نتعرض خلال حياتنا اليومية للعديد من الضغوط النفسية خلال العمل أو الدراسة، والتي قد تؤثر على مشاعرنا وقد تجعلنا نبكي، والبكاء في الحقيقة هو نوع من أنواع التفريغ العاطفي والنفسي للتخلص من مشاعر الحزن والاكتئاب التي نعاني منها بعد تعرضنا للضغوط.
لكن يمكن للبكاء وخاصة ليلًا قبل النوم أن يحمل آثارًا مهمة على صحتنا النفسية والجسدية خاصةً لدى السيدات، فهن حسب الدراسات والإحصائيات أكثر عرضة للبكاء قبل النوم من الرجال، وذلك لحساسيتهن الزائدة وتقلب مستويات الهرمونات لديهن.
المحتويات
لماذا نبكي؟ وهل يساعد البكاء على تحسين مزاجنا؟
تتوضع الغدد المفرزة للدمع فوق العينين وتدعى الغدد الدمعية وهي تقوم بإفراز الدمع في كل مرة ترمش فيها، مما يساعد بدوره على ترطيب وتزليق سطح العينين ويحميهما من الجزيئات الغريبة كالغبار والدخان، ويتم تصريف الدمع المفرز عبر الأنف، ويتكون الدمع من ماء ومواد دهنية وأملاح وأضداد مناعية وبعض الأنزيمات، تختلف نسب وكمية مكونات الدمع تبعًا لسبب الإفراز.
تختلف مكونات الدموع الناجمة عن المشاعر والتي تدعى أحيانًا بالدموع النفسية عن الدموع المرطبة والحامية للعين، فالدمع المفرز بسبب المشاعر يحوي كمية أكبر من الهرمونات البروتينية والتي يفرزها الجسم بسبب التوتر.
توجد دراسات قليلة حول فيزيولوجية البكاء وسبب حدوثه ولكن يعتقد بعض العلماء أن البكاء هو وسيلة الجسم للتخلص من الهرمونات الناجمة عن التوتر، في حين أثبت البعض الآخر أن عملية البكاء قد تحرض إفراز الإندورفينات لدى بعض الأشخاص، والتي تجعلنا نشعر بالسعادة وتساعد على تخفيف الألم؛ لذلك ليس بالضرورة أن يجعلك البكاء تشعر بتحسن، ولكن يمكن أن نشعر بتحسن بعد البكاء في حال حصلنا على دعم أحد أصدقائنا أو كان البكاء بسبب تجربة إيجابية.
ما الذي يجعلك تبكي بشكل أكثر تواترًا؟
توجد العديد من الأسباب للبكاء بعيدًا عن البكاء استجابة لحالة عاطفية مفاجئة، يمكن للبكاء المتكرر والمتواتر أن يترافق مع حالات نفسية أو جسدية مهمة ومنها:
الاكتئاب: وهو اضطراب مزاج يعاني فيه الشخص من مشاعر الحزن والإحباط بشكل مستمر لفترة طويلة، ويمكن أن تعاني من حالات بكاء متكرر في حال كنت تعاني من اكتئاب خفيف أو متوسط الشدة، أما في الاكتئاب الشديد يواجه المريض صعوبة في البكاء والتعبير عن مشاعره.
القلق: جميعنا نمر بأوقات نشعر فيها بالقلق والتوتر ولكن في حال كنت تعاني من اضطراب القلق فأنت ستعاني من مشاعر القلق والتوتر بشكل يومي ومتكرر والذي قد يسبب بدوره نوبات من البكاء.
التأثير البصلي الكاذب: قد تكون نوبات البكاء المفاجئة وغير المسيطر عليها أحد الأعراض المشيرة لأذية أو اضطراب في أحد أقسام الدماغ المسؤول عن المشاعر، تشاهد هذه الحالة لدى الشخص الذي لديه سوابق حادث وعائي دماغي أو مرض عصبي كداء باركنسون أو التصلب اللويحي.
