يمكن أن يشعر الجميع بالحزن أو الإحباط من وقت لآخر، وقد يكون ذلك نتيجة التعرض لبعض الضغوط والمواقف اليومية المجهدة، لكن الحقيقة أن الاكتئاب يختلف تمامًا عن الحزن والعواطف الأخرى التي قد يشعر بها الشخص بعد أحداث الحياة الصعبة، وبالتالي فإن طريقة علاجه ستكون مختلفة، ويعتبر العلاج المعرفي السلوكي من أفضل طرق علاج الاكتئاب وأكثرها فعالية.

المحتويات

ما هو العلاج المعرفي السلوكي؟

العلاج السلوكي المعرفي، هو أحد أنواع العلاج النفسي والذي يعالج الاكتئاب بشكل فعال، إنه علاج قصير المدى وموجه ليساعد الأشخاص على تغيير أفكارهم وسلوكياتهم لتحسين مزاجهم وأدائهم، ويستند العلاج السلوكي المعرفي إلى فكرة أن الأفعال أو المشاعر السلبية هي نتائج حالية لمعتقدات أو أفكار مشوهة أو سلبية، ويركز العلاج المعرفي على تغيير الحالة المزاجية والسلوكيات المرتبطة بالحالة النفسية.

يستخدم العلاج المعرفي السلوكي لعلاج الاكتئاب في المقام الأول، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الاضطرابات النفسية، ومنها ما يلي:

القلق والأرق.
اضطرابات الشهية.
اضطراب ما بعد الصدمة.
اضطراب الوسواس القهري.
الرهاب الاجتماعي، ونوبات الذعر.

كيف يعمل العلاج المعرفي السلوكي في علاج الاكتئاب؟

يتطلب العلاج المعرفي السلوكي تعاونًا بين المعالج والمريض، فيعملان معًا لتحديد الأفكار والسلوكيات السلبية وتغييرها، إذ يساعد المعالج الشخص على فهم سلوكه وتعلم طرق جديدة للتفكير والتصرف، ويتضمن نظام العلاج المعرفي السلوكي جلسات أسبوعية تتراوح مدتها بين 30- 60 دقيقة، وغالبًا ما يتطلب العلاج المعرفي السلوكي ما يصل إلى 20 جلسة فقط، ولكن يمكنك الاستمرار في زيارة معالجك طالما كنتَ في حاجة.

توفر جلسات العلاج المعرفي السلوكي فرصة لتحديد التصورات السلبية والمعروفة أيضًا باسم التشوهات المعرفية، والتي قد تسبب أو تساهم في تطور بعض الاضطرابات النفسية كالاكتئاب، ويمكن أن تكون هذه التصورات المشوهة على الشكل التالي:

رفض التجارب الإيجابية على أنها “لا تُحسب” لسبب ما.
ردود أفعال سلبية تلقائية على معظم الأحداث والمواقف.
تضخيم أو التقليل من أهمية حدث ما.
التعميم المفرط: كاستخلاص استنتاجات عامة بشكل مفرط من حدث واحد.
التخصيص: كأخذ الأمور على محمل شخصي جدًا أو الشعور بأن الأفعال موجهة إليكِ على وجه التحديد.
رؤية أحداث الحياة بشكل مطلق، فلا مجال للمناورة أو المناقشة بسلبيات وإيجابيات الحدث.

وبالتالي يركز العلاج المعرفي السلوكي على استبدال أنماط التفكير أو التصورات السلبية بأخرى بناءة، وأكثر واقعية، وذلك من خلال سلسلة من الأساليب والتقنيات. ^[1]

ما هي التقنيات المستخدمة في العلاج المعرفي السلوكي لعلاج الاكتئاب؟

يتضمن العلاج المعرفي السلوكي استخدام العديد من التقنيات المتنوعة للتخفيف من شدة الاكتئاب، وفيما يلي بعض الأساليب الأكثر شيوعًا المستخدمة ضمن العلاج المعرفي السلوكي:

الامتنان

يمكن أن يساعد تحديد الإيجابيات في الحياة وتقديرها والامتنان لها على تغيير منظور الشخص، إذ تشير إحدى الدراسات إلى أن ممارسة الامتنان يمكن أن تساعد بشكل كبير في تقليل التفكير السلبي.

تحديد الأهداف

إذ يُطلب وضع أهداف محددة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق ومحدودة بفترة زمنية، وذلك انطلاقًا من أن المفتاح الأساسي لتعيش حياتك بشكل أفضل، هو قدرتك على تحديد الأهداف وتحقيقها، إذ يمكن أن يساعد تحديد الأهداف في أي مجال من مجالات الحياة على زيادة التركيز والتخطيط والتنظيم، وتُعتبر عملية تحديد الأهداف من أكثر التحديات التي يواجهها الشخص لكونها السبيل الأمثل لتلبية احتياجاته سواء على الصعيد المهني أو الشخصي.

