لماذا تزايدت النوبات القلبية عند الشباب؟ التشخيص المبكر وطرق الوقاية

ما أسباب تزايد النوبات القلبية في الفترة الأخيرة لدى الشباب؟

لوحظ في هذه الأيام تزايد في نسبة حدوث النوبات القلبية عند الشباب في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات من العمر، وتبقى معرفة أسباب حدوثها عند هذه الأعمار من الاهتمامات الكبيرة لدى الأطباء من مختلف الاختصاصات.

خلال العقود العديدة الماضية اعتُبرت الشيخوخة أحد أكبر عوامل الخطورة لحدوث النوبات القلبية، والتي عادةً ما تصيب الرجال الأكبر من 50 عامًا والنساء الأكبر من 65 عامًا. في إحدى الدراسات التي أجريت على مرضى في أعمار الشباب، وجد أنه من بين المرضى الذين أصيبوا بنوبة قلبية في سن مبكرة، فإن مريض واحد من كل خمسة مرضى كان في الأربعين من عمره أو أصغر سنًا.

وخلال فترة الدراسة التي استمرت نحو 16 عامًا (بين عامي 2000 و2016)، زادت نسبة النوبات القلبية التي تصيب الشباب، وارتفعت بنسبة 2% كل عام خلال السنوات العشر الماضية، إضافةً إلى ذلك، قد يحدث عند هؤلاء الشباب الصغار نفس المضاعفات التي قد تحدث عند المرضى الأكبر سنًا عند إصابتهم بنوبات قلبية، وأهمها خطر الوفاة.

أسباب النوبات القلبية عند الشباب وعوامل الخطورة

تشمل أسباب النوبات القلبية عند الشباب وعوامل الخطورة ما يلي:

داء السكري:

إذ يقول أطباء القلبية إن الإصابة بمرض السكري من النمط الثاني يعد من أهم أسباب إصابة الشباب بالنوبات القلبية. وهناك طبعًا عوامل خطورة أخرى تزيد من خطر الإصابة بداء السكري مثل:

  • تناول الأطعمة المضرة بالصحة بكثرة.
  • زيادة الوزن والبدانة.
  • نمط الحياة الصحي السيئ وقلة النشاط البدني.

وجدت إحدى الدراسات أن من كل خمسة مرضى أصيبوا بنوبة قلبية في سن مبكرة (أي في عمر أصغر من 50 عامًا) هناك مريض واحد مصاب أيضًا بداء السكري. وذكرت الدراسة أيضًا أن هذا المريض معرض لخطر الموت وتكرار الإصابة بنوبات قلبية لاحقًا أكثر مقارنةً مع المرضى الناجين من النوبات القلبية غير المصابين بداء السكري، وكما ذُكر للتو، يعد داء السكري من أهم العوامل التي تزيد من حدوث النوبات القلبية عند الصغار في السن، ويجب أن يتلقى هؤلاء المرضى السكريين العلاج المناسب والكامل والاهتمام الكبير، وذلك عبر تغيير عوامل الخطورة الأخرى القابلة للتعديل.

عوامل وراثية:

إذ يزداد خطر الإصابة بالنوبات القلبية أيضًا في حال وجود قصة عائلية إيجابية في عمر مبكر، مثل وجود قريب ذكر من الدرجة الأولى (الأب أو الأخ أو الابن) تحت سن 55 عامًا مصاب بنوبة قلبية أو حتى سكتة دماغية، أو قريبة أنثى من الدرجة الأولى (مثل الأم أو الأخت أو الابنة) تحت سن 65 عامًا مصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.

التدخين:

إضافةً إلى خطر الإصابة بسرطان الرئة، يزيد التدخين أيضًا من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. إن معظم المدخنين المراهقين مدمنون على النيكوتين الموجود في السجائر، وهذا النيكوتين يؤدي إلى تضيق الأوعية الدموية الرئيسية في القلب ويزيد من عبء القلب وقد يسبب عدم انتظام في ضرباته.

ومع أن النيكوتين يعد العامل الأساسي الأخطر في دخان السجائر، إلا أن القطران وأول أكسيد الكربون وغيرهما من المواد الكيميائية والمركبات الأخرى الموجودة في الدخان هي مضرة أيضًا بصحة القلب وتزيد من خطر حدوث النوبات القلبية عند الشباب، إذ تزيد هذه المواد من تراكم الترسبات الدهنية في الشرايين القلبية، وتزيد من مستويات الكوليسترول والفيبرينوجين، ما يؤدي بدوره إلى زيادة خطر حدوث الجلطات الدموية المسؤولة عن حدوث النوبات القلبية.

تتضمن الأسباب والعوامل الأخرى:

تناول بعض المواد السيئة والمضرة مثل الكوكايين والماريجوانا، ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الشحوم والكوليسترول في الدم، الظروف الحياتية المعيشية القاسية وسوء الصحة النفسية، إذ إن الصحة النفسية تعد مهمة أيضًا ويجب عدم إهمالها.

طرق الوقاية:

لقد طرح أطباء القلب فكرة الوقاية الأولية والثانوية من النوبات القلبية، أي منع حدوث نوبة قلبية من الأساس أو منع تكرارها في حال حدوثها لأول مرة.

ولكن لاحقًا تم التركيز على الوقاية البدئية، أي محاولة منع تزايد عوامل خطورة الأمراض القلبية وتخفيفها قدر الإمكان، ويشمل ذلك: ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم وتجنب الخمول وقلة الحركة، وتناول الأطعمة المفيدة لصحة القلب والأوعية الدموية والابتعاد عن الطعام السيئ المضر، وترك التدخين أو التخفيف منه قدر المستطاع، وضبط مستوى الضغط الدموي المرتفع، وتجنب زيادة الوزن والبدانة، وعلاج داء السكري من النمط الثاني في حال وجوده، وعلاج ارتفاع مستويات الدهون والكوليسترول في حال وجودها أيضًا.

يجب أن يكون هناك حزم كبير في شأن تعديل عوامل خطورة تطور النوبات القلبية عند الشباب وعدم إهمالها على الإطلاق، أو إن هذا المعدل سوف يستمر في الارتفاع مع مرور الوقت. في حال ظهور أعراض واضحة وصريحة للأمراض القلبية عند الشباب يجب عدم إهمالها بحجة أن المريض صغير في السن، وأن الأمراض القلبية قليلة الحدوث عنده، وإنما يجب أخذها في الحسبان وزيارة الطبيب للاطمئنان.

توصي الدلائل الإرشادية الحديثة بضرورة تقييم صحة القلب والأوعية الدموية لدى الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و39 عامًا وليس لديهم قصة عائلية قلبية كل 4 إلى 6 سنوات. أما بالنسبة للأشخاص الذين لديهم قصة عائلية إيجابية للأمراض القلبية، فمن المهم أن تتم زيارة الطبيب في وقت مبكر حتى يتم تشخيص الإصابة باكرًا وتقديم العلاج المناسب في الوقت المناسب.

حتى لو كنت صغيرًا في السن، فإن إصابتك بنوبة قلبية ستعرضك لخطر الإصابة لاحقًا بأمراض القلب والأوعية الدموية، وسيكون لديك نفس خطر المضاعفات التي قد يتعرض لها المرضى الأكبر منك في السن، إذ إن صغر السن كما نرى لا ينفي خطر حدوث النوبات القلبية. 

Loading spinner
Share your love