يتميز مرض هشاشة العظام بحدوث نقص أو تخلخل في كتلة العظام وكثافتها المعدنية، وتخرب في بنيتها المجهرية، ما يجعلها هشة وضعيفة ومعرضة لخطر الكسر بعد أبسط الرضوض. تعتبر هشاشة العظام من الأمراض الشائعة، وتعرف أيضًا باسم ترقق العظام، تخلخل العظام، وهن العظام وغيرها من الأسماء.
يشكل هذا المرض مشكلة صحية حقيقية، إذ يزداد انتشاره على نحو ملحوظ حول العالم، ويُقدر عدد المصابين به نحو 200 مليون شخص بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية. يصيب المرض الرجال والنساء على حد سواء، ولكنه أشيع عند النساء بنحو 4 أضعاف، وتزداد نسبة الإصابة مع التقدم في العمر، خاصة بعد سن اليأس.
المحتويات
أسباب هشاشة العظام
قد لا تكون أسباب هشاشة العظام معروفة بدقة حتى الآن، ولكن آلية حدوثها مفهومة جيدًا. العظام عبارة عن أنسجة حية تدعم الجسم وتحمي الأعضاء الحيوية المهمة. تقوم بتخزين الكالسيوم ومعادن أخرى، وعند حاجة الجسم للكالسيوم يحدث ارتشاف العظام من أجل تزويد الجسم بالكالسيوم المطلوب، مع الحفاظ على القوة العظمية، ثم بعد ذلك تعود العظام لبناء نفسها من جديد.
يتم اكتساب الكتلة العظمية بشكل تدريجي أثناء النمو، ويصل نموها إلى أقصاه في سن 25 عامًا تقريبًا، ثم تبدأ مرحلة الاستقرار العظمي حتى سن 35 عامًا، وبعدها تبدأ مرحلة الخسارة العظمية وفقدان كتلة العظام بشكل تدريجي. وبعد وصول السيدة مثلًا إلى سن اليأس، تبدأ المرحلة السريعة لخسارة الكالسيوم من العظام. تتكوَّن العظام من جزء داخلي يسمى العظم الإسفنجي، وجزء خارجي يتألف من عظم كثيف يغلف العظم الإسفنجي ويسمى العظم القشري. عند حدوث تخلخل العظام، تحدث ثقوب في العظم الإسفنجي بشكل كبير ما يضعف الجزء الداخلي للعظم ويسبب تخلخله.
العوامل المؤهبة لهشاشة العظام
هناك العديد من عوامل الخطورة والعوامل المؤهبة التي تزيد من خطر الإصابة بمرض هشاشة العظام، ومن أهمها:
- العمر: فالنساء فوق سن الخمسين أو خلال السنوات العشر الأولى من سن اليأس، يكونون أكثر عرضةً للإصابة بهشاشة العظام ومضاعفاتها الخطيرة مثل حدوث الكسور العظمية. يعود السبب الرئيسي في ذلك لنقص هرمون الإستروجين في هذا العمر، ما يؤدي إلى زيادة ارتشاف العظام أكثر من بنائها، ويكون الرجال بعد سن الخمسين معرضين لزيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام.
- بنية العظام ووزن الجسم: فالأشخاص النحيلون معرضون بشكل أكبر للإصابة بترقق العظام، لأن النسيج الشحمي يساهم في إنتاج هرمون الإستروجين الذي يقي ويحمي من خطر الإصابة.
- عوامل وراثية: وجود قصة عائلية للمرض يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام.
- عوامل غذائية: مثل النظام الغذائي الفقير بالفيتامينات والمعادن الأساسية، والوارد الغذائي غير الكافي من الكالسيوم وفيتامين D.
- اضطرابات الأكل: مثل فقدان الشهية، أو الشره المرضي للطعام.
- نمط الحياة الكسول: قلة الحركة والنشاط الفيزيائي اليومي.
- بعض الأمراض الغدية: مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، أو أمراض الغدد جارات الدرقية، أو اضطرابات الغدة الكظرية وأهمها «متلازمة كوشينغ».
- الأمراض الالتهابية المزمنة: مثل أمراض الأمعاء الالتهابية، والتهاب المفاصل الرثياني.
- اضطرابات هضمية: مثل متلازمات سوء الامتصاص، والداء الزلاقي، وأمراض الكبد المزمنة.
