داء باركنسون هو مرض عصبي يتطور بشكل تدريجي، يصيب الدماغ والجهاز العصبي المركزي، ويحدث لدى الرجال بنسبة أكبر من النساء. يؤثر داء باركنسون بشكل خاص على الحركة ويؤدي إلى الارتعاش والتصلب وصعوبة التوازن والتنسيق.
عادة ما تبدأ أعراض داء باركنسون تدريجيًا وتزداد سوءًا مع مرور الوقت. مع تقدم المرض، قد يواجه الناس صعوبة في المشي والكلام. قد يكون لديهم أيضًا تغيرات عقلية وسلوكية، ومشاكل في النوم، واكتئاب، وصعوبات في الذاكرة، وإرهاق مستمر.
المحتويات
أسباب داء باركنسون والعوامل المؤهبة له
يحدث داء باركنسون عندما تضعف وتموت الخلايا العصبية الموجودة في العقد القاعدية في منطقة الدماغ المتوسط. تُنتج الخلايا العصبية الموجودة في هذه العقد مادة كيميائية تدعى الدوبامين، وعندما ينقص إفراز الدوبامين تحدث مشاكل الحركة المميزة لداء باركنسون.
يفقد الأشخاص المصابون بداء باركنسون أيضًا النهايات العصبية التي تنتج النورإيبينفرين، وهو الناقل الكيميائي الرئيسي للجهاز العصبي الودي، والذي يتحكم في العديد من وظائف الجسم، مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم، ما يفسر الأعراض غير الحركية لداء باركنسون، مثل التعب، ونقص حركة الأمعاء، وانخفاض ضغط الدم الانتصابي.
هناك عدة عوامل تلعب دورًا هامًا في تطور داء باركنسون:
- العوامل الجينية: حدد الباحثون طفرات جينية معينة يمكن أن تسبب داء باركنسون أو تزيد تطوره، في حالات الإصابة العائلية.
- العوامل البيئية: قد يؤدي التعرض لبعض السموم أو العوامل البيئية إلى زيادة خطر الإصابة بداء باركنسون.
- تغيرات بنيوية في الدماغ: مثل وجود أجسام ليوي، وهي تكتلات من مواد معينة داخل خلايا الدماغ وهي من العلامات المجهرية النسيجية لداء باركنسون. تم العثور أيضًا على بروتين ألفا سينوكلين داخل أجسام ليوي، وعلى الرغم من وجود العديد من المواد داخل أجسام ليوي، لكن العلماء يعتقدون أن أهمها هو بروتين ألفا سينوكلين.
من أهم العوامل المؤهبة لحدوث داء باركنسون:
- العمر: يزداد الخطر الإصابة بداء باركنسون مع تقدم العمر، وعادة ما يظهر المرض في سن 60 أو أكبر.
- الوراثة: يزيد وجود قريب مصاب بداء باركنسون من احتمال الإصابة بالمرض.
- الجنس: الرجال أكثر عرضة للإصابة بمرض باركنسون من النساء.
- التعرض للسموم: قد يؤدي التعرض المستمر للمبيدات الحشرية إلى زيادة خطر الإصابة بمرض باركنسون بشكل طفيف.
أعراض وعلامات داء باركنسون
تختلف أعراض داء باركنسون ومعدل تطوره بين الأفراد. في بعض الأحيان، يتجاهل الناس الأعراض المبكرة لداء باركنسون باعتبارها آثارًا طبيعية للشيخوخة، وقد يكون الأصدقاء أو أفراد الأسرة أول من يلاحظ هذه التغييرات، مثل غياب تعابير وجه المريض، أو أن المريض لا يحرك ذراعه أو ساقه بشكل طبيعي.
تشمل علامات وأعراض مرض باركنسون ما يلي:
- الرعاش: غالبًا ما يبدأ الرعاش في اليد أو الأصابع، وعادة ما يبدأ في جانب واحد من الجسم. مع تقدم المرض، فإنه يؤثر على كلا الجانبين. ومع ذلك، قد تبقى الأعراض أكثر حدة في جانب واحد منها في الجانب الآخر. ترتجف اليد في حالة الراحة، من الشائع فرك الإبهام والسبابة، وهو ما يُعرف باسم (حركة عد النقود).
- اختلال التوازن والتنسيق: ما يؤدي أحيانًا إلى السقوط.
- بطء الحركة: ما يجعل المهام البسيطة صعبة وتستغرق وقتًا طويلاً. قد يكون من الصعب النهوض من الكرسي وبدء الحركة أو مواصلتها.
- مشية باركنسون: وتتضمن الانحناء إلى الأمام، مع خطوات صغيرة سريعة متسارعة إلى الأمام، وتقليل تأرجح الذراعين.
- تصلب أو تيبس العضلات: تكون العضلات المتيبسة مؤلمة ما يؤدي لتحدد الحركة.
- فقدان الحركات التلقائية أو اللاإرادية: قد تنخفض القدرة على أداء الحركات اللاواعية، بما في ذلك رمش العينين أو الابتسام أو تأرجح الذراعين عند المشي.
- تغيرات الكلام: التحدث بهدوء والتردد قبل التحدث.
- تغيرات الكتابة: صعوبة الكتابة، والكتابة بخط صغير وضيق.
