يعد الصداع من أشيع الاضطرابات التي تصيب الجهاز العصبي المركزي عند الإنسان، إذ يشكو أكثر من 15% من البالغين في العالم من نوبات صداع لمرة واحدة على الأقل في السنة. وهو يصيب النساء أكثر من الرجال بنسبة تصل للضعف، كما أنه يصيب صغار العمر والشباب أكثر من كبار العمر. ويكون في الغالبية العظمى من الأحيان سليمًا، ويمكن معالجته بالقليل من الراحة ومسكنات الألم الاعتيادية، لكن في حالات خاصة يكون الصداع مؤشرًا على مرض خطير أو حالات طبية تستدعي الاهتمام الطبي الفوري، وسنستعرض في هذا المقال أهم الحالات الطبية الخطيرة التي تترافق مع الصداع، وكيف يجب التعامل معها.
المحتويات
أنواع الصداع
بحسب التصنيف العالمي يوجد أكثر من 150 نوعًا مختلفًا من الصداع، يمكن تقسيمها إلى فرعين رئيسيين:
- الأولي – Primary Headache
- الثانوي – Secondary Headache
لا ينجم الصداع الأولي عن أي حالة طبية، هو فقط يصيب الإنسان مثل الشقيقة، وصداع التوتر، ويعتبر أكثر الأنواع شيوعًا، بينما يعد الصداع الثانوي عرضًا لحالة طبية أخرى في الجسم تستدعي الاهتمام الطبي والكشف عنها وغالبًا ما يترافق مع أعراض أخرى تشير إلى العامل المسبب.
من أهم أسباب الصداع الثانوي والتي تتطلب اهتمامًا خاصًا لأنها قد تكون مؤشرًا على مرض خطير:
الصداع الناجم عن الأورام الدماغية
يعتبر سرطان الدماغ من الأورام الخبيثة النادرة، وتقسم إلى أورام أولية تنشأ في الدماغ، وأورام ثانوية تنشأ في مكان آخر من الجسم ثم تنتقل إلى الدماغ، مثل سرطان الثدي، والرئة، والقولون. يكون الصداع الناجم عن سرطان الدماغ مستمرًا طوال اليوم، ويوقظ المريض من نومه ليلًا، ويزداد شدةً في الصباح الباكر، ويتغير مكانه في الرأس بتغير وضعية الجسم. يترافق الصداع الناجم عن أورام الدماغ أيضًا مع أعراض أخرى مثل مشاكل في الرؤية والسمع، والدوخة، واضطرابات في الكلام، وحدوث اختلاجات، وفقدان الوزن.
الصداع الناجم عن التهاب السحايا
يحدث التهاب السحايا نتيجة عدوى فيروسية أو جرثومية أو فطرية تصيب السائل الدماغي الشوكي والسحايا الدماغية التي تغلف الدماغ والنخاع الشوكي. تعد العدوى الفيروسية أشيع أسباب التهاب السحايا، وغالبًا ما يصيب الأطفال الأصغر من عمر خمس سنوات. يكون الصداع في التهاب السحايا مؤلمًا، ويبدأ بشكل مفاجئ، ويشمل كامل الدماغ، ويترافق بصورة رئيسية مع الغثيان والإقياء، والحُمى مرتفعة الدرجة، وصلابة عضلات العنق. يمكن أيضًا حدوث حساسية للضوء، وطفح جلدي، ونقص في الشهية.
الصداع الناجم عن أذية أو رض على الرأس والعنق
يعد هذا النمط من الصداع شائعًا جدًا ومن أكثر الأنواع الثانوي انتشارًا، بسبب كثرة الحوادث التي تصيب منطقة الرأس والعنق الحساسة من الجسم. لا توجد علامات مميزة لهذا النمط من الصداع تميزه عن الأنواع الأخرى، ويكون إما على شكل صداع مؤلم ظهر لأول مرة بعد مرور فترة زمنية قصيرة على التعرض لحادث أصاب الرأس والعنق مثل السقوط من مرتفع، أو التعرض لحادث سيارة أو دراجة، أو أن يكون على شكل صداعٍ قديمٍ كان موجودًا قبل الحادث، وازداد شدةً بعد الحادث. يعتمد التشخيص الأساسي لهذا النمط على الربط بين الحادثة ووقت ظهور الصداع ومكان ظهوره، ويتطلب الاهتمام الطبي الفوري لما قد يحمله من خطر على حياة المريض نتيجة الأذية الحاصلة للرأس والعنق.
