من المؤكد أنك قد سمعت عن أشخاص يخافون من التعرف على أشخاص جدد أو مواجهة بعض المواقف الاجتماعية المختلفة، لأن ذلك يجعلهم يشعرون بقدر كبير من القلق والتوتر، تُعرف هذه الحالة باسم اضطراب القلق الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي، وهي اضطراب نفسي شائع للغاية، يؤثر بشكل كبير على حياة الأشخاص المصابين به وعلاقتهم مع الأشخاص المحيطين بهم، وإنتاجيتهم على صعيد العمل أو الدراسة.
سنتعرف في المقال التالي على هذا الاضطراب وأسبابه وأهم علاماته وأعراضه، بالإضافة إلى نصائح هامة لعلاجه والتعامل معه.
المحتويات
ما هو اضطراب القلق الاجتماعي؟
إن اضطراب القلق الاجتماعي والذي يعرف في بعض الأحيان باسم الرهاب الاجتماعي هو أحد الاضطرابات النفسية الشائعة، التي تؤثر على مختلف تفاصيل الحياة؛ لأنه يؤدي للشعور بالخوف أو القلق في بعض المواقف الاجتماعية المختلفة مثل:
- مقابلات العمل أو الامتحانات الشفهية.
- التسوق أو استخدام دورات المياه العمومية.
- التحدث في الهاتف.
- تناول الطعام في الأماكن العامة.
هذه المواقف السابقة وغيرها تضع الشخص المصاب بالرهاب الاجتماعي تحت ضغط كبير، فهو دائمًا ما يخاف من قيام الأخرين بالحكم على شخصيته أو تصرفاته، وعلى العموم، فمعظم الأشخاص الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي يعلمون أن هذه المخاوف غير منطقية إلا أنهم عاجزون عن التغلب عليها، ووفقًا لجمعية القلق والاكتئاب الأمريكية فإن ما يقارب 1- 3% من البالغين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي.
ما هي أسباب الرهاب الاجتماعي؟
يُعتقد أن مجموعة من العوامل البيئية والجينية والنفسية تلعب دورًا مهمًا في تطور هذا الاضطراب، ووفقًا للعلماء فقد تمت ملاحظة خلل في النواقل العصبية لدى الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب، وخاصة فيما يتعلق بتركيز هرمونات السيروتونين والدوبامين و الغلوتامات، وهي المواد التي تساعد بشكل كبير على تنظيم الحالة المزاجية لدى الإنسان.
أما فيما يتعلق بالعوامل النفسية المؤهبة للرهاب الاجتماعي فمن أهمها:
- سوابق اضطهاد عاطفي أو جسدي.
- العلاقات السلبية مع المحيط الاجتماعي.
- أنماط التربية غير الصحية.
- التعرض للتمييز والتنمر خلال الطفولة.
من الممكن أن ينتشر الرهاب الاجتماعي في العائلات، ولكنه من غير الواضح ما إذا كان هذا بسبب العوامل الوراثية أو أنه ناتج عن تعرض أفراد العائلة لنفس الظروف البيئية والنفسية.
كيف تعرف أنك مصاب بالرهاب الاجتماعي؟
إن الخجل الذي نشعر به في بعض المواقف المحرجة يختلف عن اضطراب الرهاب الاجتماعي، وفي حال كان لديك شك بأنك مصاب باضطراب الرهاب الاجتماعي عليك الانتباه للأعراض والعلامات التالية:
- احمرار الوجه خجلًا عند التعامل مع الأخرين.
- الشعور بالغثيان وآلام المعدة.
- التعرق الغزير وجفاف الفم.
- رجفان اليدين أو الجسم ككل.
- صعوبة الكلام.
- الشعور بالدوار أو خفة الرأس.
- تسرع ضربات القلب.
على الرغم من أن الأعراض الجسدية السابقة عادةً ما تكون قوية وفورية، إلا أن الأعراض والعلامات النفسية للرهاب الاجتماعي لا تقل أهمية عنها، وهي تشمل ما يلي:
- القلق الشديد قبل أو أثناء أو بعد الموقف الاجتماعي.
- الخوف الدائم من احتمالية التصرف أو التحدث بشكل غير مناسب.
- تجنب التعبير عن الآراء أو بدء المحادثات مع الأشخاص الآخرين.
- الشعور بالخجل الشديد أمام الآخرين.
