ما هي اضطراب الشخصية؟ وما أشيع أنواعها؟

هناك العديد من الاضطرابات الشخصية، ما هي؟ وهل يمكن علاجها؟

من المثير أن نعلم أنَّ كلمة شخصية مشتقة من المصطلح اللاتيني persona، والتي تشير بمعناه الحرفي إلى قناع مسرحي يرتديه الممثلون من أجل الظهور بأدوار مختلفة أو إخفاء هوياتهم.

تشير الشخصية إلى الفروق الفردية في الطريقة التي يميل بها الناس إلى التفكير والشعور والتصرف. تركز دراسة الشخصية على مجالين كبيرين: الأول هو فهم الميزات الفردية في خصائص كل نوع من أنواع الشخصيات. الآخر هو فهم كيفية تفاعل هذه الخصائص المختلفة واجتماعها عند شخص ما معًا. هنالك العديد من التعريفات المختلفة للشخصية، ولكن معظمها يركز على ميزاتها التي يمكن أن تساعد في التنبؤ بسلوك الشخص وتفسيره. يمكن أن تركز تفسيرات نشأة الشخصية على مجموعة متنوعة من التأثيرات، بدءًا من التفسيرات الجينية إلى دور البيئة المحيطة وكذلك التجارب والخبرات الذاتية. يُعتقد أن الشخصية تبقى ثابتة إلى حد ما طوال الحياة.

أنواع الشخصيات وصفاتها

يعتقد العديد من علماء النفس المعاصرون أن هناك خمسة أنواع أساسية للشخصية البشرية، وغالبًا ما يشار إليها بـ “الخمسة الكبار”. إن سمات الشخصيات الخمسة الأساسية هي:

  • الابتهاج.
  • الاجتهاد.
  • الانفتاح.
  • التوافق.
  • العصابية.

تشير الدراسات أيضًا إلى أن سمات الشخصية الخمس الكبرى هذه تميل إلى أن تكون مستقرة نسبيًا طوال الحياة. أظهرت الدراسات أيضًا أن النضج والتطور قد يكون له تأثير على السمات الخمس. مع تقدم الناس في السن، تميل سمات الابتهاج، الانفتاح والعصابية إلى أن تصبح أقل، ومن ناحية أخرى، تميل سمات الوفاق والاجتهاد إلى الزيادة مع التقدم في السن. يمكن أن تتميز هذه السمات بالخصائص التالية:

الانفتاح:

تتميز هذه السمة بخصائص مثل الخيال والبصيرة، ويميل الأشخاص في هذه السمة أيضًا إلى امتلاك مجموعة واسعة من الاهتمامات، فهم فضوليون بشأن العالم والأشخاص الآخرين ويتوقون إلى تعلم أشياء جديدة والاستمتاع بتجارب جديدة. يميل الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من هذه السمة إلى أن يكونوا أكثر حبًّا للمغامرة والإبداع.

الاجتهاد:

تشمل ميزات هذه السمة مستويات عالية من التفكير والتحكم الجيد في الانفعالات والسلوكيات الموجهة نحو الهدف، فهم يخططون مسبقًا، ويفكرون في كيفية تأثير سلوكهم على الآخرين، ويضعون في اعتبارهم المواعيد النهائية ويلتزمون بها.

الابتهاج:

تتميز هذه السمة بالإثارة، والتواصل الاجتماعي، وكميات عالية من التعبير العاطفي. الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الابتهاج منفتحون ويميلون إلى اكتساب الطاقة من المواقف الاجتماعية، وإن التواجد حول أشخاص آخرين يساعدهم على الشعور بالنشاط والإثارة.

التوافق:

تتضمن صفات هذه الشخصية سمات مثل الثقة والإيثار واللطف والعاطفة وغيرها من السلوكيات الاجتماعية الإيجابية. يميل الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من التوافق إلى أن يكونوا أكثر تعاونًا.

العصابية:

العصابية هي سمة تتميز بالحزن وتقلب المزاج وعدم الاستقرار العاطفي. ويميل الأفراد الذين يتمتعون بدرجة عالية من هذه السمة إلى تجربة تقلبات مزاجية وقلق وسرعة حزن.

