التدخين والرئة: حقائق ومعلومات عن العلاقة المدمرة

التدخين من العادات السيئة، حيث يؤثر على الرئة، وقد تكون العواقب وخيمة.

يشكل التدخين مشكلة صحية حقيقية، ولم يعد يخفى على أحد تأثيراته الضارة على جميع أعضاء الجسم، مما يزيد خطورة التدخين سهولة الحصول عليه ورخص ثمنه، بالإضافة لأن تأثيراته الجانبية لا تظهر فورًا بل هي تدريجية وتتراكم خلال السنين، وعندما تظهر عقابيل التدخين يكون الأوان قد فات.

تسبب مادة النيكوتين الموجودة داخل السجائر الإدمان، ما يجعل الإقلاع عن التدخين أمرًا صعبًا، بالإضافة للنيكوتين هناك حوالي 7000 مادة كيميائية تنطلق عند اشتعال السجائر، وكل هذه المواد يتم استنشاقها إلى داخل الجسم، من بينها أكثر من 70 مادة معروفة بتأثيراتها المُسرطنة.

تأثيرات التدخين على الطرق التنفسية والرئتين

يؤثر التدخين على جميع أعضاء الجسم تقريبًا، لكن تأثيراته المدمرة على الرئة والطرق التنفسية تفوق بقية التأثيرات بسبب التماس المباشر للمواد السامة التي يطلقها التدخين مع خلايا الرئتين والطرق التنفسية العلوية، ومن أهم هذه التأثيرات:

العدوى والالتهابات المتكررة:

يسبب التدخين زيادةً في نمو الخلايا المنتجة للمخاط في الرئتين والطرق التنفسية، وهو ما يؤدي إلى ثخانة وزيادة كمية المخاط المنتجة، ما يساهم في زيادة العبء على الطرق التنفسية في التخلص من هذا المخاط الزائد، وقد يسبب انسدادها جزئيًا ويحرّض السعال، بالإضافة إلى أن هذا المخاط الزائد يكون عرضةً للإصابة بالعوامل الممرضة ما يزيد من احتمال الإصابة بالإنتانات التنفسية، بالإضافة لذلك يعيق التدخين آليات الدفاع الطبيعية للرئتين فيجعلها عرضة للعدوى الجرثومية والفيروسية والالتهابات المتكررة.

يقلل التدخين من حجم الهواء الجاري في الرئتين:

تسبب كل سيجارة يتم تدخينها تهيجًا والتهابًا في الطرق التنفسية، مما يؤدي لزيادة السعال وضيق التنفس، وقد يسبب التدخين انخفاضًا في مستوى الأكسجين الذي يصل إلى مختلف أنحاء الجسم، لأنه يقلل عدد الطرق الهوائية والأوعية الدموية الفعالة في عملية التبادل الغازي في الرئتين.

يؤثر التدخين على الأهداب التنفسية:

الأهداب التنفسية هي عبارة عن أشعار صغيرة بشكل المكنسة توجد على كامل مساحة الطرق التنفسية تقريبًا، وظيفتها الأساسية هي أن تحافظ على نظافة الرئتين. وأثناء التدخين تتباطأ حركة الأهداب لمدة قد تصل إلى عدة ساعات، ويؤدي التدخين لفترة طويلة لتقليل عدد الأهداب المتواجدة على سطح الطرق التنفسية، ما يبقي عددًا قليلًا فقط منها للقيام بهذه الوظيفة الضرورية لصحة وسلامة الرئتين.

أمراض الرئة المزمنة:

يعتبر تدخين السجائر هو عامل الخطر الأهم للإصابة بالداء الرئوي الانسدادي المزمن (COPD)، وقد قدرت الدراسات أنه مسؤول عن أكثر من 50% من حالات الداء الرئوي الانسدادي المزمن حول العالم. ولكن الآلية التي يسبب بها التدخين هذا المرض غير واضحة بدقة حتى الآن، ويُعتقد أن العوامل البيئية تساهم أيضًا في تطور التهاب الرئة.

