يُعرف هرمون النمو البشري (GH) أيضًا باسم سوماتوتروبين، وهو هرمون ببتيدي يفرزه القسم الأمامي من الغدة النخامية، لهذا الهرمون أهمية كبيرة جدًا لأنه يحفز نمو جميع أنسجة الجسم، وخصوصًا العظام والعضلات. يُسبب الخلل في إفراز هرمون النمو (نقص أو زيادة) أمراضًا واضطرابات عديدة قد يكون بعضها خطيرًا ويتطلب علاجًا فعالًا.
المحتويات
تركيب هرمون النمو وآلية عمله
يصنع هرمون النمو ويفرز بواسطة خلايا الغدة النخامية الأمامية، والتي تُنتج ما بين 1 – 2 ملغ من الهرمون يوميًا. يعد هرمون النمو عاملًا أساسيًا للنمو الطبيعي عند الأطفال، إذ ترتفع مستوياته تدريجيًا أثناء الطفولة ويبلغ ذروته أثناء طفرة النمو التي تحدث في سن البلوغ. من الناحية الكيميائية الحيوية، يحفز هرمون النمو تركيب البروتين ويزيد من تفكيك الدهون لتوفير الطاقة اللازمة لنمو الأنسجة. كما أنه يعاكس عمل الأنسولين. يؤثر هرمون النمو بشكل مباشر على الأنسجة، ولكن العديد من تأثيراته تعتمد على تحفيز الكبد والأنسجة الأخرى لإنتاج وإطلاق عوامل النمو، وبشكل أساسي عامل النمو (IGF-1).
يحفز إفراز هرمون النمو بواسطة الهرمون المُطلق لهرمون النمو (GHRH) الذي تنتجه منطقة الوطاء في الدماغ. تجدر الإشارة أيضًا إلى أن إفراز هرمون النمو يكون على فترات وليس مستمرًا، مع حدوث زيادة في الإفراز بعد بداية النوم العميق والتي تكون واضحة بشكل خاص أثناء مرحلة البلوغ. يزداد إفراز هرمون النمو إذا حدث نقص في تناول الطعام وتحت تأثير الضغوط الفيزيولوجية، وينخفض استجابةً لعدة عوامل منها تناول الطعام. وفي بعض الحالات المرضية يحدث خلل هام في إفراز هرمون النمو، والذي يكون على شكل نقص أو زيادة في إفراز الهرمون.
نقص هرمون النمو
اضطراب هام ومؤثر على الجسم، إذ يُعد نقص هرمون النمو أحد الأسباب الرئيسية لقصر القامة والقزامة. ينتج هذا الخلل بشكل أساسي عن تلف منطقة ما تحت المهاد أو الغدة النخامية أثناء نمو الجنين (نقص هرمون النمو الخلقي) أو بعد الولادة (نقص هرمون النمو المكتسب). قد يحدث نقص هرمون النمو أيضًا بسبب طفرات في الجينات التي تنظم تركيبه وإفرازه. تشمل الجينات المتأثرة PIT-1 (عامل النسخ الخاص بالغدة النخامية). قد تؤدي الطفرات في هذه الجينات أيضًا إلى نقص إنتاج وإفراز هرمونات الغدة النخامية الأخرى. في بعض الحالات، يكون نقص هرمون النمو نتيجة لنقص الهرمون المطلق لهرمون النمو والذي يفرز من منطقة الوطاء، وفي هذه الحالة يمكن تحفيز إفراز هرمون النمو عن طريق حقن GHRH. في حالات أخرى، تكون خلايا الغدة النخامية غير قادرة على إنتاج هرمون النمو، أو أن الهرمون نفسه غير طبيعي من ناحية التركيب، ولديه فعالية قليلة في تعزيز النمو.
من الحالات المثيرة للاهتمام أيضًا حدوث قصر قامة ونقص في إنتاج هرمون النمو لدى الأطفال المصابين بمشاكل نفسية ناتجة عن الحرمان العاطفي الشديد، وعندما يتم إبعاد الأطفال المصابين بهذا الاضطراب عن البيئة السلبية أو تحسين ظروف حياتهم، فإن وظيفة الغدد الصماء ومعدل النمو لديهم تصبح طبيعية.