لاحظ العديد من الأشخاص المصابين بداء باركنسون أنه قبل ظهور التيبس والرعشة، كانوا يعانون من مشاكل في النوم، وإمساك، وقلة القدرة على الشم.
مضاعفات واختلاطات داء باركنسون
غالبًا ما يصاحب داء باركنسون بعض المشكلات الإضافية، ومن أهمها:
- صعوبات التفكير: قد تحدث مشاكل في الإدراك (الخرف) في المراحل المتأخرة من داء باركنسون، ولا تستجيب بشكل كبير للأدوية.
- الاكتئاب والتغيرات العاطفية: قد يحدث في المراحل المبكرة، بالإضافة إلى تغيرات عاطفية أخرى، مثل الخوف أو القلق أو فقدان الدافع.
- مشاكل البلع: قد يتراكم اللعاب في الفم بسبب تباطؤ البلع، ما يؤدي إلى سيلان اللعاب.
- مشاكل المضغ والأكل: يؤثر داء باركنسون في المراحل المتأخرة على عضلات الفم، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى الاختناق وسوء التغذية.
- اضطرابات النوم: بما في ذلك الاستيقاظ بشكل متكرر طوال الليل أو النوم أثناء النهار. قد تساعد الأدوية في التغلب على هذه المشاكل.
- اضطرابات التبول: عدم القدرة على التحكم في البول أو صعوبة التبول.
- إمساك مزمن.
- تغيرات ضغط الدم: الشعور بالدوار عند الوقوف بسبب انخفاض ضغط الدم الانتصابي.
- الرائحة الكريهة: قد يسبب داء باركنسون مشاكل في حاسة الشم مثل صعوبة تحديد روائح معينة أو التفريق بين الروائح.
- تعب ووهن عام: فقدان الطاقة والإرهاق، خاصة في وقت متأخر من اليوم.
- الألم: إما في مناطق معينة من الجسم أو في جميع أنحاء الجسم.
- العجز الجنسي: انخفاض الرغبة الجنسية أو الأداء.
التشخيص
لا توجد حاليًا فحوصات دم مخبرية لتشخيص داء باركنسون. يعتمد التشخيص على التاريخ الطبي للشخص والفحص العصبي السريري. ويعتبر التحسن بعد بدء العلاج هو سمة مميزة أخرى لمرض باركنسون. نظرًا لأن العديد من الأمراض لها أعراض مشابهة لداء باركنسون ولكنها تتطلب علاجات مختلفة، فمن المهم إجراء تشخيص دقيق في أسرع وقت ممكن.
علاج داء باركنسون
على الرغم من عدم وجود علاج شافٍ لداء باركنسون، إلا أن الأدوية يمكن أن تخفف من بعض الأعراض عادة.
العلاج الرئيسي لمرض باركنسون هو دواء ليفودوبا، ويسمى أيضًا L-dopa. تستخدم الخلايا العصبية ليفودوبا لصنع الدوبامين، وعادة ما يؤخذ ليفودوبا مع دواء آخر يسمى كاربيدوبا، يمنع أو يقلل من بعض الآثار الجانبية له مثل الغثيان والإقياء وانخفاض ضغط الدم والأرق ويقلل من كمية الليفودوبا اللازمة لتحسين الأعراض.
يجب ألا يتوقف مرضى باركنسون عن تناول ليفودوبا أبدًا دون إخبار الطبيب. قد يؤدي إيقاف الدواء فجأة إلى آثار جانبية خطيرة، مثل عدم القدرة على الحركة أو صعوبة في التنفس.
تشمل الأدوية الأخرى المستخدمة لعلاج أعراض مرض باركنسون ما يلي:
- مقلدات الدوبامين.
- مثبطات MAO-B لإبطاء الأنزيم الذي يفكك الدوبامين في الدماغ، ومثبطات COMT.
- أمانتادين: وهو دواء مضاد للفيروسات، لتقليل الحركات اللاإرادية.
- الأدوية المضادة للكولين لتقليل الرعاش وتيبس العضلات.
من العلاجات الحديثة أيضًا التحفيز العميق للدماغ، وهو إجراء جراحي يتم فيه زرع أقطاب كهربائية في جزء من الدماغ وتوصيلها بجهاز كهربائي صغير مزروع في الصدر. يحفز الجهاز والأقطاب الكهربائية الدماغ بشكل غير مؤلم بطريقة تساعد على إيقاف العديد من الأعراض المرتبطة بالحركة لمرضى باركنسون الذين لا يستجيبون جيدًا للأدوية، مثل الرعشة وبطء الحركة والتصلب.
لقد أظهرت بعض الأبحاث أن التمارين الرياضية المنتظمة قد تقلل من خطر الإصابة بمرض باركنسون، وأن الأشخاص الذين يستهلكون الكافيين، الموجود في القهوة والشاي والكولا، يصابون بداء باركنسون بوتيرة أقل من أولئك الذين لا يشربونه. يرتبط الشاي الأخضر أيضًا بتقليل خطر الإصابة بداء باركنسون. ومع ذلك، لا يزال من غير المعروف ما إذا كان الكافيين يقي بالفعل من الإصابة بمرض باركنسون، أم أنه يؤثر بطريقة أخرى على الأعراض فقط.