تعتمد معظم الأطعمة المصنعة في وقتنا الحاضر على الزيوت المهدرجة، وتفضل العديد من الشركات استخدام هذا النوع من الزيوت بسبب تكلفتها المنخفضة وفترة صلاحيتها الطويلة، بغض النظر عن آثارها الجانبية الخطيرة، فما حقيقة هذه الزيوت؟ وكيف تُستخدم؟ وما هي مخاطرها؟ وهل يوجد بدائل صحية؟.
المحتويات
تركيب الزيوت المهدرجة وأهم أنواعها
تُقسم هذه الزيوت إلى نوعين: مهدرجة جزئيًا أو كليًا. خلال عملية الهدرجة، تضاف للزيت السائل جزيئات الهيدروجين ليصبح قوامه أكثر صلابةً وثباتًا ومدة صلاحيته أطول. وقد أدخلت هذه الطريقة إلى الأطعمة المصنعة خلال القرن الماضي، وأصبحت تستخدم على نطاق واسع في معظم المعجنات والزبدة النباتية والحلوى ومبيضات القهوة والوجبات الخفيفة.
في عام 2015، أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA أن الدهون المتحولة الموجودة في الزيوت المهدرجة جزئيًا غير آمنة عمومًا، ويجب التوقف عن إنتاجها في الولايات المتحدة الأمريكية بحلول عام 2018. ورغم ذلك ما زالت هذه الدهون موجودة وتستخدم في الأطعمة في جميع أنحاء العالم حتى اليوم. تحتوي الزيوت المهدرجة بالكامل كمية أقل من الدهون المتحولة، وعلى عكس الزيت المهدرج جزئيًا، ما تزال إدارة الغذاء والدواء تسمح باستخدامها. في عام 2020، أصدرت الإدارة تقريرًا ينصُّ على أن زيوت بذور اللفت المهدرجة بالكامل آمنة للاستخدام في المنتجات الغذائية. قد تكون بعض الزيوت المهدرجة آمنة، ولكن المنتجات التي تحتويها لا تعتبر جيدة للصحة عمومًا، فهي غالبًا ما توجد في الأطعمة المصنعة والمعالجة، وما تزال الإرشادات العامة تنصح بتجنب الأطعمة الحاوية على الزيوت المهدرجة، واختيار الفواكه الطازجة والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون عوضًا عن ذلك.
التأثيرات الضارة للزيوت المهدرجة
ترتبط الزيوت النباتية المهدرجة بالعديد من الآثار الصحية الضارة، فقد تؤثر على مستوى السكر في الدم، وتقلل من السيطرة عليه. تابعت إحدى الدراسات نحو 85000 امرأة لمدة 16 عامًا، ووجدت أن اللاتي تناولن كمية أكبر من الدهون المتحولة، التي تعد منتجًا ثانويًا للهدرجة، كانوا أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النمط الثاني، وربطت دراسة أخرى أجريت على 183 شخصًا تناولوا الدهون المتحولة بزيادة مخاطر مقاومة الأنسولين. تضعف هذه الحالة من قدرة الجسم على استخدام الأنسولين، وهو هرمون ينظم مستويات السكر في الدم. ومع ذلك، أعطت دراسات أخرى نتائج متضاربة حول تأثيرات الدهون المتحولة على مستويات السكر في الدم. وبالتالي، ما زال الأمر بحاجة إلى مزيد من البحث.
قد تزيد الزيوت المهدرجة من مستوى الالتهاب المزمن في الجسم أيضًا. يعتبر الالتهاب الحاد استجابة مناعية طبيعية تحمي من المرض والعدوى، ولكن قد يساهم الالتهاب المزمن في أمراض عديدة كأمراض القلب والسكري والسرطان. تناولت إحدى الأبحاث هذه العلاقة في دراسة أجريت على 50 رجلًا واستمرت 5 أسابيع. توصل البحث إلى أن استبدال الدهون الأخرى بالدهون المتحولة أدى إلى رفع مستوى مؤشرات الالتهاب في الجسم. وبالمثل، وجدت دراسة أجريت على 730 امرأة، أن بعض علامات الالتهاب كانت أعلى بنسبة تصل إلى 73% عند الذين تناولوا كمية أكبر من الدهون المتحولة، مقارنةً بالذين استهلكوا كمية أقل منها.
