التهاب المفاصل الرثياني: أعراضه، تشخيصه، علاجه

ينتشر التهاب المفاصل الرثياني،فما هو؟ وكيف يمكن علاجه؟

يعتبر التهاب المفاصل الرثياني من الأمراض الالتهابية المزمنة شائعة الحدوث في جميع أنحاء العالم. تلعب المناعة الذاتية دورًا أساسيًا في حدوث هذا المرض الذي يصيب المفاصل ويؤدي إلى أذيتها وتخربها في النهاية. قد يحدث التهاب المفاصل هذا في جميع الأعمار، ولكنه أكثر شيوعًا بين أعمار 40 – 50 عامًا، ويصيب الإناث أكثر من الذكور.

أسباب التهاب المفاصل الرثياني والعوامل المؤهبة له

يبدأ التهاب المفاصل الرثياني عندما يهاجم الجهاز المناعي أنسجة الجسم السليمة، إذ يرسل أجسامًا مضادة تهاجم الأنسجة الضامة، وبشكل أساسي المبطنة للمفاصل «الأغشية الزلالية»، ما يؤدي إلى تحريض عملية التهابية في تلك الأغشية، يتم فيها إطلاق مواد كيميائية قد تسبب أذية معممة في الجسم. أسباب التهاب المفاصل الرثياني غير معروفة بدقة حتى الآن، ولكن هناك العديد من عوامل الخطورة التي تتداخل مع بعضها وتؤهب للإصابة بالمرض، وتشمل:

  • عوامل وراثية: وجود مورثات معينة لدى بعض الأشخاص تجعلهم أكثر عرضةً للإصابة بالتهاب المفاصل الرثياني.
  • عوامل هرمونية: إذ يعتقد أن اضطرابات الهرمونات عند النساء قد تلعب دورًا في حدوث المرض.
  • عوامل التهابية: الإصابة ببعض الفيروسات أو الجراثيم قد تؤهب لحدوث المرض.
  • تزيد البدانة أيضًا من خطر الإصابة بالمرض.
  • المدخنون أكثر عرضة للإصابة بالمرض.
  • بعض أنواع الأطعمة الغذائية: خاصة التي يتم فيها استهلاك الصوديوم بكميات مرتفعة، إضافة إلى السكريات واللحوم الحمراء.

أعراض وعلامات التهاب المفاصل الرثياني

أكثر أعراض التهاب المفاصل الرثياني شيوعًا هي الآلام المفصلية التي تصيب المفاصل الصغيرة مثل مفاصل اليدين أو القدمين أو المعصمين، إضافة إلى الالتهاب الذي يحدث في الغشاء الزلالي للمفصل المصاب. يتميز المرض بفترات تشتد فيها الأعراض «نوبات» وفترات يكون فيها المريض طبيعيًا دون أي أعراض.

يصيب الالتهاب عادةً أكثر من مفصل (التهاب عديد المفاصل)، ويتميز بتناظر الإصابة على جانبي الجسم. يكون المفصل المصاب بالالتهاب محمرًا ومتورمًا مع صعوبة في حركته وألم عند لمسه. وقد يعاني المريض أيضًا من الشعور بيبوسة صباحية أو بعد الراحة الطويلة (أكثر من نصف ساعة).

قد تصاب المفاصل الكبيرة في الجسم أحيانًا، وقد تحدث أعراض خارج مفصلية، إذ قد يؤثر المرض في جميع أعضاء وأنسجة الجسم المختلفة، مثل الرئتين، القلب، الكلى أو العينين. تشمل الأعراض الأخرى التي قد يعاني منها المريض:

  • حرارة وتعرق ليلي.
  • وهن وتعب عام.
  • نقص وزن.
  • آلام عضلية.
  • قد تصاب المفاصل الملتهبة لاحقًا بتشوهات شكلية وعجز وظيفي.

تشخيص المرض

يعتمد تشخيص التهاب المفاصل الرثياني على الفحص السريري للمريض إضافة إلى إجراء بعض الفحوصات المخبرية، والصور الشعاعية مثل إجراء صورة شعاعية بسيطة للمفصل، أو التصوير بالأمواج فوق الصوتية، أو التصوير بالرنين المغناطيسي. تظهر الفحوصات الشعاعية مدى التخرب المفصلي الحاصل ومدى خطورته.