الصداع الناجم عن اضطراب في الأوعية الدموية في الرأس والعنق
تتنوع الاضطرابات التي تصيب الأوعية الدموية في الرأس والعنق مثل الاحتشاء أو النزف أو الالتهاب. يعد تشخيص هذا النمط من الصداع سهلًا عادةً لأن الصداع هنا يكون حادًا وسريع التطور ويترافق مع أعراضٍ عصبية أخرى. تتغير شدة ألم الصداع والأعراض الأخرى المرافقة له تبعًا للاضطراب الحاصل في الأوعية الدموية. إذ تغلب حالة اضطراب الوعي والأعراض البؤرية (مثل الضعف العضلي أو الشلل، واضطراب الرؤية، وارتخاء عضلات الوجه، والدوار الشديد، واضطراب الكلام) على ألم الصداع في حالات السكتة الدماغية والنزيف الدماغي، بينما يكون الصداع في حالات أخرى مثل النزف الدماغي فوق الجافية (السحايا) مفاجئًا وقويًا جدًا ويشمل كامل الرأس وشبهه المريض بضربة البرقة أو (أقوى صداع شعرت به في حياتي).
لكن يكون الصداع في حالات أخرى مثل خُثار الأوردة الدماغية، أو التهاب الشّرايين، أو التهاب أوعية الجهاز العصبي المركزي، شديدًا عادة، ويميل إلى أن يتمركز في منطقة معينة من الرأس. تتطلب جميع الحالات السابقة اهتمامًا طبيًا فوريًا لما قد تحمله من تهديد لحياة المريض، وتكون الخطوة الأولى عادةً إجراء صورة طبقي محوري للدماغ CT وإدخال المريض للعناية المشددة لتدبير الحالة.
الصداع الناجم عن ارتفاع الضغط
يعتبر ارتفاع الضغط داخل الجمجمة حالة طبية خطيرة تنجم عن الكثير من الأسباب، مثل: التعرض لأذية حادة أو رض على الرأس، أو الإصابة بالسكتة الدماغية، أو عدوى في الدماغ. يكون الصداع الناتج عن ارتفاع الضغط داخل الجمجمة مستمرًّا، ونابضًا، وتزداد شدته في الصباح الباكر، ويزداد أيضًا مع السعال والإجهاد، ويخف عند الوقوف، ويترافق أيضًا بأعراض أخرى مثل فقدان الرؤية المؤقت، والشعور بالتعب والنعاس. يمكن أن يحدث الصداع أيضًا في حالة انخفاض الضغط داخل الجمجمة نتيجة تسرب السائل الدماغي الشوكي ICF من الجهاز العصبي المركزي، وقد يحدث ذلك لأسباب كثيرة منها أسباب ولادية، والرضوض مثل حدوث كسر في الجمجمة، وعلى عكس ارتفاع الضغط داخل الجمجمة، يزداد الصداع هنا أثناء الوقوف ويخف مع الاستلقاء، ويترافق مع أعراض أخرى مثل الغثيان، والدوخة، واضطراب الرؤية والسمع.
تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية WHO إلى أن نصف البالغين حول العالم تقريبًا قد عانوا ألم الصداع مرةً واحدةً على الأقل خلال السنة الفائتة. لا تشير كل حالة صداع إلى مرض خطير، إذ يترافق الصداع الخطير في الغالبية العُظمى من الحالات مع أعراض أخرى مثل تلك المذكورة سابقًا والتي تشير إلى العامل المسبب.
المصادر: 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6