تساهم الأبحاث التي تدرس طبيعة الشخصيات في وضع رؤية شاملة حول كيفية تطور الشخصية وتغيرها مع تقدم السنوات. يمكن أن يكون لهذا البحث أيضًا تطبيقات عملية مهمة في العالم الحقيقي، فعلى سبيل المثال، غالبًا ما تُستخدم تقييمات الشخصية لمساعدة الأشخاص على معرفة المزيد عن أنفسهم ونقاط القوة والضعف لديهم. يمكن أيضًا استخدام تقييمات الشخصية هذه لمساعدة الأشخاص على تحديد الوظائف التي قد ينجحون بها، وتحديد مدى أدائهم في أدوار وظيفية معينة. يمكن أن يكون لنوع الشخصية أيضًا صلة بصحتك، بما في ذلك عدد المرات التي تزور فيها الطبيب وكيفية تعاملك مع التوتر. وجد الباحثون أن بعض سمات الشخصية قد تكون مرتبطة بسلوكيات مرضية خاصة.

اضطرابات الشخصية

اضطراب الشخصية هي نوع من الاضطرابات النفسية يملك فيها الشخص نمطًا غير صحي من التفكير والأداء والسلوك. يعاني الشخص المصاب باضطراب الشخصية من صعوبة في الإدراك والتواصل مع المواقف والأشخاص، ما يسبب مشاكل وقيودًا كبيرة في العلاقات والأنشطة الاجتماعية والعمل والمدرسة. قد لا تدرك أن لديك اضطرابًا في الشخصية في بعض الحالات، لأن طريقة تفكيرك وتصرفك تبدو طبيعية بالنسبة لك، وقد تلوم الآخرين على المشاكل التي تواجهها.

عادةً ما تبدأ اضطرابات الشخصية في سنوات المراهقة، وهناك أنواع عديدة من اضطرابات الشخصية. قد تصبح بعض الأنواع أقل وضوحًا خلال منتصف العمر.

أنواع اضطرابات الشخصية

هناك 10 أنواع محددة من اضطرابات الشخصية. ويمكن أن تؤثر اضطرابات الشخصية على اثنين على الأقل من هذه المجالات:

  1. طريقة التفكير.
  2. طريقة التفاعل العاطفي.
  3. طريقة التواصل مع الآخرين.
  4. طريقة السيطرة والتحكم بالسلوك.

تقسم اضطرابات الشخصية إلى الأنواع التالية:

  • اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع: نمط يتجاهل فيه الشخص أو ينتهك حقوق الآخرين. قد لا يتوافق الشخص المصاب باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع مع الأعراف الاجتماعية، وقد يكذب بشكل متكرر أو يخدع الآخرين، أو قد يتصرف باندفاع وعدائية.
  • اضطراب الشخصية الانعزالية: نمط يشعر به الشخص بخجل شديد ولا يتقبل النقد. قد يكون الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الانعزالية غير مستعدين للانخراط مع الناس ما لم يكونوا متأكدين من أنهم محبوبون، أو قد يرون أنفسهم على أنهم ليسوا جيدين بما فيه الكفاية أو غير مؤهلين اجتماعيًا. لا يسعى الشخص المصاب باضطراب الشخصية الانعزالية عادةً إلى إقامة علاقات وثيقة، ويختار أن يكون بمفرده ولا يهتم بالثناء أو النقد من الآخرين.
  • اضطراب الشخصية الحدية: نمط من عدم الاستقرار في العلاقات الشخصية، يتميز بالمشاعر الشديدة والاندفاع. قد يبذل الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية جهودًا كبيرة لتجنب التخلي عنه أو تكرار محاولات الانتحار أو إظهار الغضب الشديد غير المناسب أو الشعور المستمر بالفراغ.
  • اضطراب الشخصية المُعتمدة: قد يواجه الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية المعتمدة صعوبة في اتخاذ القرارات اليومية أو قد يشعرون بعدم الراحة أو العجز عندما يكونون بمفردهم بسبب الخوف من عدم القدرة على رعاية أنفسهم.
  • اضطراب الشخصية الهستيرية: نمط من الانفعال المفرط والبحث عن الاهتمام. قد يكون الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الهستيرية غير مرتاحين عندما لا يكونون مركز الاهتمام، أو قد يستخدمون المظهر الجسدي للفت الانتباه إلى أنفسهم أو لديهم مشاعر متغيرة بسرعة أو مبالغ فيها.
  • اضطراب الشخصية النرجسية: قد يكون لدى الشخص المصاب باضطراب الشخصية النرجسية إحساس كبير بأهمية الذات، أو محاولات مبالغ فيها للاستفادة من الآخرين، ويفتقر إلى التعاطف أو الاهتمام بهم.
  • اضطراب الشخصية الوسواسية: قد يركز الشخص المصاب باضطراب الوسواس القهري بشكل مفرط على التفاصيل أو الجداول، وقد يعمل بشكل مفرط دون السماح بقضاء وقت فراغ أو رؤية الأصدقاء، أو قد يكون غير مرن في أخلاقه وقيمه.
  • اضطراب الشخصية الارتيابية: نمط من الشك في الآخرين ورؤيتهم على أنهم دنيئون أو حاقدون. غالبًا ما يفترض الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الارتيابية أن الأشخاص سيؤذونهم أو يخدعونهم، ولا يثقون بالآخرين أو يصبحون قريبين منهم.
  • اضطراب الشخصية الفُصامية: قد يكون لدى الشخص المصاب باضطراب الشخصية الفصامية معتقدات غريبة أو سلوك أو كلام غريب أو قد يكون لديه قلق اجتماعي مفرط.

