يشير مصطلح الاستقلاب أو الأيض لمجموعة من العمليات الكيميائية الحيوية التي تحافظ على حياة الكائن الحي من خلال إمداده بالطاقة اللازمة لحياته. يشكل الاستقلاب توازنًا بين عمليتين: الأولى إنتاج الطاقة من تفكيك الجزيئات الكبيرة إلى جزيئات أصغر، مثل تفكيك جزيئات الكربوهيدرات إلى غلوكوز، والثانية هي البناء، من خلال استهلاك الطاقة لبناء خلايا جديدة والحفاظ على أنسجة الجسم وتخزين الطاقة.
تحدث الأمراض والاضطرابات الاستقلابية عندما تُعطل التفاعلات الكيميائية غير الطبيعية عملية الاستقلاب في الجسم. قد يؤثر ذلك على قدرة الجسم على تفكيك الجزيئات الكبيرة للحصول على الطاقة، وكفاءة الخلايا في إنتاج الطاقة أو التسبب في مشاكل في تنظيم الطاقة.
المحتويات
أشيع الأمراض الاستقلابية
فيما يلي مجموعة من أهم الأمراض الاستقلابية وأكثرها تأثيرًا على الصحة العامة:
داء السكري:
داء السكري هو أشيع الأمراض الاستقلابية على الإطلاق، إذ تُقدر منظمة الصحة العالمية إصابة 500 مليون شخص في العالم بداء السكري، مع وفاة 1.5 مليون إنسان سنويًا بسبب العقابيل الناتجة عن السكري.
يتميز داء السكري بخلل في تنظيم مستويات الغلوكوز في الدم بسبب عوز أو غياب هرمون الأنسولين الذي تفرزه غدة البنكرياس، ولداء السكري عدة أنواع هي:
- داء السكري من النمط الأول: يمكن اعتباره من أمراض المناعة الذاتية، حيث يهاجم الجهاز المناعي خلايا البنكرياس ويسبب أذية دائمة فيها تحد من قدرتها على إنتاج الأنسولين. يحتاج الأشخاص المصابون بداء السكري من النمط الأول إلى استخدام حقن الأنسولين يوميًا لتنظيم غلوكوز الدم لديهم.
- داء السكري من النمط الثاني: يحدث بسبب نقص الاستجابة للأنسولين على مستوى الخلايا، ما يؤدي لارتفاع مستويات الغلوكوز في الدم، يمكن أن يحدث هذا المرض في أي عمر وقد ينتج بسبب نمط الحياة، مثل الغذاء غير الصحي والبدانة ونقص النشاط الفيزيائي.
- السكري الحملي: يؤثر على بعض النساء أثناء الحمل وعادة ما يختفي بعد الولادة. ومع ذلك يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بداء السكري من النمط الثاني في وقت لاحق من الحياة.
فرط كوليسترول الدم العائلي:
مرض استقلابي وراثي يتميز بمستويات عالية من كوليسترول الدم لا سيَّما الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL). يُعرفLDL بالكولسترول الضار لأنه يتراكم في جدران الشرايين، ويؤدي لتصلب وتضيق الشرايين وأمراض القلب.
ويمكن أن يترسب الكوليسترول في أجزاء من الجلد، وبعض الأوتار ما يؤدي لزيادة سماكة وتر أشيل بالإضافة لبعض الأوتار في اليدين، ويمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم إلى تشكل قوس القرنية، وهو عبارة عن حلقة بيضاء أو رمادية حول قزحية العين.
داء ترسب الأصبغة الدموية
داء ترسب الأصبغة الدموية هو مرض استقلابي وراثي يمتص الجسم فيه كمية أكبر من الحديد، يمكن أن يحدث هذا المرض نتيجةً لطفرة جينية أو عن الحديد الزائد في النظام الغذائي أو عمليات نقل الدم المتكررة. يسبب هذا المرض ترسب الحديد في مختلف أنسجة الجسم، ما يؤدي للعديد من الأعراض ومن أهمها:
- تعب ووهن عام وضعف عضلي.
- آلام مفاصل.
- ضعف جنسي.
- آلام في المعدة وإقياء وغثيان.
- تصبغ جلدية.
بيلة الفينيل كيتون:
تتضمن نقص أو عدم إنتاج أنزيم هيدروكسيلاز الفينيل ألانين، وهو أنزيم مهم لاستقلاب الأحماض الأمينية، التي تستخدم لبناء البروتينات الضرورية لنمو الجسم.
يفكك الجسم الأحماض الأمينية الزائدة ويزيلها في الحالة الطبيعية، ولكن الأشخاص المصابين ببيلة الفينيل كيتون غير قادرين على تفكيك الأحماض الأمينية الزائدة، والتي يمكن أن تتراكم مسببةً تلفًا في الدماغ. وتجدر الإشارة إلى أن العلاج المبكر ضروري للوقاية من المضاعفات الخطيرة لبيلة الفينيل كيتون. من أهم أعراض هذا المرض الاستقلابي:
- ضمور في الجمجمة والدماغ.