قد يلاحظ الطبيب بالفحص السريري وجود تورم واحمرار في المفاصل، مع شعور المريض بالألم عند لمسها. يفحص الطبيب وظيفة المفصل ومدى قدرته على الحركة، ويبحث عن وجود تشوهات مفصلية والتي قد تتطور على المدى الطويل في حال عدم الحصول على العلاج المناسب، ويبحث أيضًا عن وجود عُقيدات جلدية تسمى العقيدات الرثيانية، تظهر عند نحو 30% من المرضى على السطوح المفصلية، وتتصف بأنها متحركة تحت الجلد ومؤلمة ويقل حجمها مع المعالجة، ووجودها يدل على سوء إنذار المرض. تشمل الاختبارات الدموية التي قد يطلبها الطبيب ما يلي:

  • اختبار العامل الرثياني RF: العامل الرثياني هو بروتين يظهر نتيجة الآلية المرضية المناعية الحادثة، وهو غير نوعي لالتهاب المفاصل الرثياني، لأن مستوياته قد ترتفع أيضًا في أمراض المناعة الذاتية الأخرى وأمراض النسيج الضام وفي بعض الالتهابات المزمنة مثل السل. ووجود مستويات مرتفعة منه لدى المريض يترافق بوجود إصابة التهابية شديدة لديه.
  • قياس مستويات الأجسام المضادة الببتيدية المضادة للسيترولين Anti-CCP: التي توجد لدى معظم المرضى المصابين، وهي أكثر نوعية من RF. تفيد في تشخيص المرض ومراقبة فعالية العلاج.
  • قياس مستويات الأجسام المضادة للنواة ANA: التي ينتجها الجسم كاستجابة لأمراض المناعة الذاتية. ترتفع هذه الأضداد عند ثلث مرضى الداء الرثياني تقريبًا.
  • قياس سرعة التثفل ESR: التي تستخدم لتحديد درجة الالتهاب وشدة المرض.
  • قياس البروتين الارتكاسي الالتهابي CRP: الذي ينتجه الكبد عند وجود عدوى شديدة أو حالة التهابية قوية، إضافة إلى أنه يستخدم لمراقبة فعالية العلاج.

العلاج

لا يوجد علاج شافٍ للداء الرثياني، إذ يستمر سير المرض طوال الحياة، ولكن توجد علاجات فعالة تساعد على ضبط المرض ومنع تفاقمه. وفي السنوات الأخيرة تطورت استراتيجيات علاج جديدة وأصبحت تعطي للمريض نوعية حياة جيدة ونتائج ممتازة مع تقليل خطر تطور مضاعفات على المدى الطويل. تشمل خيارات علاج التهاب المفاصل الرثياني ما يلي:

العلاج الدوائي:

توجد أصناف دوائية متعددة تستخدم في علاج الداء الرثياني. تساعد هذه الأدوية على تخفيف ألم المريض وتخفيف شدة التهاب المفاصل، ومن أمثلتها: مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAID، الستيرويدات القشرية (الكورتيزونات)، مسكنات وخافضات الحرارة مثل الأسيتامينوفين «الباراسيتامول»، وتساعد أصناف أخرى من الأدوية على تخفيف تواتر حدوث الهجمات والحد من الأذية والتخرب المفصلي، ومنها:

مثبطات المناعة: أدوية خاصة تعمل على تثبيط الجهاز المناعي ومنعه من مهاجمة الجسم، ومن أمثلتها: الميتوتريكسات، أملاح الذهب، السلفاسالازين، الهيدروكسي كلوريكين، دي بنسلامين، السيكلوسبورين.

الأدوية البيولوجية التي أظهرت الأجيال الجديدة منها نتائج واعدة في العلاج من خلال إبطال مفعول بعض البروتينات المسؤولة عن الفاعلية الالتهابية. تستخدم خاصة عند المرضى الذين لم يستجيبوا للأدوية السابقة. من أمثلتها: العامل TNF-α «إينفليكسيماب». مشكلة هذه الأدوية أنها مرتفعة التكلفة، ويتطلب استخدامها مراقبة خاصة.

العلاج الجراحي: 

يستخدم عند فشل العلاج الدوائي، ويجرى فيه استئصال الغشاء الزليلي، أو تبديل المفصل المصاب مثل مفصل الورك أو الركبة، وقد تجرى جراحة لقطع الأوتار أو تحرير الأعصاب المتأذية.

المصادر: 12

Loading spinner
Share your love