تتميز اضطرابات الصحة النفسية بمعدل انتشارها المرتفع وتأثيرها الكبير على مختلف جوانب الحياة، وينتج أغلبها كتفاعل بين العوامل الوراثية والبيئية، ومن أبرز هذه الاضطرابات الوسواس القهري الذي يتميز بالعديد من الأعراض المرافقة، ومع ذلك توجد العديد من الاستراتيجيات للتخفيف منه والحد من تأثيراته.
المحتويات
ما هو اضطراب الوسواس القهري؟
هو حالة صحية نفسية مزمنة تتميز بالوساوس التي تؤدي إلى سلوكيات قهرية لا إرادية، ويتميز اضطراب الوسواس القهري بنمط من الأفكار والمخاوف غير المرغوب فيها التي تقودك إلى القيام بسلوكيات متكررة، وتتداخل هذه الوساوس والأفعال القهرية مع الأنشطة اليومية وتشعر بأنك مجبر على أداء سلوكيات معينة بشكل متكرر، حتى لو لم تكن ترغب في ذلك، فقد تحاول تجاهل أو إيقاف الهواجس، لكن هذا يزيد من شعورك بالضيق والقلق.
أي أن الأشخاص المصابين بالوسواس القهري يعرفون أن أفكارهم وسلوكياتهم ليست منطقية، لكنهم غالبًا لا يكونون قادرين على إيقافها.
وغالبًا ما يتمحور الوسواس القهري حول مواضيع معينة، على سبيل المثال: الخوف المفرط من التلوث بالجراثيم، لذا يقوم المصاب باضطراب الوسواس القهري بغسل يديه مرارًا وتكرارًا، وقد يتسبب بجروح وشقوق في يديه وذلك لتخفيف مخاوفه من التلوث.
هل يمكن أن يصيب الوسواس القهري الأطفال؟
عادةً يظهر اضطراب الوسواس القهري لدى الأطفال في فئتين عمريتين: مرحلة الطفولة المتوسطة (8-12 عامًا) وعند المراهقين (18-25 عامًا).
وعلى الرغم من وجود معدل أعلى من الوسواس القهري لدى الذكور منه لدى الإناث خلال مرحلة الطفولة، إلا أن هناك معدلات متساوية للوسواس القهري بين الرجال والنساء البالغين. [1]
ما هي أعراض الوسواس القهري؟
يعاني الشخص المصاب بالوسواس القهري من أعراض الوساوس أو السلوك القهري أو كليهما، ويمكن أن تتداخل هذه الأعراض مع جميع جوانب الحياة، مثل: العمل والدراسة والعلاقات الشخصية.
الوساوس:
هي أفكار أو دوافع أو صور ذهنية متكررة تسبب القلق والتوتر، وتشمل الأعراض ما يلي:
- الخوف من التلوث أو الأوساخ عن طريق لمس الأشياء التي لمسها الآخرون.
- الشعور بالحاجة الشديدة إلى تنظيم وتنسيق الأشياء.
- أفكار عدوانية أو مروعة حول فقدان السيطرة وإيذاء نفسك أو الآخرين.
- الشك المستمر في بعض السلوكيات كإغلاق الباب أو إطفاء الموقد.
- تجنب المواقف التي يمكن أن تثير الهواجس، مثل المصافحة.
السلوكيات القهرية:
السلوكيات القهرية هي سلوكيات متكررة يشعر الشخص أنه مرغم على القيام بها، إذ تساعد هذه السلوكيات المتكررة على تقليل القلق المرتبط بالوسواس، وقد توفر راحة مؤقتة فقط.
تشمل هذه السلوكيات ما يلي:
- التنظيف المفرط أو غسل اليدين المتكرر.
- فحص الأبواب بشكل متكرر للتأكد من قفلها.
- فحص الموقد بشكل متكرر للتأكد من إطفائه.
- ترتيب الأشياء بطريقة دقيقة وصارمة.
