الاضطرابات النفسية شائعة جدًا، إذ تقدر منظمة الصحة العالمية أن 400 مليون إنسان يعانون من الاكتئاب، و60 مليون من الاضطراب ثنائي القطب، و20 مليون من الفصام، ويوجد العديد من الأسباب والعوامل المؤهبة لها، بعضها يرتبط بالوراثة والجينات، وبعضها الآخر ينتج عن العوامل البيئية مثل سوء التغذية أو أحداث معينة خلال الطفولة أو أذيات الدماغ أو أحداث سيئة خلال الحياة.
المحتويات
ما هي الاضطرابات النفسية؟
هي مجموعة واسعة من الاضطرابات التي تؤثر على العواطف والسلوك والتصرفات، وتشمل هذه الاضطرابات القلق والاكتئاب واضطرابات الأكل. يوجد أنواع أخرى من الاضطرابات النفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة، والاضطراب ثنائي القطب، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند الأطفال.
مرَّ الكثير منا بأزمات وضغوط معينة خلال حياته، وعانينا من مشاكل نفسية مختلفة، من الممكن أن تتطور هذه المشكلات إلى اضطراب نفسي إذا لم يتم علاجها بفعالية ونجاح، ويمكن أن تؤثر على تصرفاتنا اليومية، وعلى علاقاتنا وعملنا وشخصيتنا ككل. يمكن أن يؤثر الاضطراب النفسي أيضًا على بنية الدماغ، فتتغير مستويات النواقل العصبية فيه (كالسيروتونين مثلًا).
علامات وأعراض الاضطرابات النفسية
تختلف العلامات والأعراض حسب نوع الاضطراب النفسي، وتختلف اختلافًا كبيرًا في شدتها واستمراريتها. إن محاولة التفريق بين هذه الاضطرابات النفسية من خلال الأعراض ليس بالأمر السهل، لذا يفضل استشارة طبيب نفسي مؤهل للحصول على التشخيص والعلاج المناسب.
تشمل بعض العلامات والأعراض الشائعة للاضطرابات النفسية الموجودة لدى البالغين:
- تقلبات مزاجية ومشاعر غضب.
- مشاعر الخوف والقلق والتوتر والذعر.
- الشعور باليأس أو وجود أفكار انتحارية.
- عدم القدرة على التعامل مع المواقف اليومية.
- اضطرابات في النوم.
- عدم القدرة على التركيز أو تعلم الأشياء الجديدة.
- النسيان المستمر ووجود مشاكل في الذاكرة.
- عزلة اجتماعية وتجنب الانخراط في الأنشطة الاجتماعية.
- تغيرات في عادات الأكل، وزيادة أو خسارة الوزن بشكل ملحوظ وسريع.
إن وجود واحدة أو اثنين من هذه العلامات وحدها لا تعني أنك مصاب باضطراب نفسي، لكنها تشير إلى ضرورة مراجعة الطبيب النفسي لإجراء المزيد من التقييم، أما إذا كنت تعاني من العديد من هذه الأعراض في وقت واحد بشكل يمنعك من ممارسة حياتك اليومية، فيجب عليك استشارة الطبيب النفسي فورًا.
كيف تُشخص الاضطرابات النفسية؟
توجد معايير معينة لتشخيص الاضطراب النفسي، إذ يجب أن تسبب الأعراض ضغوطًا كبيرة أو تتداخل مع الأداء الاجتماعي أو المهني أو التعليمي وأن تستمر لفترة زمنية محددة. يُعد تشخيص الاضطراب النفسي عملية متعددة الخطوات تجمع بين التقييم النفسي والفحص السريري.
الفحص السريري
يجب إجراء فحص جسدي قبل وضع التشخيص النهائي وذلك بهدف استبعاد الأسباب الجسدية. يمكن أن يكون لبعض الاضطرابات النفسية، مثل الاكتئاب والقلق أسباب جسدية، ويمكن أحيانًا تشخيص مشاكل الغدة الدرقية والأمراض الجسدية الأخرى على أنها اضطرابات نفسية بسبب الأعراض المتداخلة والمتشابهة، وهذا هو السبب في أن الفحص الفيزيائي الشامل أمر ضروري.
قد يأخذ الطبيب التاريخ المرضي وقد يطلب فحوص مخبرية لاستبعاد المشكلات الجسدية التي يمكن أن تسبب الأعراض. إذا لم يجد الطبيب سببًا جسديًا للأعراض، فمن المحتمل أن تتم إحالتك إلى طبيب أو معالج نفسي.
التقييم النفسي
يطرح الطبيب أو المعالج النفسي على المريض مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالأعراض التي يعاني منها، وقد يطلب حتى من أحد أفراد الأسرة المشاركة في المقابلة، حتى يتمكنوا من وصف الأعراض التي يلاحظونها على المريض خلال الحياة اليومية.
