إدمان الطعام: حقائق وخرافات

ما هو إدمان الأكل؟ وكيف يمكن علاجه؟

يستخدم بعض الناس مصطلح إدمان الطعام لوصف الرغبة الشديدة أو غير المسيطر عليها لتناول الطعام دون ارتباط ذلك بمشاعر الجوع. قد يحدث مثل هذا السلوك استجابةً لحالات عاطفية محددة، كحالات التوتر أو الحزن أو الغضب، ولكن بشكل عام، يعتبر تعريف إدمان الطعام أمرًا صعبًا، ولا يتضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الذي أصدرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي تصنيفًا خاصًا لتشخيصه. وفي هذا المقال، سنحاول التعرف على إدمان الطعام وذكر بعض الحقائق والخرافات الشائعة حوله، مع الإشارة إلى الأطعمة التي قد تساهم في حدوثه.

ما هو إدمان الطعام؟

لا يوجد لغاية اليوم تعريف واضح مثبت علميًا لإدمان الطعام، ومع ذلك، يستخدم بعض اختصاصيي الرعاية الصحية هذا المصطلح ويتعاملون معه باعتباره حالة صحية نفسية، ووفقًا لبحث أجري عام 2019، يوجد ثلاثة نقاط تلخص الجدل الحالي حول إدمان الطعام:

  • قد تؤدي بعض الأطعمة إلى الإدمان، كالأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات أو الدهون، وهذا قد يؤهل تصنيف الحالة ضمن اضطرابات الإدمان.
  • لم يجد الباحثون مادة معينة تسبب الإدمان في الأطعمة، كمادة النيكوتين في السجائر مثلًا، وهذا يعني أن الإدمان على الأكل هو اضطراب سلوكي ولا علاقة له بمادة معينة.
  • لا يحمل أي من المذكور إثباتًا علميًا، وفي حال إثباته فإن تشخيص الأكل القهري على أنه إدمان على الطعام لن يكون مفيدًا من الناحية السريرية.

يشرح قائد البحث أن البعض يدعم وضع تشخيص خاص بإدمان الطعام للوقاية من السمنة، وذلك بهدف تقييد الأطعمة المتهمة بإحداث الإدمان قانونيًا، كما هو الحال مع القوانين التي تقيد إنتاج التبغ مثلًا.

يعاني نحو 35% من البالغين في الولايات المتحدة من السمنة. ومع ذلك، لا يشكل المصابون بالسمنة سوى ثلث أولئك الذين يأكلون بشكل قهري، على الرغم من ارتباط إدمان الطعام بزيادة الوزن. فقد يساهم إدمان الطعام في حدوث السمنة لدى بعض الناس، ولكنه ليس العامل الوحيد أيضًا. وجدت إحدى المراجعات السابقة أن ما يصل إلى 10% من الأشخاص طبيعيي أو زائدي الوزن، أي غير البدينين، يعانون من إدمان الطعام. ومع ذلك، يوجد عدد قليل من الدراسات الحديثة حول انتشاره.

يجادل باحثون آخرون بأنه لا توجد أدلة كافية تشير إلى أن الطعام له نفس الصفات المسببة للإدمان، كالسجائر مثلًا. يصف البعض مصطلح إدمان الطعام بالمضلل، لأنه يشير إلى وجود مكونات محددة مسببة للإدمان. في المقابل، يقترح مؤيدو تشخيص الإدمان أن بعض الأطعمة تحفز إفراز مواد كيميائية في الدماغ منبهة لنظام المكافأة، كالدوبامين مثلًا. بهذه الطريقة أيضًا، تعمل هذه المواد الكيميائية أيضًا على تخفيف الضيق العاطفي.

ما الأطعمة التي تسبب هذا السلوك؟

قد يكون لبعض الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر أو الدهون ارتباط وثيق بالإدمان على الطعام. مع ذلك، قد تؤدي أي أطعمة يجدها الشخص مريحة إلى رغبة لا يمكن السيطرة عليها لتناولها. حدد (مقياس ييل) لإدمان الطعام بعض الأطعمة التي يبدو أنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بإدمان الطعام، وهي:

  • البطاطا المقلية ورقائق البطاطس المحمرة (الشيبس).
  • الحلويات والرقائق المحلاة (الكوكيز).
  • الشوكولا.
  • الخبز الأبيض.
  • المعكرونة.
  • البوظة.

