أهمية الرضاعة الطبيعية وفوائدها النفسية والجسدية للطفل

لا شك في أنّ الرضاعة الطبيعية مهمة لصحة الطفل، ما هذه الفوائد؟

تعتبر الرضاعة الطبيعية أفضل طريقة لضمان صحة الطفل وتعزيزها، ورغم أهمية هذا الموضوع والتوعية الكبيرة حوله، فإن حوالي 60% من الأطفال لا يحصلون على الرضاعة الطبيعية خلال الأشهر الستة الأولى تحديدًا.

توصيات ونصائح مهمة

توصي منظمة الصحة العالمية بأن يبدأ الأطفال الرضاعة الطبيعية في غضون الساعات الأولى للولادة، وأن تكون الرضاعة الطبيعية هي الغذاء الوحيد المقدم للطفل خلال الأشهر الستة الأولى من الحياة إلا في حالات خاصة أو إذا اقتضت الضرورة عكس ذلك، ما يعني عدم الحاجة لأي أطعمة أو سوائل أخرى، أما بعد عمر 6 أشهر يمكن أن يبدأ الأطفال في تناول الأطعمة الآمنة لهذا العمر، مع الاستمرار في الرضاعة الطبيعية لمدة تصل إلى عمر 1.5 – 2 سنة. كما يوصى بإرضاع الأطفال رضاعة طبيعية عند الطلب، أي بالقدر الذي يريده الطفل، ليلًا ونهارًا، ويفضّل عدم استخدام زجاجات أو حلمات أو لهايات.

يشكل حليب الأم الغذاء الأفضل للرضّع، ويتميز بكونه آمنًا ونظيفًا وغنيًا بالأجسام المضادة التي توفر الحماية من العديد من أمراض الطفولة الشائعة، ويوفر الطاقة والمغذيات التي يحتاجها الرضيع في الأشهر الأولى من عمره، ويستمر في توفير ما يصل إلى النصف أو أكثر من احتياجات الطفل الغذائية خلال النصف الثاني من العام الأول، وحتى الثلث خلال النصف الأول من العام الثاني من العمر.

أهم فوائد الرضاعة الطبيعية للطفل

يوفر حليب الأم التغذية المثالية للرضع، ويحتوي على مزيج متكامل تقريبًا من الفيتامينات والبروتينات والدهون، أي كل ما يحتاجه الطفل لينمو، ويتم توفيرها جميعًا في صورة يسهل هضمها أكثر من حليب الأطفال الصناعي.

يحتوي حليب الأم على أجسام مضادة تساعد طفلك على مقاومة الفيروسات والبكتيريا. كما تقلل الرضاعة الطبيعية من خطر إصابة طفلك بالربو أو الحساسية، بالإضافة إلى ذلك، فإن الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية حصريًا خلال الأشهر الستة الأولى، دون أي تركيبة إضافية، تكون إصابتهم أقل بالتهاب الأذن، وأمراض الجهاز التنفسي، ونوبات الإسهال. ولديهم أيضًا عدد أقل من الاستشفاء وزيارات الطبيب. تشير الدراسات إلى أن الرضاعة الطبيعية تلعب أيضًا دورًا في الوقاية من متلازمة موت الرضيع المفاجئ SIDS، ويُعتقد أنه يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري والسمنة وأنواع معينة من السرطان، كما أن الأطفال الذين يرضعون من الثدي يبلون بشكل أفضل في اختبارات الذكاء.

إذا كان حليب الأم والرضاعة الطبيعية مرتبطين بذكاء أعلى، فإن آلية هذا التأثير على نمو الدماغ غير معروفة حاليًا، لكن اقترحت الأبحاث أن وجود الأحماض الدهنية غير المشبعة طويلة السلسلة، خاصة حمض الأراشيدونيك وحمض الدوكوساهيكسانويك في حليب الأم، هي المسؤولة عن هذا التأثير. تعتبر هذه الأحماض الدهنية من العناصر الغذائية الأساسية للرضع، لأنها موجودة في الدهون الهيكلية الأساسية التي تدخل في تكوين الدماغ والأنسجة العصبية.