يكون الأطفال الذين يعانون من نقص هرمون النمو طبيعيي الحجم عند الولادة، ولكن تأخر النمو يصبح واضحًا خلال العامين الأولين من العمر. تُظهر الصور الشعاعية لمشاش العظام تأخرًا في النمو في العمر الزمني للمريض. على الرغم من تأخر سن البلوغ في كثير من الأحيان، إلا أن الخصوبة وولادة الأطفال الطبيعيين ممكنة عند النساء المصابات. وغالبًا ما يتم علاج نقص هرمون النمو بحقن هرمون النمو.
يمكن أن يرتبط نقص هرمون النمو بمستويات منخفضة من الهرمونات الأخرى، مثل الهرمون المضاد للإدرار (الفازوبريسين) والهرمونات الجنسية والهرمون الموجه للغدة الدرقية والهرمون الموجه للغدة الكظرية.
أعراض وعلامات نقص هرمون النمو
تختلف أعراض نقص هرمون النمو تبعًا لعوامل عديدة منها عمر المريض وحالته الصحية العامة ودرجة النقص في إفراز الهرمون ووجود أمراض مرافقة، ومن أهم الأعراض التي تشير لنقص هرمون النمو:
- نمو بطيء أو توقف النمو بشكل كامل.
- قصر القامة (مقارنة بالأطفال الآخرين من نفس العمر والجنس).
- غياب أو تأخر النمو الجنسي خلال فترة البلوغ.
- صداع مستمر غير مُفسر.
ومن أعراض نقص هرمونات الغدة النخامية الأخرى التي قد تترافق مع نقص هرمون النمو:
- زيادة عدد مرات التبول وكمية البول.
- العطش الشديد.
- اضطرابات استقلابية.
يمكن أن تظهر تشوهات في الوجه عند مجموعة صغيرة من الأطفال المصابين بداء السكري، وعادة ما تكون ناتجة عن عيوب في الغدة النخامية. يكون الأطفال المصابون أقصر من أقرانهم ولديهم وجوه أصغر سنًا وأكثر استدارة. قد يكون لديهم دهون حول البطن، وإذا ظهر النقص في وقت لاحق من حياة الطفل، بسبب إصابة الدماغ أو الورم، فإن أعراضه الرئيسية هي تأخر سن البلوغ. في بعض الحالات، يتوقف التطور الجنسي. يعاني العديد من المراهقين المصابين بقصور الغدة النخامية من نقص احترام الذات بسبب تأخر النمو، مثل قصر القامة أو بطء معدل النضج. على سبيل المثال، قد لا يتطور الثدي عند الشابات وقد لا تتغير أصوات الشباب بنفس معدل أقرانهم. هشاشة العظام هي عرض آخر قد يؤدي إلى الكسور المتكررة، خاصة عند كبار السن. وقد يشعر الأشخاص الذين يعانون من انخفاض مستويات هرمون النمو بالتعب ونقص القدرة على التحمل. وقد يعانون من حساسية لدرجات الحرارة الساخنة أو الباردة.
قد تظهر بعض الآثار النفسية لنقص هرمون النمو، بما في ذلك:
- الاكتئاب.
- قلة التركيز.
- ضعف الذاكرة.
- نوبات من القلق أو الضيق العاطفي.
عادة ما يكون لدى البالغين المصابين مستويات عالية من الدهون في الدم وارتفاع في نسبة الكوليسترول، ولا يحدث هذا بسبب سوء التغذية، ولكن بسبب التغيرات في استقلاب الجسم نتيجة انخفاض مستويات هرمون النمو، ويكون المرضى أكثر عرضة للإصابة بداء السكري وأمراض القلب.
التشخيص والعلاج
يعد الفحص السريري وقياس الطول والوزن وأطوال الساق والذراعين هي الخطوات الأولى للتشخيص، بالإضافة إلى التاريخ الطبي الشامل، مع إجراء اختبارات الدم لقياس مستويات هرمون النمو في الجسم ومستويات الهرمونات الأخرى. قد يكون التصوير الشعاعي، بما في ذلك الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي للرأس، مفيدًا في معرفة الاضطراب الأساسي الذي يسبب نقص هرمون النمو من خلال الكشف عن تشوهات في منطقة ما تحت المهاد أو الغدة النخامية.
يمكن علاج بعض الحالات باستخدام هرمون النمو الاصطناعي تحت إشراف طبيب الغدد الصماء لدى الأطفال. في حالة وجود نقص هرمون آخر، يمكن إعطاء هرمونات أخرى بالإضافة إلى هرمون النمو الصناعي.