كيف تتعاملين مع الاكتئاب المصاحب للدورة الشهرية؟

تعاني غالبية النساء وبمختلف الأعمار من مجموعة أعراض تسبق فترة الحيض، تختلف شدتها من أنثى إلى أخرى، فقد تكون خفيفة الشدة وعابرة، وأحيانًا شديدة وتعيق الحياة اليومية. 

على الرغم من التنوع الكبير للأعراض إلا أنه يمكن تحديد أشيع الأعراض والعلامات النفسية والجسدية والتي تتمثل عادة بـ: التقلصات البطنية، وألم في الثدي يكون عادة في الجهتين، والتعب والوهن، والحساسية المفرطة، والاكتئاب، والنهم، إضافة إلى حدوث تبدلات في المزاج والذي يعد الأكثر شيوعًا.

تظهر هذه الأعراض عادةً قبل بدء الحيض بنحو أسبوعين، فيما تخف تدريجيًا بعد بدء الدورة، لذا عرفت مجموعة الأعراض هذه بمتلازمة ما قبل الحيض. هناك بعض السيدات اللواتي قد تستمر لديهن الأعراض طوال فترة الحيض، أو خلال الفترة الفاصلة بين الحيض والإباضة، وهي مشابهة لمتلازمة ما قبل الحيض إلا أنها قد تكون أكثر شدة، أو تحدث عند سيدات لديهن سوابق مرضية نفسية كامنة. 

نظرًا لكون هذه الأعراض قد تشكل عائقًا أمام ممارسة حياتك اليومية بالشكل الطبيعي، فقد أشرنا في هذا المقال إلى أهم الخطوات الأساسية التي تساعدك على التعامل مع اضطرابات المزاج لديك، وكيف تتمكنين من تخفيف شدتها أو حتى التخلص منها.

أهم أسباب اضطراب المزاج المرافق للدورة الشهرية

تعد الهرمونات العامل المسبب الأول في حدوث اضطرابات المزاج المصاحبة للدورة الشهرية وخاصة البروجسترون والأستروجين، بينما يكون العامل الثاني هو  تبدلات في تراكيز بعض النواقل العصبية في الدماغ، إذ يعزى الاكتئاب إلى المستويات المنخفضة من الدوبامين والسيروتونين، حيث ينخفض تركيز كل منهما بعد الإباضة.

وجدت بعض الدراسات تغير في تركيز الدوبامين والسيروتونين وهي مواد كيميائية متخصصة بنقل السيالات العصبية، إذ ينخفض تركيز كل منها بعد الإباضة ويعود إلى نسبته الطبيعية بعد عدة أيام من بدء الحيض، وهذا ما يفسر تراجع مشاعر الاكتئاب واضطراب المزاج لدى غالبية النساء بعد بداية الحيض. 

في بعض الحالات، قد تملك السيدة سوابق مرضية كامنة ومن ضمنها الاكتئاب، دون أن يتم تشخيصه، لذا يشتد خلال الفترة التي تسبق الحيض.

أعراض ومؤشرات مهمة مرافقة للدورة الشهرية

من أشيع الأعراض التي قد تظهر لديكِ، ويمكن ملاحظتها من قبل طبيبك المعالج:

  • ظهور علامات الاكتئاب التي يمكن تشخيصها من قبل طبيبك، إضافةً إلى الشعور بالقلق والتوتر وتبدل المزاج المفاجئ، قد تشعرين أيضًا بالرغبة الدائمة بالبكاء.
  • الهياج والغضب المبالغ فيه.
  • اضطرابات التركيز.
  • فقدان الاهتمام والشغف بالنشاطات اليومية المعتادة.
  • الشعور بالدونية وعدم التحكم بالذات.
  • اضطرابات النوم مثل الأرق والشعور بالحاجة إلى النوم.
  • اضطرابات الشهية مثل فقدان الشهية أو النهم.
  • حدوث نوبات هلع، أو ظهور أفكار انتحارية، كما قد تلاحظين تغيرات سلوكية مثل: الميل إلى العزلة وتجنب التجمعات، إضافة إلى تغيرات في الرغبة الجنسية.

قد تكون الأفكار الانتحارية سببًا في تدمير الحياة، كما يمكن للاكتئاب أن يصل لمرحلة تجعلك تفقدين الرغبة بالنهوض من السرير أو الذهاب للعمل أو المدرسة، أو حتى الشعور المستمر بالضغط النفسي في العمل والمنزل وغيرها.

الأعراض والعلامات الجسدية المرافقة للدورة الشهرية

من الشائع حدوث آلام عضلية ومفصلية معممة، إضافةً إلى الصداع، وكسب الوزن التالي لاحتباس السوائل(نتيجة التبدلات الهرمونية)، ونفخة في البطن، وألم في الثدي، وقد نلاحظ ظهور بعض البثور في الوجه. 

من الممكن أن تعاني المرأة من اضطرابات في عملية الهضم مثل: الإسهال أو الإمساك، كما قد تحدث حساسية مفرطة للكحول. تتراجع هذه الأعراض لدى غالبية النساء بعد عدة أيام من بدء الحيض، لكنها قد تستمر عند نسبة قليلة منهن، وتعرف هذه الحالة باضطراب عسر الطمث والذي تحدث فيه الأعراض التي سبق ذكرها ولكن بشكل أشد.