يشار إلى حليب الأم أحيانًا بالدم الأبيض، لأنه يعتبر مشابهًا لدم المشيمة في الحياة داخل الرحم، لأنه قادر على نقل العناصر الغذائية، والتأثير على النظم الكيميائية الحيوية، وتعزيز المناعة، ومكافحة مسببات الأمراض، ومن خلال استخدام تقنيات مخبرية متطورة، أثبت العديد من الباحثين العلميين خصائص حليب الأم وميزاته التي تحافظ على حياة الرضيع وتدعمها.

تلعب الغدة الصعترية (التيموس) دورًا في تطوير جهاز المناعة من خلال توفير البيئة المناسبة لتمايز الخلايا التائية ونضجها. يكون حجم الغدة الصعترية لدى الرضع في عمر 4 أشهر الذين يرضعون رضاعة طبيعية حوالي ضعف حجم الغدة لدى الرضع الذين يتغذون فقط من حليب الأطفال الصناعي. يستمر هذا الاختلاف في الحجم حتى يبلغ الطفل 10 أشهر على الأقل. على الرغم من أن حجم الغدة الصعترية يمكن أن يتأثر بالعديد من العوامل الأخرى، لكن يبدو أن للحليب الطبيعي دورًا مهمًا في ذلك.

الفوائد النفسية والعاطفية للرضاعة الطبيعية

غالبًا ما تكون الأم والطفل بمفردهما أثناء الرضاعة الطبيعية، وتولي الأم اهتمامها الكامل للطفل، بينما يكون التفاعل الاجتماعي والعاطفي مع الطفل أقل تواترًا أثناء الرضاعة الصناعية، وغالبًا ما تكون الأم في وضع مشتت وغير مناسب للانتباه أو يقوم شخص آخر بإطعام الرضيع. يتحكم الرضيع الذي يرضع من الثدي فيما يحدث، أو على الأقل يشترك في السيطرة، بينما تتحكم الأم في الزجاجة ونوبات الرضاعة، ففي دراسة أجريت على الأطفال حديثي الولادة في عمر 6 إلى 7 أيام، تم قياس تأثيرات الرضاعة الطبيعية وإعطاء حليب الثدي بالزجاجة وحمل الرضيع فقط. أشارت النتائج إلى أن التفاعل الإجمالي بين الأم والرضيع أثناء الرضاعة الطبيعية له تأثير إيجابي نفسيًا على حديثي الولادة. تؤدي الرضاعة إلى حالة أكثر استقرارًا للرضيع مقارنةً بالحالة الناتجة عن إعطاء نفس حليب الأم في زجاجة ويزيد أيضًا من كمية ومرات الرضاعة.

يساعد التقارب الجسدي والتواصل البصري بين الأم والطفل على تعزيز الارتباط والشعور بالأمان، ومن المرجح أن يكتسب الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية قدرًا مناسبًا من الوزن خلال نموهم بدلًا من زيادة الوزن التي قد تحدث في سياق الرضاعة الصناعية، إذ أظهرت العديد من الدراسات أن الأطفال الذين يرضعون من الثدي أقل عرضة للإصابة بالسمنة مقارنة بالأطفال الذين يرضعون بالزجاجة. تظهر الدراسات أن الزيادات في الطول ونمو محيط الرأس متساوية عند كلا المجموعتين، ويعتبر الطول مؤشرًا موثوقًا لتقييم نمو الرضيع، وتظهر دراسة عن وجود فرق واضح في الطول بين الرضع الذين يرضعون من الثدي والرضع الذين يرضعون الحليب الصناعي أن الرضع الذين يرضعون حليبًا اصطناعيًا معرضون أكثر للإفراط بالحليب. هناك مجموعة من الأبحاث من بلدان مختلفة تقدم أدلةً على وجود صلة بين تجربة الرضاعة الطبيعية والتطور المعرفي في وقت لاحق من الحياة، بما في ذلك تعزيز الذاكرة، مع امتلاك مهارات لغوية أكبر.

بالإضافة إلى التأثير على النمو المعرفي للأطفال، هناك أدلة على أن الرضاعة الطبيعية تؤثر أيضًا على النمو الاجتماعي والعاطفي لدى الأطفال. تشير الأبحاث إلى أن تجربة الرضاعة الطبيعية مرتبطة بالاختلافات في مزاج الرضيع، وأظهرت أن الأطفال في عمر 3 أشهر الذين يرضعون من الثدي يتمتعون بنشاط أكبر من الأطفال الذين يرضعون الحليب الصناعي.

المصادر: 12

Loading spinner
Share your love