سرطان الجلد: أسبابه، أعراضه، علاجه

ينتشر سرطان الجلد بين عدد من الناسـ فما هو؟ وهل يمكن علاجه؟

السرطان مرضٌ قديم قدم الإنسان نفسه، وهو مرض شديد الشيوع والانتشار، إذ تقدر منظمة الصحة العالمية تسجيل 15 مليون حالة سرطان جديدة في العالم كل عام، ومن بين هذه الأورام  يعتبر سرطان الجلد أشيع الخباثات التي تصيب الإنسان، إذ تُظهر إحصائيات الجمعية الأمريكية للسرطان أن شخصًا من بين كل خمسة أشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية يُصاب بسرطان الجلد، مع تسجيل 9,500 حالة جديدة يوميًا، لكن مع تطور أساليب التشخيص والعلاج زادت حالات الشفاء الكامل بشكل كبير ولم يعد سرطان الجلد ذلك المرض الخطير الذي كان عليه.

مقدمة عن سرطان الجلد وأنواعه

ينشأ سرطان الجلد من خلية خبيثة واحدة فقدت قدرتها على الانقسام الطبيعي، وبدأت تتكاثر دون انتظام بشكل شاذ، ويحدث ذلك خصوصًا في أماكن الجسم المكشوفة والمعرضة لأشعة الشمس. يبدأ هذا النمو نتيجة خلل يصيب المادة الوراثية، ويفقدها المورثات اللازمة لإصلاح الأخطاء وحذفها، ما يراكم الطفرات والسلاسل المورثية الشاذة حتى تصل إحداها إلى درجة الخباثة وتبدأ عملية التكاثر العشوائي، وهذه الآلية مشتركة بين كل الأورام الخبيثة.

تُصنف سرطانات الجلد إلى فئتين رئيستين اعتمادًا على نوع الخلية التي تنشأ منها:

سرطان الخلايا المتقرنة:

يمكن تقسيم هذه الفئة إلى نوعين: سرطان الخلايا الشائكة وسرطان الخلايا القاعدية، وهما الأشيع بين سرطانات الجلد، ويترافقان مع التعرض لأشعة الشمس، لذا غالبًا ما يظهران على الوجه والعنق وأعلى الصدر والطرفين العلويين. لا تميل هذه الأنواع إلى الانتشار إلى أماكن أخرى في الجسم، ما يقلل من خطورتها ويسمح بعلاجها بسهولة وفعالية، لكن إهمال الحالة يسمح بنمو الورم وانتقاله لأعضاء أخرى، ما يجعله مهددًا للحياة.

الميلانوما:

تتطور الميلانوما من الخلايا الصباغية ضمن الجلد، وهي الخلايا المسؤولة عن إعطاء الجلد لونه الطبيعي. تنشأ الشامات الحميدة عادةً من هذه الخلايا، لكنها قد تتحول للخباثة. قد تتطور هذه الشامات في أي مكان في الجسم، لكنها تشيع عند الرجال في الصدر والظهر، وعند النساء في الساقين. يمكن شفاء أغلب حالات الميلانوما إذا كُشفت وعولجت بشكل باكر، لكن إهمالها سيسمح لها بالانتشار إلى أماكن أخرى من الجسم ما يجعل علاجها أمرًا معقدًا للغاية.

أسباب سرطان الجلد وأهم العوامل المؤهبة له

يتطور سرطان الجلد نتيجة النمو الشاذ لأحد أنواع الخلايا الثلاث في الجلد، إذ تنقسم هذه الخلايا دون توقف لتشكل كتلة ورمية قد تنتشر لاحقًا إلى أماكن أخرى عبر الجهاز اللمفاوي عادة. تحدث أغلب سرطانات الجلد نتيجة التعرض الطويل للأشعة فوق البنفسجية الموجودة في أشعة الشمس، والتي قد تسبب ضررًا للمادة الوراثية الموجودة ضمن الخلايا ما يؤدي لحدوث السرطان.

تشمل عوامل الخطر التي تزيد احتمال الإصابة بسرطان الجلد:

  • التعرض الطويل لأشعة الشمس: إن الحروق الشمسية أو قضاء وقت طويل تحت أشعة الشمس بشكل مباشر يزيد خطورة حدوث كل من سرطان الخلايا المتقرنة والميلانوما.
  • الأشخاص ذوو الجلد والعيون فاتحة اللون: كلما نقص الصباغ الموجود في الجلد تنقص الحماية من الأشعة فوق البنفسجية، لذا تكون نسبة إصابة الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة أكبر بكثير.
  • المناخ: يزداد انتشار سرطان الجلد في المجتمعات التي تعيش في المناخ الدافئ أو المرتفعات العالية حيث يزداد تعرضهم المباشر لأشعة الشمس.
  • العمر: ترتفع خطورة حدوث السرطان مع التقدم بالعمر، وتكون أعلى نسبة عند الأشخاص فوق سن الخمسين.

أعراض وعلامات سرطان الجلد

تعتمد أعراض سرطان الجلد على حجم الورم وموقعه، وإصابته بالتنخر والالتهاب، إضافة إلى وجود النقائل السرطانية. لا تتطابق الأعراض بين جميع سرطانات الجلد، ويجب أن يثير أي تغير في شكل شامة قديمة أو حجمها الشك بالتحول إلى الخباثة. يساعد الانتباه إلى هذه العلامات في الكشف المبكر عن الورم، وتشمل:

  • الآفات الجلدية: ظهور شامة جديدة مع نمو شاذ، أو نشوء قرحة جلدية أو بقعة متقشرة أو داكنة اللون لا تزول خلال أسبوعين.
  • عدم التناظر: إذ يكون سطح الآفة مختلف الحجم والارتفاع.
  • الحدود: تكون حدود الشامة الخبيثة عادةً غير منتظمة.
  • اللون: تظهر الآفة لونًا شاذًا كالأبيض أو الزهري أو الأسود أو الأزرق أو الأحمر.
  • القطر: يزيد قطر الآفة الخبيثة عن ربع إنش (0.6 سم).