جدولة الأنشطة الممتعة

غالبًا ما يتوقف الأشخاص المصابون بالاكتئاب عن القيام بالأنشطة التي استمتعوا بها من قبل، وبالتالي يمكن أن تساعد جدولة أنشطة صغيرة وممتعة في إعادة الاستمتاع بهذه الأنشطة ومن هذه الأنشطة ما يلي:

شراء الزهور أو الفاكهة الطازجة لنفسك.
مشاهدة فيلمك المفضل.
زيارة أصدقائك.
الذهاب في نزهة إلى الحديقة.
ممارسة الرياضة في الهواء الطلق.

الاحتفاظ بدفتر يوميات

تعد هذه التقنية ضرورية لتدوين المعتقدات السلبية التي تظهر خلال الأسبوع والتي تُشكل سببًا من أسباب الاكتئاب بالنسبة لك، وذلك لمساعدتك في التعرف أكثر على ذاتك وعلى ما يسبب لك الحزن، كما يمكن تدوين الأحداث الإيجابية لتحفيزك على التفكير بطريقة أكثر إيجابية.

كما يُطلب منك أيضًا تسجيل وتحديد الأفكار والمشاعر التي مررت بها أثناء هذه المواقف، لتتمكن فيما بعد من تطوير فكر أكثر واقعية.

التعرض للحدث

تتضمن هذه التقنية سرد المواقف أو الأشياء التي تسبب لك الضيق والاكتئاب بترتيب متدرج، وتعريض نفسك ببطء لهذه المواقف أو الأحداث من أجل تقليل المشاعر السلبية، إذ يساهم ذلك في تطوير قدرتكَ على الاسترخاء والسيطرة أكثر على مشاعرك وسلوكك في المواقف الصعبة.

ما فوائد العلاج المعرفي السلوكي في علاج الاكتئاب؟

يساعد العلاج المعرفي السلوكي الشخص على تعلم أن يكون معالجًا لذاته وأن يركز على تطوير طرق أكثر فاعلية للتعامل مع تحديات الحياة، وتشمل بعض مزايا العلاج المعرفي السلوكي لتخفيف الاكتئاب ما يلي:

علاج فعال ونتائجه إيجابية

يعاني عدد كبير من الأشخاص من الاكتئاب، وتشمل أعراض هذا الاضطراب العزلة وفقدان الاهتمام بالأشياء، وانخفاض مستويات الطاقة، وتطور بعض الأمراض الجسدية، لذا فإن إعادة بناء أنماط التفكير والسلوك له دور كبير في تخفيف الاضطراب، ويمكن أن يكون بنفس فعالية الأدوية الكيميائية المستخدمة لعلاج الاكتئاب.

لا يستغرق الكثير من الوقت والجهد

تستمر معظم سلسلة العلاج المعرفي السلوكي لمدة 20 أسبوعًا أو أقل، وقد ينتهي بعض الأشخاص من علاجهم السلوكي المعرفي في غضون خمسة أسابيع فقط، بالمقارنة مع العلاجات الأخرى التي يمكن أن تستمر لسنوات، كما يتيح لك العلاج المعرفي السلوكي بملاحظة نتائج العلاج على الفور.

التركيز على قدرة الشخص على تغيير أفكاره على المدى الطويل

يأخذ العلاج المعرفي السلوكي أشكالًا مختلفة، إذ تنقسم المشكلات إلى 5 مجالات أساسية في العلاج السلوكي المعرفي وهي:

المواقف.
الأفكار.
العواطف.
ردود الأفعال.
السلوك.

الهدف من الجلسات هو التأكيد أن هذه الأقسام مترابطة مع بعضها البعض في الدماغ، فإذا واجهت موقفًا صعبًا، فلا شك أن لديك محفز تولدت منه مشاعرك وردود أفعالك. ^[2]

العلاج المعرفي السلوكي فعّال لجميع الفئات العمرية

يمكن اتباع تقنيات العلاج المعرفي السلوكي لجميع الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب سواء كانوا كبارًا أو صغارًا إناثًا أو ذكورَا، لذا فإن ممارسة تقنيات العلاج المعرفي السلوكي يساعد جميع الأشخاص على فهم الآليات الصحيحة للتعامل مع مختلف المواقف، والتي تنعكس على نمط الحياة اليومية، بحيث يمكنك استخدامها حتى بعد انتهاء رحلة العلاج.

يهدف العلاج المعرفي السلوكي إلى منح الأدوات الفعالة للشخص الذي يعاني من الاكتئاب من خلال تطبيق المهارات المكتسبة من العلاج مباشرةً في الحياة اليومية، وبالتالي يمكن أن يحصد العلاج المعرفي السلوكي نتائج طويلة الأجل في علاج الاكتئاب بجميع مستوياته.

حمل تطبيق كيورا للتواصل مع نخبة من المعالجين والأطباء النفسيين، وانضم إلى برنامج العودة إلى الحياة بعد الاكتئاب وهو أحد برامج العلاج السلوكي المعرفي الفعالة.