ظهرت الجراحة الروبوتية خلال العقدين الماضيين كنوع حديث ومتطور من أنواع الجراحة. يتم استخدام الروبوت في الجراحة للاستفادة من الميزات الكبيرة التي يقدمها، فهو يساعد الجرَّاح على التحكم في أدوات القطع ويحقق نتائج أفضل بكثير من الجراحة التقليدية، ومن أهم الميزات التي يقدمها: ألم أقل وفترة استشفاء قصيرة وشقوق جراحية أصغر.
المحتويات
ما التقنية التي تعمل بها الروبوتات الجراحية؟
تُشبه تقنية الجراحة الروبوتية ألعاب الفيديو أو تقنيات المحاكاة والواقع الافتراضي، إذ يُستخدم فيها أذرع صناعية للقيام بالعمل الجراحي، ويجلس الطبيب في كبينة الجرَّاح التي تمكنه من التحكم بالروبوت ورؤية ساحة العمل الجراحي بشكل ثلاثي الأبعاد. تُثبت كاميرا على أحد الأذرع وتحمل بقية الأذرع أدوات جراحية صغيرة جدًا، يكون حجمها نحو 5-8 ملم وبالتالي تستطيع الوصول إلى أجواف ومناطق لا تستطيع اليد البشرية الوصول إليها. سهلت الجراحة الروبوتية إجراء عدد كبير من الجراحات البولية والنسائية بشكل خاص خلال السنوات العشر الماضية، إذ تُستخدم عند المرضى الصغار المصابين بسرطان الخصى المنتشر إلى العقد اللمفاوية بدلًا من العلاج الشعاعي، الذي كان يستخدم كبديل عن العمل الجراحي التقليدي.
إنَّ هذا النوع من الجراحة آمن، فالطبيب يتحكم بالروبوت ويقوم بكل ما يأمره به ولا يستطيع اتخاذ أي قرار بمفرده، كما يتلقى الأطباء دورات تدريبية مكثفة ليتمكنوا من العمل على هذا الجهاز. يستخدم الأطباء الروبوتات الجراحية لإجراء عدد واسع من العمليات الجراحية مثل:
- أمراض الجهاز الهضمي، كأمراض القولون والمستقيم والطرق الصفراوية والكبد والمرارة والمري والمعدة والبنكرياس كما يمكن علاج الفتوق ومشاكل البلع.
- أمراض الجهاز البولي التناسلي مثل بطانة الرحم الهاجرة واستئصال الرحم ومشاكل غدة الكظر والكليتين والمثانة والنزف غير الطبيعي في الرحم.
- أمراض الجهاز العصبي كفتق القرص الفقري (الديسك) والجنف وتضيق العمود الفقري.
- مشاكل الرقبة والرأس ومنها السرطان، ونوب توقف التنفس أثناء النوم والتهاب اللوزات واستئصال الأورام.
- كما تساعد الجراحة الروبوتية في علاج البدانة وأمراض القلب والرئتين وغيرها.
إيجابيات وسلبيات الجراحة الروبوتية
سمحت الجراحة الروبوتية للأطباء بإجراء العمليات الجراحية بدقة أكبر، فالأذرع الصناعية تدور 360 درجة وتصل إلى مناطق كثيرة من الجسم، مع رؤية ثلاثية الأبعاد لساحة العمل الجراحي حتى البنى الدقيقة جدًا، ومن الإيجابيات الأخرى للجراحة الروبوتية:
- تخفيف الألم والنزيف.
- تقليل نسبة حدوث اختلاطات ما بعد الجراحة مثل العدوى.
- البقاء لفترة قصيرة في المستشفى.
- تسريع الشفاء إذ يحدث التعافي في غضون ستة أسابيع.
- العودة إلى الحياة الطبيعية بشكل أسرع.
- تحسين نوعية الحياة بعد الجراحة نظرًا لصغر مساحة العمل الجراحي.
كما تقلل من آلام الظهر والرقبة والكتفين عند الأطباء بسبب قصر زمن العمل الجراحي، إذ يجري عملية دقيقة في مساحة صغيرة جالسًا على كرسي مريح خلف جهاز التحكم، والروبوتات لا تشعر بالتعب ولا تصاب بالعدوى ولا تنقلها.
وبالرغم من جميع الإيجابيات السابقة إلا الأمر لا يخلو من بعض السلبيات، فهذا النوع من الجراحة مكلف جدًا، ويحتاج وقتًا أطول للتجهيز مقارنةً بالجراحة التقليدية، ومتوفر في مراكز خاصة تستطيع تأمين هذا النوع من التكنولوجيا ولديها عدد من الجراحين المدربين جيدًا، بالإضافة إلى احتمال حدوث أذية للأعصاب أو انضغاطها كما هو الحال في الجراحة التقليدية، أو حدوث عطل تقني في الروبوت، فبالرغم من ندرته إلا أن علينا أخذه بعين الاعتبار.
التعافي بعد إجراء الجراحة الروبوتية
يكون التعافي من العمل الجراحي بعد الجراحة الروبوتية أقصر وأسهل، ويعتمد ذلك على نوع العمل الجراحي والصحة العامة للمريض، فقد يستطيع النهوض من السرير سريعًا بعد التخدير والأكل بعد ساعات قليلة من العملية والذهاب إلى المنزل في نفس اليوم أو في اليوم الذي يليه.
يتوجب عليك الالتزام بمجموعة من التعليمات وذلك حسب نوع العمل الجراحي الذي أجريته، فقد يطلب منك الطبيب ما يلي:
- الراحة لعدة أيام بحسب إرشادات الطبيب.
- استئناف النشاطات اليومية تدريجيًّا، والعودة إلى القيادة في حال عدم استخدام المسكنات.
- تجنب حمل الأشياء الثقيلة قبل استشارة الطبيب.
- الانتباه إلى وجود أي دلائل أو مؤشرات على عدوى حول منطقة الجرح.
- تناول مسكنات للألم أو ملينات عند الحاجة.
كما عليك الاتصال بطبيبك فور الشعور بأحد الأعراض التالية:
- وجود دم كثير على ضمادات الجرح، ما يدل على وجود نزف فعال.
- علامات العدوى مثل الحمى أو خروج سائل قيحي من الجرح.
- وجع لا يخف رغم تناول الدواء المناسب.
- علامات على وجود خثرات دموية كوجود تورُّم غير طبيعي في الأطراف السفلية.
هل يمكن أن تحل الروبوتات محل الأطباء؟
تساعد الروبوتات الأطباء في إجراء العمل الجراحى وتشخيص الحالات الصعبة، لكن من ناحية أخرى يفضل المرضى التعامل مع طبيب بشري أكثر من روبوت، فهو يتعاطف معهم كما أنهم يثقون به أكثر، إذ أن استخدام الروبوت في المجال الطبي جيد ومثير أكثر من كونه آمنًا، فإننا لا نزال نثق بالخبرة البشرية أكثر من تقنيات الروبوت، فبالرغم من أن الروبوتات أدق من البشر لكنها لن تحل محلهم في أي وقت قريب.
لدينا العديد من الأمثلة على دور الروبوتات في حياتنا خاصة في السيارات والطائرات، ولهذا سيبقى وجودها في المجال الطبي شيئًا ضروريًّا وليس مخيفًا، ويجب أن نفصل أفكارنا عن الخيال العلمي ومعرفتنا بالتكنولوجيا الحالية، إذ أن عالمنا يتغير بسرعة وعندما يكون تطبيق التكنولوجيا بأمان وفعالية طريقًا لجعل الرعاية الطبية أكثر نجاحًا فمن مسؤوليتنا فعل ذلك.