كيف تتعامل مع صديقك المصاب بانفصام الشخصية؟

يعاني العديد من الأشخاص حول العالم من أمراض ومشاكل نفسية مختلفة، وعلى الرغم من تنوع الأمراض النفسية إلا أن دعم الأصدقاء وأفراد العائلة للمصاب هو أحد أهم أساسيات العلاج واستعادة الفرد لصحته.

 يلاحظ هذا الأمر بشكل واضح لدى المصابين بانفصام الشخصية، فهذا الاضطراب يؤثر بشكل كبير على صحة المريض النفسية بسبب أعراضه المتنوعة من هلوسات وأوهام وغيرها، وهنا يكمن دور أصدقاء المصاب وأفراد عائلته في دعمه ومساعدته خلال فترة علاجه، ويتم ذلك عبر فهم اضطراب انفصام الشخصية بشكل جيد ومعرفة الأسلوب الصحيح للتعامل مع المصاب وهذا ما سنتطرق له في هذا المقال.

ما هو انفصام الشخصية؟

انفصام الشخصية أو الفصام هو اضطراب نفسي مزمن يؤثر على دماغ الفرد بطريقة يعاني فيها المصاب من تشوه واقعه نتيجة مجموعة متنوعة من الهلوسات والأوهام، حيث يعاني ما يقارب 1% من الناس حول العالم من اضطراب انفصام الشخصية.

أظهرت الدراسات إمكانية إصابة النساء والرجال بشكل متساوٍ بانفصام الشخصية بأي عمر، ولكن تبدأ الأعراض بالظهور لدى الرجال أبكر من النساء.

سبّب تعقيد اضطراب انفصام الشخصية الشديد وجود العديد من المعلومات المغلوطة حول انفصام الشخصية، ولعل أهمها اعتقاد الناس أن انفصام الشخصية هو وجود شخصيتين أو أكثر لدى المصاب، ولكن في الحقيقة هذا اعتقاد خاطئ فوجود شخصيتين أو أكثر لدى الفرد أو ما يدعى باضطراب الهوية الانفصامية هو اضطراب مختلف تمامًا عن انفصام الشخصية. 

ما هي أعراض انفصام الشخصية؟

عند نشاط المرض يعاني الفرد من مجموعة من النوبات التي لا يستطيع فيها التفريق بين التجارب الحقيقية والتجارب الناجمة عن الهلوسات والأوهام، ومثله مثل أي مرض تختلف شدته ومدته وتكراره من شخص لآخر، تقسم الأعراض والعلامات لـ 4 أشكال رئيسية هي:

الأعراض الباكرة: وهي الأعراض التي تظهر خلال عمر المراهقة، والتي غالبًا ما يتم تجاهلها لتشابهها مع سلوك المراهقين التمردي، أهمها:

  • الانعزال عن العائلة والأصدقاء.
  • اضطراب التركيز والنوم.
  • الهياج.
  • مشاكل في الدراسة أو التحصيل الأكاديمي.
  • القلق والتوتر.
  • أفكار غريبة والشعور بالاختلاف عن الآخرين.

الأعراض الإيجابية: لا تشاهد إلا لدى مريض انفصام الشخصية أو مرضى الأمراض النفسية الشديدة وأهمها:

  • الهلوسات: تجارب يعتقد الفرد أنها حقيقية ولكنها من صنع عقل المريض مثل: سماع أصوات أو رؤية أشياء لا يراها الآخرون حول المريض.
  • الأوهام: تحدث عندما يؤمن المريض بحقيقة شيء بغض النظر عن الأدلة أو الحقائق المتعلقة بهذا الشيء.
  • الرهاب: وهو فقدان الثقة بالآخرين والاعتقاد الدائم بأن المريض مُلاحق أو مضطهد.

الأعراض السلبية: وهي مجموعة من الأعراض التي تؤثر على مشاعر وسلوك وقدرات المريض ومنها:

  • تراجع القدرات الكلامية.
  • تراجع الاستجابة العاطفية أو استجابة عاطفية غريبة للمواقف.
  • فقدان الاهتمام بالحياة.
  • الانعزال الاجتماعي.
  • اضطراب الشعور بالسعادة.
  • صعوبة البدء أو متابعة الخطط.
  • صعوبة إنجاز الواجبات اليومية.

الأعراض المعرفية: وتتضمن:

  • مشاكل بالتفكير أو الكلام مثل: تغيير الموضوع بشكل سريع أثناء التحدث.
  • النسيان.
  • اضطراب عملية التفكير مثل: مشاكل التركيز والانتباه.
  • ضعف مهارات التطبيق العملي أو فهم المعلومات واستخدامها لاتخاذ القرار. [1]
  • مشاكل في التعلم.

