يعتبر السكري الحملي أحد أشكال داء السكري الذي يتطور لأول مرة عند النساء الحوامل، يمكن للسكري الحملي أن يتطور في أي مرحلة من مراحل الحمل، لكنه غالبًا ما يبدأ في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل، ويحدث عندما لا يستطيع جسم الحامل إنتاج كمية كافية من هرمون الأنسولين الذي يعمل على ضبط سكر الدم، استجابة لحاجة الجسم المتزايدة من السكر في أثناء الحمل.
المحتويات
أسباب السكري الحملي والعوامل المؤهبة له
لا يوجد سبب واضح للسكري الحملي، لكن لدى بعض النساء خطر أكبر للإصابة به مقارنة بغيرهن. يتعلق هذا الخطر بالعديد من العوامل الوراثية، والبيئية، والشخصية، والمرضية السابقة. تتضمن أهم العوامل المؤهبة للسكري الحملي:
- إصابة سابقة بالسكري الحملي: يتراجع السكري الحملي في بعض الحالات بعد المرور بتجربة المخاض والولادة، وتعود مستويات سكر الدم إلى قيمها الطبيعية. لكن مع هذا يبقى خطر نكس السكري الحملي عاليًا في حالات الحمل المستقبلية.
- ما قبل السكري Prediabetes: يعرف ما قبل السكري بوجود مستويات سكر دم مرتفعة أعلى من الطبيعية، لكنها لا تصل لمستوى يكفي لتشخيص داء السكري. ومع التغيرات الهرمونية الشديدة التي ترافق الحمل، يزداد خطر تطور ما قبل السكري إلى السكري الحملي.
- المبيض عديد الكيسات: يزيد داء المبيض عديد الكيسات من مقاومة الجسم لهرمون الإنسولين، بما يزيد من خطر الإصابة بداء السكري الحملي وأيضًا بداء السكري خارج فترة الحمل.
ومن العوامل الأخرى المؤهبة:
- البدانة والوزن الزائد.
- قلة النشاط الفيزيائي.
- إصابة أحد أفراد العائلة بداء السكري.
- العرق، حيث تملك النساء من أصل إفريقي، ولاتيني، وهندي أمريكي، وآسيوي أمريكي خطرًا أعلى للإصابة بداء السكري الحملي.
مخاطر السكري الحملي على الجنين
من المضاعفات الهامة للسكري الحملي على الجنين:
- وزن الولادة المرتفع: يبلغ متوسط وزن الولادة الطبيعي نحو 3.5 كيلوغرام. ويعد مرتفعًا عندما يزيد وزن المولود عن 4.5 كيلوغرام. يعد السكري الحملي من أهم أسباب وزن الولادة المرتفع، الذي يصعب بشدة الولادة الطبيعية، ويدفع إلى اللجوء إلى عملية القيصرية C-Section.
- الولادة الباكرة: تتراوح مدة الحمل الطبيعية بين 37 و 42 أسبوعًا حمليًا، وتعد الولادة باكرة عندما تقل عن 37 أسبوعًا حمليًا. يزيد السكري الحملي من خطر الولادة الباكرة وما يحمله من تأثيرات على الجنين.
- اضطرابات تنفسية خطيرة: يزيد السكري الحملي من خطر إصابة الوليد بمتلازمة الضائقة التنفسية RDS بعد الولادة، التي تنتج عن نقص تطور الرئتين، وعدم قدرتهما على تلبية احتياجات الجسم من الأوكسجين.
- انخفاض سكر الدم بعد الولادة: يترافق ارتفاع مستوى سكر الدم عند الأمهات الحوامل المصابات بالسكري الحملي مع ارتفاع مستوى السكر عند الأجنة داخل الرحم، بما يرفع من مستوى هرمون الإنسولين عند الجنين. يؤدي هذا إلى انخفاض مستوى سكر الدم إلى مستويات حرجة عند المواليد الجدد، الذي يؤدي إلى حدوث اختلاجات عند الوليد. تعالج هذه الحالة عبر تغذية الوليد مباشرة بعد الولادة أو إعطائه محلولًا سكريًا عبر الوريد لإعادة مستوى سكر الدم إلى الطبيعي.