حقائق وخرافات حول إدمان الطعام

تنتشر بعض الشائعات عن إدمان الطعام، ولكنها ليست صحيحة، من ضمنها: 

خرافة: الإدمان على الطعام ليس حالة حقيقية

إن التشكيك في حقيقة الحالة أو أهميتها لا يساعد كثيرًا الأشخاص الذين يعانون منها. لا يوجد تشخيص طبي واضح ومحدد حيال الأمر لغاية الآن، ومع ذلك، يعاني الأشخاص المدرجين تحت هذا الوصف من أعراض جسدية وعاطفية واجتماعية. تتضمن هذه الأعراض: الرغبة الشديدة في تناول الطعام والانشغال بالحصول عليه واستهلاكه، والأكل المتواصل أو الأكل القهري، ومحاولة التوقف عن هذا السلوك بشكل متكرر دون نجاح، وفقدان السيطرة على الكمية والانتظام والموقع الذي يحدث فيه تناول الطعام، والمعاناة من تأثيرات سلبية على الحياة الأسرية والتفاعل الاجتماعي والشؤون المالية، والحاجة إلى تناول الطعام لتخفيف العبء العاطفي، وتناول الطعام بشكل منفرد لتجنب لفت الانتباه، وتناول الطعام لدرجة الشعور بعدم الراحة الجسدية أو الألم.

قد يعاني الشخص بعد تناول كميات كبيرة من الطعام بشكل قهري من مشاعر سلبية، كالعار والذنب وعدم الارتياح وانخفاض تقدير الذات. كذلك، قد يؤدي إدمان الطعام أيضًا إلى ردود فعل جسدية، كتحديد تناول الطعام بشدة وممارسة الرياضة بشكل قسري ومحاولة تحريض القيء.

خرافة: الإدمان على الطعام هو أمر مشابه لحب الطعام

فقط لأنك تناولت وجبة وتحلية كبيرتين لا يعني أنك تعاني من اضطراب أو إدمان. تقول د.بريسمان، وهي المديرة المؤسسة لمركز اضطرابات الأكل في مانهاتن: يفرط الجميع في تناول الطعام في بعض الأحيان، فقد نأكل أحيانًا كثيرًا أو بسرعة كبيرة أو نرغب بالمزيد من تلك الكعكة التي أكلناها للتو. مع ذلك، قد يصبح الأمر إدمانًا، عندما يصبح عادة لا يمكن السيطرة عليها. الشخص الذي يحب الطعام، أي الشخص الذي يتذوق الطعام ويستمتع به ولا يشعر بالحرج من تناوله، هو على الأرجح ليس مدمنًا على الطعام. في المقابل، يشعر المدمن من قرف حيال قيامه بذلك. تقول بريسمان: تعتبر محاولات إنقاص الوزن بعد تناول وجبة ضخمة أو بعض الحلويات أمر طبيعي أيضًا، ولكن إذا كان تناول الطعام متكررًا ومليئًا بالخزي دون استمتاع، فهذا أمر آخر. المسألة تتعلق دائمًا بالتكرار وبتأثير ذلك على حياة المرء.

خرافة: يشاهد الإدمان على الطعام لدى الأشخاص البدينين فقط

قد يملك مدمنو الطعام محيط خصر أو مؤشر كتلة جسم طبيعيين. كذلك، يعاني الكثير من المرضى من تقلبات شديدة في وتيرة تناول الطعام وممارسة الرياضة، فقد يفرطون فيه أحيانًا ثم يتضورون جوعًا لأيام، وقد يحددون ممارسة الرياضة أو يفرطون فيها. ولهذا، قد يكون وزنهم طبيعيًا أو حتى نحيلين، والمسألة تتعلق هنا بطريقة تناول الشخص للطعام، وليس وزنه.

وفي النهاية، يجب على أي شخص يشعر أن طريقة تناوله للطعام خارج نطاق السيطرة أو يريد المساعدة في الوصول إلى وزن أو أسلوب حياة صحي أن يتحدث إلى طبيبه. سيتمكن الطبيب من المساعدة في اقتراح ووضع طرق وأنظمة علاجية مساعدة. يمكن للمعالج النفسي أيضًا أن يساعد الشخص على تطوير آليات تأقلم جديدة وعلاقة أكثر إيجابية مع الطعام.

Loading spinner
Share your love