تشخيص اضطراب الشخصية

يتطلب تشخيص اضطراب الشخصية استشارة طبيب نفسي مختص. يُشخص عادةً عند الأفراد الذين يبلغون من العمر 18 عامًا أو أكثر، وعادة لا يُشخص عند الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا لأن شخصياتهم لا تزال تتطور. قد لا يتعرف بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الشخصية على مشكلتهم، وقد يعاني الأشخاص أيضًا من أكثر من اضطراب شخصية في نفس الوقت. أظهرت دراسات أجرتها منظمة الصحة العالمية أن 9% من البالغين في العالم يعانون من اضطراب واحد في الشخصية على الأقل.

علاج اضطراب الشخصية

يمكن للفرد خلال العلاج النفسي معرفة الاضطراب وما يساهم في ظهور الأعراض، ويمكنه التحدث عن الأفكار والمشاعر والسلوكيات. يمكن أن يساعد العلاج النفسي أيضًا الشخص على فهم آثار سلوكه على الآخرين وتعلم إدارة الأعراض أو التعامل معها وتقليل السلوكيات التي تسبب مشاكل في الأداء والعلاقات. يعتمد نوع العلاج على اضطراب الشخصية المحدد ومدى شدته وظروف الفرد.

تشمل أنواع العلاج النفسي شائعة الاستخدام ما يلي:

  • العلاج التحليلي النفسي.
  • العلاج السلوكي المعرفي.
  • جلسات علاج جماعية.
  • التثقيف النفسي (تعليم الفرد وأفراد الأسرة حول المرض والعلاج وطرق التأقلم).

لا توجد أدوية خاصة لعلاج اضطرابات الشخصية. ومع ذلك، قد تستخدم بعض الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب أو الأدوية المضادة للقلق أو أدوية المعدلة للمزاج، مفيدة في علاج بعض الأعراض. قد تتطلب الأعراض الأكثر شدة أو طويلة الأمد تعاونًا جماعيًا بين طبيب رعاية أولية وطبيب نفسي وأخصائي اجتماعي وأفراد الأسرة.

يمكن أن تكون بعض استراتيجيات الرعاية الذاتية والتأقلم مفيدة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الشخصية وتتضمن:

  • تعرف على حالتك: المعرفة الدقيقة بحالتك يمكنها أن تساعد في تحفيز الشفاء السريع.
  • كن نشيطًا: يمكن أن يساعد النشاط البدني والتمارين الرياضية في السيطرة على العديد من الأعراض، مثل الاكتئاب والتوتر والقلق.
  • احصل على رعاية طبية روتينية: لا تهمل الفحوصات أو الرعاية المنتظمة من طبيب الأسرة.
  • انضم إلى مجموعة دعم من أشخاص آخرين يعانون من اضطرابات الشخصية.
  • اكتب في مفكرة للتعبير عن مشاعرك.
  • جرب تقنيات الاسترخاء وإدارة التوتر مثل اليوغا والتأمل.
  • ابق على اتصال مع العائلة والأصدقاء، وتجنب الانعزال.

يمكن لأفراد الأسرة أن يلعبوا دورًا هامًا في تعافي الفرد ويمكنهم العمل مع مقدم الرعاية الصحية لتوفير أكثر الطرق فعالية للمساعدة والدعم.

المصادر: 12

Loading spinner
Share your love