- زيادة خطر البدانة وداء السكري من النمط الثاني: يزداد خطر البدانة والإصابة بداء السكري من الثاني عند مواليد الأمهات المصابات بالسكري الحملي.
- وفاة الجنين: وفاة الجنين قبل الولادة بقليل أو بعد الولادة مباشرة، ويزيد السكري الحملي غير المضبوط من خطر هذه الحالات.
مخاطر السكري الحملي على الأم الحامل
ومن المخاطر التي يحملها السكري الحملي على صحة الأم:
- ما قبل الإرجاج: يترافق السكري الحملي مع ارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر ما قبل الإرجاج، الذي يعد من أخطر مضاعفات الحمل، ويملك تأثيرات شديدة، وقاتلة في بعض الأحيان، على الأم والجنين. يتميز ما قبل الإرجاج بارتفاع الضغط الدموي مع حدوث تليف وقصور في أحد أعضاء الجسم، غالبًا الكبد والكلى، بالإضافة إلى أعراض أخرى عديدة. يتطور ما قبل الإرجاج عادة بعد الأسبوع 20 من الحمل حتى عند النساء اللاتي يملكن ضغط دم طبيعي. تعد الولادة ووضع الجنين من أهم الإجراءات في تدبير ما قبل الإرجاج من أجل حماية الجنين والأم.
- زيادة خطر داء السكري بعد الولادة: يمكن في بعض الأحيان أن يستمر السكري الحملي حتى بعد الولادة، ويتطور إلى داء السكري من النمط الثاني. وحتى في حال تراجع السكري الحملي بعد الولادة، يزداد خطر نكسه في حالات الحمل المستقبلية.
- زيادة احتمال اللجوء إلى العملية القيصرية.
تشخيص السكري الحملي وتدبيره
يعد قياس سكر الدم إلى جانب فحوص جسدية أخرى (مثل حمض البول، والخضاب، والكريات البيضاء) من الاختبارات الروتينية التي تجرى لجميع الحوامل عند أول زيارة لهن إلى عيادة الطبيب. لكن يشخص السكري الحملي عبر إجراء اختبار تحمل السكر غير الصيامي، الذي يجرى لدى النساء الحوامل عاليات الخطورة لتطوير السكري الحملي. يجرى الاختبار عبر تناول 50 غرامًا من السكر، وقياس تركيزه في الدم بعد ساعة كاملة. تكون الحامل مصابة بالسكري الحملي إذا كان تركيز سكر الدم لديها أعلى من 200 mg/dl.
يتضمن علاج السكري الحملي إجراء تغييرات صحية في نمط الحياة تقي من تفاقم داء السكري. لا ينصح بفقد الوزن في أثناء فترة الحمل، لكن يجب التشاور مع الطبيب بهدف تحديد وزن مناسب يجب الحفاظ عليه في أثناء فترة الحمل، أيضًا يجب الابتعاد عن تناول الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون، والأطعمة المعالجة. ينصح أيضًا بممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بعد الحصول على موافقة الطبيب مدة لا تتجاوز 30 دقيقة في اليوم.
يجب مراقبة مستوى سكر الدم بانتظام ويوميًا عند الاستيقاظ صباحًا وبعد تناول الوجبات الغذائية، بهدف الحفاظ على سكر الدم ضمن المجال المسموح به. قد يلجأ الأطباء للعلاج الدوائي الخافض لسكر الدم عند فشل الإجراءات السابقة في السيطرة عليه، ويكون العلاج عبر إعطاء حقن من هرمون الإنسولين. تحتاج 10% إلى 20% من النساء المصابات بالسكري الحملي إلى حقن الأنسولين بهدف السيطرة على سكر الدم.