لا توجد علامات جسدية واضحة أو فحوص مخبرية نوعية تساعد في وضع التشخيص، لذا يقوم الطبيب بتدوين كل الأعراض والعلامات التي تذكرها المريضة وفقا لتقويم زمني، وتحديد بداية الأعراض ونهايتها، مع التأكيد على ذكر بداية الدورة ونهايتها. 

قد تطلب فحوص معينة بهدف نفي حالات مرضية مشابهة مثل: اضطرابات الغدة الدرقية، كما يجب نفي الاكتئاب الأساسي والقلق واضطرابات المزاج. [1]

متى عليك مراجعة الطبيب؟

يختلف العلاج باختلاف شدة الأعراض وتأثيرها على الحياة اليومية، فقد يساعد تغيير نمط الحياة بعض النساء على تخطي هذه الأعراض، ويكون ذلك كافِ لحصولهم على حياة طبيعية، بينما تحتاج الأخريات اللواتي تعانين من أعراض شديدة إلى الالتزام بأدوية توصف من قبل طبيبها مثل: مضادات الاكتئاب وغيرها من الأدوية التي تحسن المزاج ونوعية الحياة.

سُجلت نتائج رائعة حول نجاح العلاج الدوائي في تحسين أعراض ما قبل الحيض، وأهم هذه الأدوية:

  • مضادات الاكتئاب (توصف حصرًا من قبل الطبيب المختص).
  • مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية: مثل الموتين، والبروفين وغيرها، حيث تساعد هذه الأدوية على تخفيف التقلصات البطنية وبالتالي تحسن الحالة العامة والتوتر النفسي .
  • في الحالات الشديدة والتي تحمل خطورة على حياة السيدة قد يلجأ الطبيب إلى مثبطات الهرمون التي تمنع الإباضة.

اقرأ أيضًا: متلازمة ما قبل الحيض

تغيير نمط الحياة والعلاج المنزلي

يمكنك السيطرة على الأعراض المصاحبة للدورة الشهرية من خلال تغيير طريقة الأكل، وممارسة الرياضة، والالتزام بعادات يومية معينة، وأهم الخطوات التي ينصح بها:

أولًا: راقبي غذاءك

  • تناولي وجبات قليلة الكمية ولعدة مرات في اليوم؛ لتخففي من شعور النفخة المرافق لمتلازمة ما قبل الحيض.
  • احرصي على تخفيف كميات الملح والسوائل للتخفيف من احتباس السوائل.
  • تناولي مقدار كاف من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة.
  • اختاري الطعام الغني بالكلس الذي يعد متممًا غذائيًا ضروريًا خلال هذه الفترة.
  • تجنبي الكافيين والكحول لأن هذه المواد ستزيد من القلق والتوتر والتهيج.

ثانيًا: اجعلي الرياضة روتينًا يوميًا

تلعب الرياضة دورًا هامًا في تحسن المزاج، وتنظيم الروتين اليومي للسيدة، لذا نقترح أن تلتزمي بممارسة التمارين لثلاث مرات أسبوعيًا، على الأقل.

قد يحسن المشي وخاصة المشي السريع، أو ركوب الدراجة، أو حتى السباحة من المزاج بشكل ملحوظ، كما يمكن ممارسة تمارين الآيروبيك التي بدورها تحافظ على لياقة الجسم وتخفف من الأعراض النفسية والجسدية المرافقة، لذا احرصي على ممارستها بانتظام.

ثالثًا:  تجنبي التوتر

احرصي على حصولك على ساعات نوم كافية ولفترات منتظمة، أيضًا حاولي ممارسة اليوغا أو حتى الحصول على جلسات تدليك بهدف الاسترخاء والتخفيف من التوتر النفسي، قومي بتمارين التنفس العميق، والتمارين الرياضية التي تساعد على تمطيط العضلات.

رابعًا: سجلي الأعراض والعلامات بشكل يومي

حاولي أن تحددي العوامل التي تحرض الألم وكذلك التي تزيله، ومن أهم العلاجات التي لوحظ أنها تساعد في تخفيف الأعراض:

  • الفيتامينات والمتممات الأخرى مثل: الكالسيوم والمغنسيوم وفيتامين E.
  • الأدوية العشبية: يجب تناولها بعد استشارة الطبيب، لأنها تملك آثارًا ضارة أو قد تتداخل مع بعض الأدوية، لذا يجب استشارة الطبيب قبل تناولها.
  • العلاج بالإبر الصينية: هناك فوائد عديدة لها. [2]

في الختام: يجب أن نؤكد على ضرورة مراقبة كافة الأعراض التي تصيبك وإخبار طبيبك بأي تغير قد تشعرين به، لأن الأعراض قد تختلف من فترة إلى أخرى، ويفضل الالتزام بنمط حياة مريح وبعيد عن التوتر والضغط النفسي والخمول، كل ذلك سيساعدك على تخطي أعراض ما قبل الحيض وتحديد تأثيرها على حياتك.

اقرأ أيضًا: الحالة النفسية للمرأة أثناء فترة الحيض

المراجع

[1] Premenstrual syndrome (PMS), www.mayoclinic.org, retrieved 12/2/2022

[2] Depression During Your Period? Here’s Why It Happens and How to Cope, www.healthline.com, retrieved 12/2/2022

Loading spinner
Share your love