يستخدم معظم الأطباء النفسيين والمعالجين النفسيين الدليل التشخيصي للاضطرابات النفسية (DSM) لتشخيص اضطرابات الصحة النفسية. يحتوي هذا الدليل على علامات وأعراض جميع الاضطرابات النفسية المختلفة. كما يذكر المعايير أو الأعراض التي يجب أن تكون موجودة لدى المريض وعددها ومدة استمرارها من أجل وضع التشخيص الدقيق. صدر الدليل التشخيصي للاضطرابات النفسية في نسخته الخامسة الآن من قبل الجمعية الأمريكية للطب النفسي، ويعتبر المعيار الذهبي لتشخيص وعلاج الأمراض النفسية.
ومع ذلك لا يعتمد خبراء الصحة النفسية على الدليل التشخيصي للاضطرابات النفسية فقط. تستخدم أيضًا أدوات أخرى لمعرفة وفهم كيفية تأثير المرض النفسي على الدماغ. تسمح هذه الوسائل برؤية التغيرات التي تحصل على الدماغ وفهم كيفية تأثير المرض النفسي على وظائف الدماغ. تشمل وسائل التشخيص المساعدة ما يلي:
- التصوير بالرنين المغناطيسي.
- تخطيط الدماغ الكهربائي.
أسباب الاضطرابات النفسية والعوامل المؤهبة لها
إن السبب الأساسي للاضطرابات النفسية غير معروف، ولكن يوجد الكثير من الأسباب والعوامل المؤهبة التي تساهم في حدوث الاضطرابات النفسية، ويمكن أن تكون هذه العوامل وراثية أو بيئية أو سلوكية أو نفسية.
بعض الأسباب والعوامل المؤهبة المحتملة للاضطرابات النفسية:
- العوامل الوراثية: قد تكون بعض الاضطرابات النفسية متوارثة في العائلة، حيث ينتقل احتمال الإصابة إلى الأجيال اللاحقة من خلال الوراثة. يزيد وجود فرد من العائلة يعاني من اضطراب نفسي من احتمال إصابة باقي أفراد العائلة أيضًا.
- الأمراض والاضطرابات خلال الحمل: يمكن أن تؤثر الأمراض التي تعاني منها الأم خلال الحمل على نمو دماغ الطفل، ما يؤهب لإصابة الطفل مستقبلًا باضطرابات نفسية شائعة مثل التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
- العدوى: يمكن أن تؤهب بعض أنواع العدوى لاضطرابات نفسية. يحدث هذا عندما تؤثر العدوى على الدماغ وتسبب التهابًا فيه، إذ يمكن أن تؤذي بنية الدماغ وتسبب اضطرابات نفسية ودماغية لاحقًا.
- إصابات الدماغ: يمكن أن تؤدي إصابات ورضوض الدماغ إلى اضطرابات نفسية هامة.
- سوء المعاملة: يمكن أن يؤدي سوء المعاملة في الطفولة إلى الاكتئاب والقلق، ويمكن أن يكون لها أيضًا تأثير سلبي على نمو دماغ الطفل، ما يؤدي إلى مشاكل نفسية وسلوكية في وقت لاحق من الحياة. يؤدي التعرض لهذا النوع من سوء المعاملة إلى ظهور سلوك عدواني عند الطفل.
- سوء التغذية: يؤثر الطعام على صحتنا النفسية، حيث يساهم النظام الغذائي الغني بالبروتين بدعم أنسجة المخ وأنزيماته، وأي خلل في النظام الغذائي قد يترك تأثيرات نفسية.
متى يجب استشارة الطبيب؟
يجب التعرف أولًا على الأسباب والأعراض المختلفة للاضطراب النفسي، لفهم الحالة التي تمر بها، إذا كنت أنت أو أي شخص قريب منك يعاني من اضطراب نفسي أو من حالة نفسية سيئة، لا تخف أو تقلق وابحث عن طبيب نفسي واطلب المساعدة منه. لا يمكن أن تتحسن الكثير من الاضطرابات النفسية دون علاج نفسي فعال.
يختلف علاج الاضطرابات النفسية بشكل كبير اعتمادًا على التشخيص وشدة الأعراض، ويمكن أن تختلف النتائج اختلافًا كبيرًا من مريض لآخر وتتعلق بعدة عوامل. تستجيب بعض الاضطرابات النفسية جيدًا للأدوية، بينما تستجيب بعض الحالات الأخرى بشكل أفضل للعلاج السلوكي، الذي يعتمد على الدعم النفسي وتشجيع المريض على اتباع عادات صحية. كما تدعم الأبحاث أيضًا استخدام مزيج من العلاج الدوائي والسلوكي معًا. قد تستلزم بعض الحالات أحيانًا رفع الجرعة الدوائية أو استبدال الفئة الدوائية أو استعمال أكثر من دواء، وكل ذلك تحت إشراف الطبيب المختص.