- اضطرابات معرفية وفكرية.
- خمول وكسل وتعب مستمر.
- تأخر الطفل في النطق والمشي.
- مشاكل في النمو.
- اضطرابات في التبول.
- نوبات صرع في بعض الحالات نادرة.
داء ويلسون:
اضطراب وراثي استقلابي ينتج عنه تراكم النحاس في الكبد والدماغ والأعضاء الحيوية الأخرى. يشخص معظم الأشخاص المصابين بداء ويلسون بين سن 5 و 35 عامًا.
يلعب النحاس دورًا رئيسيًا في نمو الأعصاب والعظام والكولاجين وتصبغ الجلد. يتم امتصاص النحاس في الحالة الطبيعية من الطعام، ويطرح الفائض مع العصارات الصفراوية. من أهم تظاهرات داء ويلسون:
- إرهاق وقلة شهية وألم في بطني.
- لون يرقاني.
- تغير لون العين إلى البني أو الأصفر.
- وذمات في الساقين أو تراكم السوائل داخل البطن.
- مشاكل في الكلام والنطق.
- تصلب في العضلات وحركات غير منتظمة.
البورفيريا:
مرض وراثي يتميز بتراكم مادة البورفيرين في الجسم، والتي تساهم عادة في تركيب خضاب الدم وعمله، للبورفيريا عدة أنواع، منها البورفيريا الجلدية عندما يتراكم البورفيرين في الجلد، ويؤدي لحساسية من ضوء الشمس وأعراض مثل احمرار الجلد وتورمه وتصبغ الجلد عند التعرض المباشر لأشعة الشمس، ويمكن أن تحدث أعراض عصبية في بعض أنواع البورفيريا الجلدية.
أما النوع الآخر الأكثر خطورة فهو البورفيريا الحادة التي تصيب عادة الجهاز العصبي، يمكن أن تستمر الأعراض من أيام إلى أسابيع وعادة ما تتحسن ببطء بعد النوبة، وقد تشمل علامات وأعراض البورفيريا الحادة ما يلي:
- أعراض هضمية: ألم بطني، إمساك أو إسهال، غثيان وإقياء.
- آلام العضلات: تنميل وخدر، مع ضعف عضلي.
- بول أحمر أو بني.
- اضطرابات نفسية وعقلية، مثل القلق والارتباك والهلوسات والاكتئاب الشديد.
داء غوشيه:
داء غوشيه هو اضطراب وراثي نادر ينتج عن طفرة جينية تحد من إنتاج إنزيم معين، ما يؤدي في النهاية لتراكم الدهون. عادةً ما تتراكم الدهون الزائدة في الطحال أو الكبد، ما قد يؤدي إلى تضخمها بشكل مفرط وحدوث العديد من الاختلاطات.
يمكن أن تشمل الأعراض: خللًا في الكبد، واضطرابات هيكلية، وإصابات عظمية ومفصلية، مع تأثيرات على الأعصاب والعقد اللمفاوية. قد يحدث أيضًا فقر دم ونقص عدد الصفيحات الدموية، يمكن أن تتراكم الدهون أيضًا في الجلد، والعين ما يجعل لونهما داكنًا.
أعراض شائعة للأمراض الاستقلابية
تتنوع الاضطرابات الاستقلابية، ويمكن أن تؤثر على العديد من وظائف الجسم، ورغم تنوع أعراض هذه الأمراض، لكن هناك أعراض شائعة مشتركة للأمراض الاستقلابية من أهمها:
- تعب ووهن عام.
- ضعف عضلي واضطرابات عصبية.
- زيادة أو فقدان الوزن بشكل غير مُفسر.
- تغيرات في لون البشرة.
- آلام في المعدة، وغثيان وإقياء.
- مشاكل واضطرابات في النمو عند الأطفال.
- اختلاجات ونوبات صرعية في الحالات الشديدة.
لتشخيص هذه الأمراض يسأل الطبيب عن الأعراض والتاريخ الطبي والعائلي للمريض، ويبحث عن وجود أمراض استقلابية لدى أفراد العائلة، والتي قد تشير إلى سبب وراثي. يمكن أن يكون للأمراض الاستقلابية مجموعة واسعة من التأثيرات على الجسم. هذا يعني أن الأطباء قد يستخدمون عدة فحوصات طبية مختلفة لتحديد المشكلة. تفيد التحاليل الدموية في التشخيص عادة. مثل ارتفاع مستويات الغلوكوز في الدم والبول والذي يشير إلى الإصابة بمرض السكري.
العديد من الأمراض الاستقلابية وراثية ولا يوجد علاج شافي لها. لذا يعتبر تغيير نمط الحياة أو استخدام أدوية خاصة مناسبًا لتخفيف الأعراض.