إضافةً لما سبق، قد تضر الزيوت المهدرجة بصحة القلب، لاحتوائها على الدهون المتحولة، إذ بيَّنت الدراسات أن الدهون المتحولة تساهم في زيادة مستويات الكوليسترول الضار (LDL)، وتقليل الكوليسترول الجيد (HDL)، ويصنف كلا الأمرين ضمن عوامل الخطر المؤهبة لأمراض القلب والأوعية. ربطت دراسات أخرى بين تناول كميات كبيرة من الدهون المتحولة وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. على سبيل المثال، تابعت إحدى الدراسات 78778 امرأة لمدة 20 عامًا، ووجدت أن تناول كميات كبيرة من الدهون المتحولة يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب. أجريت دراسة أخرى على 17107 شخصًا، وتوصلت إلى ارتباط كل 2 غرام يتناوله الرجل من الدهون المتحولة يوميًا بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 14%.
البدائل الصحية للزيوت المهدرجة
استخدمت الزيوت النباتية الصلبة على نطاق واسع في الأطعمة الجاهزة حتى أواخر الثمانينيات، عندما بدأت شركات الأغذية تستخدم الزيوت المهدرجة المصنوعة من زيوت الصويا والذرة وعباد الشمس. ورغم أنَّ هذه الزيوت تعتبر أقل ضررًا من تلك التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون غير المشبعة، لكنها ما تزال ضمن العوامل المؤهبة لأمراض القلب والأوعية مقارنةً بالزيوت النباتية الغنية بالدهون غير المشبعة الأحادية أو المتعددة. في السنوات الأخيرة، أظهرت بعض التقارير صلة بين تناول زيوت النخيل الطبيعية المشبعة وأمراض القلب. ولكن لغاية الآن، لم تثبت الأبحاث فائدة زيوت النخيل أو خطرها. وبشكل عام، يمكن استخدام هذه الزيوت في صناعة الأغذية عوضًا عن الزيوت المهدرجة الحاوية على كمية كبيرة من الدهون المتحولة.
تعتبر الزيوت النباتية السائلة غير المشبعة الطبيعية، كزيت الزيتون أو زيت الكانولا أو الذرة أو الصويا، أهم البدائل الصحية لاستخدام الدهون المشبعة أو المهدرجة. قد يؤدي استخدام هذه الزيوت إلى تلف المنتجات والأطعمة المصنعة التي تدخل في تركيبها بشكل أسرع مقارنةً بالزيوت المهدرجة جزئيًا أو كليًا أو المشبعة بشكل طبيعي، ولذلك تستبدل بعض الشركات الزيوت المهدرجة جزئيًا بمواد غير دهنية، كالألياف النباتية أو الشوفان الكامل، لتعطي مذاقًا مشابهًا لمذاق الدهون. كذلك، تجمع تقنية أخرى بين المستحلبات والزيت غير المهدرج لاستبدال مذاق الدهون وتأثيرها على قوام الطعام. باستخدام هذه التقنيات، أصبحت شركات الأغذية تضع الشعارات التالية: «خالي من الدهون المتحولة» أو «غير مهدرج» على الملصقات الغذائية لمنتجاتها.
لغاية اليوم، ما تزال الزيوت النباتية المهدرجة تستخدم على نطاق واسع في الصناعات الغذائية، لتحسين مذاق الأطعمة المصنعة وقوامها. ومع ذلك، تحتوي هذه الزيوت على نسبة كبيرة من الدهون المتحولة، التي قد تؤثر سلبًا على صحة القلب ومستوى الالتهاب في الجسم ونسبة السكر في الدم. قيدت العديد من البلدان استخدام الدهون المتحولة، ولكنها ما تزال موجودة في العديد من الأطعمة المعلبة. لذلك، اقرأ الملصقات الغذائية بعناية قبل شرائك أي منتج غذائي لتقلل من تناولك الزيوت النباتية المهدرجة قدر الإمكان.