- الشعور بغياب الأفكار وأنك لا تملك ما تقوله.
- القلق من أحكام الآخرين السلبية عليك.
- تجنب الأماكن التي يتواجد بها عدد كبير من الأشخاص.
- الشعور بالحاجة لتواجد شخص بجانبك لمساعدتك في المواقف الاجتماعية.
- التغيب عن المدرسة أو العمل بسبب القلق.
في حال كان لديك بعض هذه الأعراض والعلامات فذلك يعني أنك من الممكن أن تكون مصابًا باضطراب الرهاب الاجتماعي، يساعدك التحدث إلى طبيب نفسي أو معالج نفسي على تشخيص الحالة ومعرفة العلاجات المناسبة لهذا الرهاب.
ما أهم علاجات الرهاب الاجتماعي؟
تتوافر عدة خيارات علاجية مناسبة يمكن استخدامها لعلاج اضطراب الرهاب الاجتماعي، ويختلف مدى نجاح هذه العلاجات بشكل كبير من شخص لآخر، فبعض الأشخاص يحتاجون لنوع واحد من العلاج فقط، بينما يحتاج آخرون لمشاركة عدة علاجات مختلفة، ومن أهم العلاجات المتاحة للرهاب الاجتماعي نذكر:
جلسات العلاج النفسي
تتضمن جلسات العلاج النفسي التحدث إلى معالجك النفسي واستعراض المشكلة معه والبحث عن حلول لها.
العلاج السلوكي المعرفي
يساعد العلاج السلوكي المعرفي على تعلم طرق جديدة للتعامل مع الاضطرابات النفسية ومنها الرهاب الاجتماعي، لأنه يعمل على استبدال الأفكار السلبية بأفكار أخرى إيجابية.
علاج القبول والالتزام
في هذا النوع من العلاج يتعلم الأشخاص بعض الاستراتيجيات التي تساعدهم على مواصلة العمل أو الدراسة أو الاستمتاع بالحياة على الرغم من الأفكار والمشاعر السلبية.
العلاج الجماعي
يساعد هذا النوع من العلاج الأشخاص الذين عانوا من نفس الاضطراب لكي يقوموا بتبادل التجارب والخبرات، ويتعلموا سوية طرق جديدة للتعامل مع هذا الاضطراب.
العلاج بالتعرض
في هذا النوع من العلاج يساعدك اختصاصي الصحة النفسية على مواجهة المواقف الاجتماعية بشكل تدريجي بدلًا من الهروب منها.
العلاج الدوائي
يستخدم العلاج الدوائي في الحالات الشديدة والمعتدلة من الرهاب الاجتماعي، وعادةً ما يتم بالمشاركة مع العلاج النفسي، تساعد بعض الأدوية على تحسين الأعراض، وتخفيف القلق والتوتر عند التعامل مع الآخرين، ولعل من أهمها مثبطات امتصاص السيرتونين وحاصرات بيتا، من المهم أن تعلم أن هذه الأدوية لها تأثيرات جانبية عديدة؛ لذلك ينبغي أن يتم وصفها من قبل طبيب الأمراض النفسية حصرًا، والذي سيشرح لك الفوائد والمخاطر الخاصة بكل دواء، ويساعدك على اختيار الدواء المناسب لك.
بالإضافة إلى العلاجات السابقة، تتوفر مجموعة واسعة من النصائح للتعامل مع الرهاب الاجتماعي وهي:
- الاعتماد على تمارين التنفس واليقظة والتأمل.
- ممارسة اليوغا للمساعدة على تخفيف التوتر.
- تجنب شرب كميات كبيرة من الكافيين.
- تنظيم النوم وتجنب السهر لفترات طويلة.
- التعرف على محرضات القلق الخاص بك وتجنبها.
على العموم، لا يدرك معظم الأشخاص المصابين بالرهاب الاجتماعي أن لديهم مشكلة وأنهم بحاجة للعلاج، لكن من دون علاج يمكن أن يؤثر الرهاب الاجتماعي على كافة تفاصيل الحياة بما فيها الإنجازات على صعيد العمل والدراسة، بالإضافة إلى العلاقات مع العائلة والأصدقاء المقربين، وهو الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على نوعية حياة الشخص، لذلك انتبه جيدًا على أعراض الرهاب الاجتماعي واعمل على علاجها عند ظهورها، واطلب المساعدة الطبية عند اللزوم