اقرأ أيضًا: الوسواس القهري: أسبابه وأعراضه وطرق علاجه
كيف يمكن علاج الوسواس القهري؟
يُعالج اضطراب الوسواس القهري عادةً بالأدوية أو العلاج النفسي أو مزيج من العلاجين، وعلى الرغم من أن معظم مرضى الوسواس القهري يستجيبون للعلاج، إلا أن بعض المرضى يستمرون في الشعور بالأعراض.
أحيانًا يعاني الأشخاص المصابون بالوسواس القهري من اضطرابات نفسية أخرى مثل: القلق والاكتئاب واضطراب تشوه الجسم، وهو اضطراب يعتقد فيه الشخص أن جزءًا من جسمه غير طبيعي؛ لذا من المهم مراعاة هذه الاضطرابات عند اتخاذ القرارات بشأن العلاج.
العلاج بالأدوية:
تُستخدم مثبطات امتصاص السيروتونين (SRIs) للمساعدة في تقليل أعراض الوسواس القهري، وقد بينت بعض الأبحاث أيضًا أن بعض المرضى قد يستجيبون جيدًا للأدوية المضادة للذهان إذا لم تتحسن الأعراض مع أدوية مثبطات امتصاص السيروتونين.
العلاج النفسي:
يمكن أن يكون العلاج النفسي علاجًا فعالًا للبالغين والأطفال المصابين بالوسواس القهري، حيث أن أنواعًا معينة من العلاج النفسي -بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي- يكون فعالًا بشكل ملحوظ لدى العديد من الأفراد.
كما يمكن اتباع علاج منع التعرض والاستجابة، والذي يعتبر أحد مكونات العلاج المعرفي السلوكي، ويعتمد على تعرض الفرد تدريجيًا إلى موقف يسبب له الهوس والوساوس، وجعله يتعلم طرقًا لمقاومة الرغبة في القيام بسلوكيات قهرية.
علاجات أخرى:
يمكن للعلاجات الأخرى أن تكون فعالة أيضًا ومنها ما يلي:
- ممارسة تمارين التنفس مثل أخذ نفس بطيء وعميق بشكل متكرر.
- أخذ حمام دافئ والاسترخاء.
- الاستماع إلى الموسيقى الهادئة.
- المشي أو ممارسة اليوجا.
- تناول مشروب دافئ في المساء.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن وتجنب بعض الأطعمة أو المشروبات الغازية والكحولية.
هل يمكن أن يعود الوسواس القهري بعد العلاج؟
تتلاشى أعراض الوسواس القهري بمرور الوقت، ولكن بشكل عام فإن أعراض الوسواس القهري لا تختفي بشكل كامل، فهي تتطلب إدارة ومراقبة مستمرة، وغالبًا ما تكون ضغوط الحياة العامة هي العامل الرئيسي لتفاقم أعراض الوسواس القهري أو تراجعها، ففي أوقات التوتر الشديد، سوف يعاني الفرد من تدهور في سلوكيات الوسواس القهري، بينما في أوقات انخفاض التوتر، قد يعود إلى خط الأساس فيعتقد أن الوسواس القهري لديه قد اختفى تمامًا.
يمكن القول إن أعراض الوسواس القهري قد تتقلب في شدتها بمرور الوقت بناءً على مستويات التوتر والأحداث المحيطة بالفرد، وإن عدم الانخراط في العلاج المنتظم واتباع الاستراتيجيات اللازمة بانتظام قد يكون عاملًا أساسيًا لعودة الوسواس القهري. [2]
اقرأ أيضًا: ما الذي يشعر به مريض الوسواس القهري؟
قد يكون التعايش مع الوسواس القهري أمرًا صعبًا وقد يعطل العديد من جوانب الحياة الأخرى، فمع عدم اتباع العلاج المناسب، يمكن أن تصبح أعراض الوسواس القهري مزمنة وقد تزداد سوءًا بمرور الوقت، لذا لا بد من طلب المساعدة المختصة إذا شعرت بأن لديك أعراض الوسواس القهري. اشترك في برنامج التعامل مع الوسواس القهري.
المراجع
[1] Obsessive-compulsive disorder (OCD), www.mayoclinic.org, retrived 18/2/2022
[2] Does Obsessive-Compulsive Disorder Ever Go Away?, www.pchtreatment.com, retrived 18/2/2022