كما تشير الدراسات إلى أن النساء أكثر ميلًا للبكاء مقارنة بالرجال، وذلك يعود لهرمون التستوستيرون المفرز عند الرجال وذلك لدوره في تثبيط آلية البكاء وإفراز الدمع، كما أن أصحاب الشخصيات الحساسة والعطوفة يميلون للبكاء بشكل أكبر.
هل البكاء قبل النوم ضار؟
تختلف آراء العلماء والأطباء والخبراء فيما يخص فوائد وسلبيات البكاء، فمنهم من يعتبر أن البكاء وسيلة مفيدة في التخلص من المشاعر السلبية والتوتر، في حين أشار البعض إلى أن البكاء المتكرر خاصة قبل النوم يحمل في طياته سلبيات كثيرة وضارة على صحتك الجسدية والنفسية.
من وجهة نظر جسدية وفيزيولوجية يمكن أن يسبب البكاء لدى البعض تسرع عدد نبضات القلب، والذي يعد أمرًا خطيرًا خاصة لدى الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية كارتفاع التوتر الشرياني أو قصور القلب أو سوابق نقص تروية العضلة القلبية، أيضًا يمكن للبكاء أن يسبب تناقص مستويات الأضداد (خاصة IgA الإفرازية) المسؤولة عن دفاع الجسم ضد الجراثيم.
كما أن البكاء لا يسبب تناقص مستويات هرمونات الغدة النخامية المسؤولة عن التوتر، ولكن يمكن أن يشعر بعض الأشخاص بالراحة النفسية بعد البكاء.
أظهرت مجموعة من الدراسات أن البكاء قبل النوم يحمل آثارًا مهمة على حياتك اليومية ومن أهمها:
- القلق الذي يصيب البعض والذي يؤدي إلى نوم متقطع ومضطرب، مما يؤثر على نشاطك في اليوم التالي وقدرتك على ممارسة عملك بشكل سليم.
- حالة نفسية مضطربة والشعور بالتعب الشديد والخمول خلال اليوم التالي بسبب اضطراب مشاعرك ونومك.
- نقص مناعة جسمك والذي قد يعرضك للإصابة بالعديد من الأمراض والالتهابات وخاصة في حال استمرارك بالبكاء لفترات طويلة.
لذلك يجب علينا عدم إهمال نوبات البكاء قبل النوم خاصة في حال كنت تعاني من أمراض قلبية أو عصبية أو مشاكل مناعية؛ لأن استمرار نوبات البكاء بشكل متكرر سيؤثر على حالتك الصحية بشكل كبير.
كما يجب عليك مراجعة طبيبك أو معالجك النفسي في حال ترافقت نوبات البكاء مع أعراض تشير للاكتئاب كالحزن والإحباط المستمرين أو اضطرابات القلق مثل: الهياج وصعوبة التركيز، فاضطرابات المزاج يمكن أن تحمل سلبيات هائلة على حياتك الشخصية والعملية.
يقوم بعض الناس بالبكاء بعد الانتهاء من قراءة كتاب حزين أو مشاهدة فلم بنهاية حزينة أو خلال جنازة شخص ما، ولكن بعض الأشخاص يشرعون بالبكاء عند هياج مشاعرهم لأبسط الأسباب وخاصة قبل النوم، مما قد يحمل مجموعة من الآثار الضارة على صحتك النفسية؛ لذلك في حال كنت تعاني من نوبات بكاء قبل نومك بشكل متواتر، يمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق كيورا، لأن هذه النوبات قد تشير لمشكلة نفسية أو صحية مهمة.
المراجع:
[1] The effects of crying, Psychology Today, retrieved on 26/4/2023
[2] I Can’t Stop Crying Why We Cry and When to Seek Help, Healthline, retrieved on 26/4/2023
[3] Crying before bedtime, Gulf Times, retrieved on 27/4/2023