أعراض وعلامات سرطان الجلد قاعدي الخلايا

يحدث هذا السرطان عادةً في الأماكن المعرضة للشمس مثل العنق والوجه، وقد يظهر بالمواصفات التالية:

  • قوام متلألئ أو شمعي الشكل.
  • آفة ندبية مسطحة بنية أو لحمية اللون.
  • قرحة نازفة تشفى وتعاود النكس لاحقًا.

أعراض وعلامات سرطان الجلد شائك الخلايا:

يشيع حدوث هذا السرطان في الوجه والأذنين واليدين، خاصةً عند داكني البشرة. قد يظهر السرطان شائك الخلايا بشكل عقدة حمراء قاسية القوام، أو آفة ذات سطح متقشر.

أعراض وعلامات سرطان الميلانوما:

تصيب الميلانوما الوجه والجذع عند الرجال، والطرفين السفليين عند النساء، بينما تظهر على الراحتين والأخمصين أو تحت الأظافر عند داكني الجلد، وتمتاز بقدرتها على إصابة الجلد غير المعرض لأشعة الشمس.

تشمل أهم علامات الميلانوما:

  • بقعة بنية كبيرة مع نقاط داكنة ضمنها.
  • شامة تغير لونها أو حجمها أو بدأت بالنزيف.
  • آفة صغيرة حوافها غير منتظمة ذات ألوان مختلفة في بعض أجزائها.
  • آفة مؤلمة حاكة أو حارقة.
  • آفة داكنة على الراحتين والأخمصين أو رؤوس الأصابع أو في الأغشية المخاطية المبطنة للفم والأنف والمهبل والشرج.

علاج سرطان الجلد

تمثل الجراحة العلاج الرئيسي لسرطان الجلد، ويمكن استخدام العلاجات غير الجراحية مثل التجميد والمراهم المضادة للسرطان والعلاج الضوئي الميكانيكي والعلاج الشعاعي والعلاج الكهربائي الكيميائي في حالات خاصة. ينجح العلاج الجراحي عادةً في شفاء 90% من حالات سرطان الجلد غير الميلانومي.

يعتمد اختيار العلاج على نوع السرطان ومرحلته (حجمه وانتشاره) وصحة المريض العامة، ويوصي الفريق الطبي بالنظام العلاجي الأفضل بناء على العوامل السابقة، لكن المريض يملك الحق في المشاركة في اختيار العلاج، تشمل الأساليب العلاجية المتبعة:

  • الاستئصال الجراحي: إزالة كتلة الورم مع النسيج السليم المحيط بها للتأكد من عدم بقاء خلايا خبيثة، وقد تشترك مع التطعيم الجلدي لتغطية مكان الاستئصال وتحسين النتيجة التجميلية النهائية. يكون العلاج الجراحي كافيًا عادةً لشفاء سرطان الجلد.
  • التجريف الميكانيكي والكهربائي: وهي طريقة مشابهة للاستئصال الجراحي، لكنها تناسب حالة السرطان صغير الحجم فقط. يستخدم الجراح مشرطًا جراحيًا شبيهًا بالملعقة لجرف الكتلة الخبيثة قبل تخثير الجلد لإزالة أي خلايا سرطانية متبقية، ويجب إعادة الإجراء مرتين أو ثلاث للتأكد من إزالة الخباثة بشكل كامل.
  • العلاج بالتبريد: تعتمد هذه الطريقة على تبريد السرطان باستخدام النتروجين السائل إلى درجة تموت فيها الخلايا وتشكل قشرة مكان الآفة، وبعد نحو شهر، تسقط القشرة الحاوية على السرطان تاركةً ندبةً صغيرة على الجلد.
  • العلاج الضوئي الديناميكي: وهو خاص بسرطان الجلد قاعدي الخلايا، ويشمل تطبيق مرهم يزيد الحساسية للضوء، ثم يوجه مصدرًا ضوئيًا قويًا إلى المنطقة المصابة لتقضي على الخلايا السرطانية. قد تسبب هذه الطريقة حروقًا وندبات جلدية، لكن آثارها تبقى أخف من الاختلاطات الجراحية.
  • العلاج الشعاعي: يشمل تطبيق جرعة منخفضة من الأشعة على الآفة لقتل الخلايا السرطانية، وهو يُستخدم في الحالات التي لا تناسبها الجراحة، أو عندما يغطي السرطان مساحةً واسعةً من الجلد، أو عندما يصعب الوصول لمنطقة الآفة بالاستئصال الجراحي.
  • علاجات أخرى: مثل المراهم المضادة للسرطان والعلاج الكهربائي الكيميائي.

لعل أهم ما يميز سرطانات الجلد هو قدرتنا على رؤيتها، ما يمنحنا فرصة أكبر لاكتشاف الورم باكرًا وعلاجه بشكل ناجح وفعال، ولذا من الضروري مراجعة الطبيب مباشرة بعد ملاحظة أي من علامات التحذير التي ذكرناها للحصول على الإرشاد الطبي المناسب وتجنب الوصول إلى مراحل متقدمة لا تُحمد عقباها.

المصادر: 1234

Loading spinner
Share your love