية المناسبة له كي لا يتجه إلى تنفيذ هذه الأفكار، وبالرغم من أن معظم المصابين بالاكتئاب لا يقدمون على الانتحار، إلا أن 90% من الأشخاص الذين توفوا بسبب الانتحار كانوا يعانون من الاكتئاب أو أمراض نفسية أخرى، وما يقارب 40% منهم أكبر من 60 عامًا، وذلك لأن الأشخاص في هذه الفئة العمرية معرضون أكثر من الأصغر سنًّا للصدمات العاطفية، وخسارة الأصدقاء والأمراض المزمنة، والتغيرات الكبيرة في الحياة كالتقاعد مثلًا. ^[2]

مهما كانت حياتك صاخبة وفيها مشاكل، انتبه إلى نفسك جيدًا، وإذا لاحظت أيًّا من الأعراض السابقة سارع إلى استشارة الطبيب نفسي، فذلك يسهل عليك الطريق ويجنبك الكثير من المشاكل، فالكثير من الأشخاص يتعافون بالعلاج النفسي وبعض الأدوية، والحل موجود دائمًا وكل ما عليك هو اتخاذ القرار الصحيح فقط. ويمكنك الحصول على مساعدة عبر تطبيق كيورا، ستجد هناك مجموعة من أفضل البرامج والأطباء المتخصصين في المملكة العربية السعودية. انضم الآن إلى برنامج العودة للحياة بعد الاكتئاب. ويمكنك أيضًا التواصل معنا عبر واتس آب.