سرطان الرئة:

يزداد خطر الإصابة بسرطان الرئة عند المدخنين بحوالي 15 – 30 ضعفًا مقارنة بغير المدخنين. يحتل المركز الأول بين عوامل الخطورة المسببة لسرطان الرئة، فقد قدرت إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن التدخين يرتبط بحوالي 80-90% من وفيات سرطان الرئة. تساهم كل من كمية السجائر المدخنة في اليوم والفترة التي أمضاها الشخص مدخنًا في زيادة احتمالية الإصابة بالسرطان، فكلما زاد عدد السجائر المدخنة في اليوم، زاد خطر الإصابة بالسرطان (قد يكون التقليل من عدد السجائر المدخنة في اليوم الخطوة الأولى للحد من هذه المخاطر)، ولكن عدد السنوات التي أمضاها الشخص مدخنًا هي العامل الأهم في زيادة هذا الخطر، ولذلك من المهم أن يخطط الشخص للإقلاع عن التدخين نهائيًا، وليس فقط التقليل من كميته حتى ينقص خطر الإصابة بسرطان الرئة.

بالإضافة لسرطان الرئة يعتبر التدخين عاملًا مؤهبًا للإصابة بعدد من الأورام الخبيثة، ومن أهمها:

  • سرطان الفم.
  • سرطان الحنجرة.
  • سرطان البلعوم.
  • سرطان المريء.
  • سرطان المعدة.
  • سرطان الكلية.
  • سرطان المثانة.
  • سرطان القولون.

التدخين وأذية المادة الوراثية:

توجد المادة الوراثية DNA في جميع خلايا جسمنا، وهي التي تتحكم في عمل هذه الخلايا. أثبتت الدراسات أن التدخين قد يسبب أذية دائمة في المادة الوراثية للخلايا. تدخل المواد الضارة عن طريق الرئتين وتنتشر في كامل الجسم، وهذه المواد الكيميائية السامة تسبب أذية للمادة الوراثية، وما يزيد الأمر سوءًا أن هذه المواد الكيميائية تزيد من صعوبة عملية إصلاح أذيات المادة الوراثية، وربما تمتد الأذية لتشمل المورثات التي تحمينا من الإصابة بالسرطان. فتتراكم أذية المادة الوراثية في نفس الخلية وتؤدي مع الوقت لتطورها إلى خلية سرطانية.

ماذا عن التدخين غير المستمر، التدخين الخفيف، والتدخين السلبي؟

مع الأسف فإنه لا يوجد حد آمن للتدخين، فتدخين 1-10 سجائر يوميًا يزيد خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتدخين ومنها السرطانات المختلفة. وجدت إحدى الدراسات أنه حتى التدخين بمعدل سيجارة واحدة في اليوم يزيد بشكل كبير من خطر العديد من الأمراض مقارنة مع الأشخاص الذين لم يدخنوا أبدًا. مع الأسف فإن التعرض للتدخين السلبي يزيد خطر الإصابة بمختلف أنواع السرطانات التي لها علاقة بالتدخين بحوالي 30% مقارنة مع الأشخاص الذين لم يتعرضوا للدخان، بالإضافة إلى أنه قد يؤدي إلى الإصابة بالنفاخ الرئوي وله تأثير سلبي على الجهاز القلبي الوعائي. يعتقد بعض الأشخاص بشكل خاطئ أن السيجار والغليون أكثر أمانًا من السجائر العادية، ولكن في الواقع إن منتجات التبغ هذه تحمل نفس الخطر التي تحمله السجائر العادية على الصحة.

في النهاية لا بد من التنويه إلى أنه كلما أقلع الشخص عن التدخين بشكل أبكر كلما قل خطر إصابته بالعواقب التي يسببها التدخين، ولم يفت الأوان على الإقلاع عن التدخين حتى لو كان الشخص مدخنًا لسنوات طويلة، ويجب على أي مدخن ألا يتردد في اتخاذ القرار، والبحث عن المساعدة في حال لم يستطع الإقلاع عن التدخين بمفرده.

المصادر: 123

Loading spinner
Share your love