- أمراض دموية: مثل الورم النقوي المتعدد.
- نقص المناعة: مثل تلك التي تحدث في سياق الأمراض المناعية أو زراعة الأعضاء.
- التدخين وإدمان الكحول.
- علاجات السرطانات الهرمونية: التي تستخدم لعلاج بعض الأورام مثل سرطان الثدي أو سرطان البروستاتا.
- بعض الأدوية: مثل الستيروئيدات والأدوية المضادة للصرع والهيبارين.
أعراض وعلامات هشاشة العظام
يكون مرض هشاشة العظام صامتًا عادة ولا يسبب أي أعراض حتى يتعرض المريض للكسور العظمية. أكثر العظام المعرضة للكسر هي عظم الساعد، وعظم الورك، وعظام العمود الفقري التي تسبب كسورها ألمًا في أسفل الظهر، وحدبًا ظهريًا (انحناء نحو الأمام) وقصرًا في القامة.
يعتمد تشخيص هشاشة العظام على أعراض المريض ويمكن أن يلجأ الطبيب للتحاليل المخبرية والاستقصاءات الشعاعية المتنوعة لتأكيد التشخيص ووضع العلاج المناسب.
علاج هشاشة العظام
يشمل علاج هشاشة العظام تعديل نمط الحياة في البداية، والاهتمام بالنظام الغذائي إضافة إلى العلاج الدوائي الذي يعد ضروريًا في بعض الحالات الخاصة، ويجب أن يتم تحت إشراف الطبيب، ويشمل:
- علاجات هرمونية تعويضية: يمكن أن يشمل العلاج الهرموني التعويضي إعطاء الإستروجين عبر الفم أو الجلد، وهو ضروري للنساء اللواتي يعانين من أعراض سن اليأس. يوصف التستوستيرون كذلك من أجل زيادة الكثافة العظمية عند الرجال الذين يعانون من عوز هذا الهرمون. يوصف الرالوكسيفين في حال عدم التمكن من إعطاء الإستروجين الطبيعي، وهو مُعدِّل انتقائي لمستقبلات الإستروجين، وله تأثير مشابه لتأثير هرمون الإستروجين على العظام.
- البيفوسفونات: وهي عبارة عن أدوية مثبطة للارتشاف العظمي، تزيد من الكتلة العظمية وتخفض خطر الإصابة بالكسور. لها أسماء تجارية مختلفة ومتعددة.
- الكالسيوم وفيتامين D.
- أدوية أخرى: مثل الكالسيتونين، هيدروكلوروثيازيد، أملاح الفلور، والسترونتيوم رينالات.
الوقاية من هشاشة العظام
تعد الوقاية من مرض هشاشة العظام أمرًا مهمًا وضروريًا، سواء للأشخاص الأصحاء الذين لا يعانون من أي أمراض أو للأشخاص الذين يكونون في المرحلة الأولى لهشاشة العظام، والتي تكون فيها الكثافة العظمية ناقصة. يعد الحفاظ على نمط حياة صحي من أكثر طرق الوقاية أهميةً، وذلك من خلال الخطوات التالية:
- إيقاف التدخين والكحول وعدم تناول كميات كبيرة من الكافيين.
- إجراء تمارين رياضية بانتظام، مثل رياضة المشي أو الركض أو التمارين البسيطة أو رفع الأثقال الخفيفة.
- تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم وفيتامين D، مثل الحليب خالي الدسم ومنتجات الألبان المختلفة، وأسماك السلمون والسردين، وبعض الخضراوات مثل البروكلي واللفت والعصائر.
- التعرض بشكل مستمر عدة مرات في الأسبوع لأشعة الشمس التي تعد المصدر الرئيسي لتركيب فيتامين D.
- تناول مكملات غذائية تساعد على الوقاية من ترقق العظام.
- تناول الأدوية الهرمونية المعاوضة بعد وصول السيدة إلى سن اليأس.
يمكن للخطوات السابقة أن تُقلل بشكل كبير من خطورة الإصابة بهشاشة العظام والعقابيل المرتبطة بها، ويمكن كذلك استشارة الطبيب المختص لتحديد جرعة الفيتامينات والأدوية المناسبة للوقاية من هشاشة العظام وتقليل مخاطرها.