اقرأ أيضًا: انفصام الشخصية: حقائق وخرافات

ما هو علاج انفصام الشخصية؟

تركز العلاجات الحالية على إدارة أو تقليل شدة وتواتر الأعراض، أهمها:

  • العلاج الدوائي: تعد الأدوية المضادة للذهان من أشيع الأدوية المستخدمة في علاج انفصام الشخصية، وذلك عبر تقليل شدة وتواتر حدوث الهلوسات والأوهام.
  • التداخل النفسي الاجتماعي: ويتضمن علاج فردي يساعد على التكيف مع التوتر وأعراض انفصام الشخصية، ويمكن للتدريب الاجتماعي أن يحسن من مهارات المريض الاجتماعية ومهاراته في التواصل.
  • التأهيل المهني: يقدم هذا النوع من العلاج المهارات التي يحتاجها الفرد للعمل وإنجاز مهامه اليومية.
  • الدعم العائلي والتعليم: في حال كان أحد أصدقائك أو أفراد عائلتك يعاني من انفصام الشخصية فإن تقديم الدعم له سيساهم في خفض مستوى القلق والتوتر لديه، ويساعد على خلق شعور بالأمان لدى الفرد، كما يوجد برامج تعليمية للأصدقاء وأفراد العائلة، والتي ستساعد على ملاحظة علامات وأعراض انفصام الشخصية وتقديم الدعم بالطريقة الأنسب.

كيف تتعامل مع صديقك المصاب بانفصام الشخصية؟

يلعب حب ودعم العائلة والأصدقاء دورًا مهمًا في علاج مرض انفصام الشخصية، إذا كان أحد أفراد أسرتك مصابًا بالفصام، فقد تعاني من العديد من المشاعر كالخوف والشعور بالذنب والغضب والإحباط، وقد تشعر بالعجز في مواجهة الأعراض التي يعاني منها أحد أصدقائك المقربين أو القلق بشأن كيفية التعامل معه أو بالارتباك والإحراج من سلوكه الغريب، وقد تميل حتى لإخفاء مرض من تحب عن الآخرين.

لكن من المهم معرفة أن انفصام الشخصية مشكلة يمكن التعافي منها، خاصة بدعم العائلة والأصدقاء، فيجب عليك تقبل المرض وصعوباته، وعدم تصديق الإشاعات التي تقول بعدم إمكانية تحسنه، وقم ببذل جهدك لمساعدة صديقك على الاستمتاع بحياته، وحافظ على الأمل، ففي حال كان صديقك يعاني من انفصام الشخصية توجد عدة طرق وأساليب للتعامل معه والمساهمة في عملية تحسنه ومن أهمها:

ثقف نفسك: لست بحاجة لأن تصبح خبيرًا بانفصام الشخصية، ولكن سيسمح لك التعرف على مرض انفصام الشخصية وطرق علاجه باتخاذ قرارات أفضل حول سبل التعامل مع أعراضه، وتشجيع صديقك على اتباع استراتيجيات المساعدة الذاتية والتعامل مع الانتكاسات والعمل على التعافي.

خفف من التوتر: يمكن للتوتر أن يحرض أعراض انفصام الشخصية، لذلك من المهم خلق بيئة داعمة وخالية من القلق والتوتر لصديقك؛ لضمان شعوره بالأمان والتقليل من أعراضه بأكبر قدر ممكن، مما سيساعدك على التعامل معه بشكل أفضل.

ركز على مشاعر صديقك: قد تشعر بأنك غير متيقن مما يجب أن تقوله أو تفعله عندما ترى صديقك يرى أو يؤمن بشيء لا تراه أنت، ولكن من المهم أن تتذكر أن هذه التجارب تبدو حقيقية بالنسبة له، يمكنك المساعدة عبر التركيز على مشاعر صديقك بدلًا من إنكار تجربته، فمثلًا: يمكنك أن تقول: “هذا يبدو مرعبًا، هل يوجد أحد يمكنك التحدث معه حول هذا؟”

ضع خططًا للأوقات الصعبة: عند شعور صديقك بتحسن يمكنك التحدث معه حول كيفية مساعدته في حال اشتدت الأعراض أو عانى من نوبات الفصام، وذلك عبر التشجيع على وضع خطة للتعامل مع نوبات الفصام وأعراضها، ومعرفة الأعراض التي يجب الانتباه لها والمحرضات التي قد تسبب بدء الأعراض، كل ذلك سيساعد على تجنب الهلوسات والأوهام والتعامل معها في حال حدوثها بأفضل أسلوب ممكن.

اعتني بنفسك: كصديق مقرب من المهم أن تعتني بنفسك، حاول الحفاظ على جدولك وأنشطتك المنتظمة مثل: ممارسة التمارين الروتينية وهواياتك وعملك، كما يمكنك الحصول على المساعدة من أحد الأصدقاء المقربين أو أحد أفراد العائلة، أو يمكنك اللجوء إلى مجموعات الدعم، حيث يمكنك التحدث مع أشخاص يملكون تجارب مشابهة. [2]

اقرأ أيضًا: الفصام: أسبابه، أعراضه، علاجه

لا توجد طريقة واضحة حاليًا للوقاية من اضطراب انفصام الشخصية أو علاجه بشكل كامل، ولكن أكدت الأبحاث والدراسات الدور الهائل الذي يلعبه دعم الأصدقاء المقربين للمرضى، وعلاقته بتحسن أعراضهم وتراجعها بشكل كبير؛ لذلك في حال كنت تملك صديقًا يعاني من انفصام الشخصية لا تشعر بالإحراج من مشاعره وسلوكه بل حاول أن تساعده وتتفهم مشاعره وتشجعه على العلاج حتى يتمكن من ممارسة حياته بشكل طبيعي وسليم.

المراجع 

[1] What Do You Want to Know About Schizophrenia?, www.healthline.com, retrived 18/2/2022

[2] Helping Someone with Schizophrenia, www.helpguide.org, retrived 18/2/2022

Loading spinner
Share your love