تساعدنا مشاعرنا على التعبير عما نمرّ به في حياتنا، وبذلك نعبر عن ذاتنا وداخلنا، لكن أحيانًا نعيش بعض الظروف التي تسبب لنا تبلد بالمشاعر وعدم رغبة في التعبير عما في داخلنا، قد تكون هذه الحالة مؤقتة استجابة لأحداث آنية نعيشها في حياتنا، أو قد تستمر لفترة طويلة وتصبح مزعجة ومتعبة إذا لم نعالجها. في هذا المقال سنتعرف على تبلد المشاعر وبعض الطرق التي تساعدنا في تخطيه.
المحتويات
ما هو تبلد المشاعر؟
هو حالة نفسية تعجز فيها عن التعبير عن مشاعرك أو القيام بأي استجابة عاطفية أو ردة فعل، إذ تجد نفسك خاليًا من المشاعر الإيجابية والسلبية مهما كانت جدية الموقف الذي وُضعت به، ولا تهتم أبدًا لما يحدث في حياتك وتشعر بالتعب الدائم وليس لديك حافز على الاستمرار، وتشعر بالفراغ والانفصال عن الواقع بدلًا من أن تعيش مشاعرك الحقيقية، كما تفقد المتعة بالنشاطات التي كنت تستمتع بها وتفضل العزلة عن التواجد مع الآخرين.
كما يصف البعض تبلد المشاعر على أنه شعور بالفراغ أو اليأس والعزلة، ويشعر البعض كما لو أنه ليس لديهم مستقبل ولا أمل أن يتلاشى هذا الشعور أبدًا، فهنا يشعر المريض كأنه شبح وغير مرئي ويوجد حاجز بينه وبين الآخرين يمنعه من الانضمام إليهم والانخراط معهم، ويبدو العالم من حوله سطحيًّا إلى حدٍّ ما وليس لديه القدرة على التركيز. [1]
اقرأ أيضًا: متى يكون الاكتئاب خطيرًا؟
ما الذي يسبب تبلد المشاعر؟
يعد تبلد المشاعر آلية للبقاء واستجابة وقائية للصدمة أو الإجهاد أو الألم أو الانزعاج الذي قد تشعر به عاطفيًّا أو جسديًّا، وقد يكون ذلك آلية بقاء اعتمدتها في أي مرحلة من حياتك بما في ذلك مرحلة الطفولة، فقد يكون تبلد المشاعر طريقة لمنع مشاعرك الشديدة من التغلب على قدرتك على التأقلم فهي طريقة تحميك من التحديات التي تواجهها. ومن الأسباب التي تجعلك تعاني تبلد المشاعر:
الشعور بالأمان
يصبح تبلد المشاعر وسيلة للشعور بالأمان بالنسبة للذين مرّوا بمواقف عصيبة مثل: الحوادث المؤلمة أو الإساءة الجسدية أو العاطفية أو البيئة المنزلية غير المستقرة أو التنمر، مثلًا: يعاني الشخص الذي تعرض لرفض عاطفي أو جسدي عندما كان طفلًا من تبلد المشاعر أثناء الطفولة، ويستمر تأثيرها مع تقدمه في العمر ويستخدمه كآلية للتكيف مع البقاء على قيد الحياة كل يوم، فهذا يسمح له بمنع استمرار أي ألم عاطفي يواجهه سواء كان من خلال الذكريات القديمة أو الأحداث الحالية.
تقليل الألم
قد يكون الشعور بالتبلد العاطفي وسيلة لتقليل الألم المرتبط بالخسائر الكبيرة والحزن، فيسبب لك الحزن الشديد والتوتر شعورًا بالانفصال عن الواقع يبدأ خفيفًا وتزداد شدته مع الوقت. كما قد يكون محاولة للهروب من موقف مثير عاطفيًّا في الوقت الحالي أو من فترة طويلة مثل: مشاجرة مع الشريك أو تعامل مع مرض عضال.
اضطرابات نفسية
قد يكون تبلد المشاعر أحد أعراض الاضطرابات النفسية مثل: الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة أو اضطراب القلق أو الفصام، إذ يرتبط تبلد المشاعر ارتباطًا وثيقًا بالاكتئاب فالأشخاص الذين يمرون بنوبات اكتئاب يكونون أقل انسجامًا مع مشاعرهم أو يعانون ضعفًا وصعوبة في التعبير عنها، كما تؤدي الدرجات المتقدمة من الاكتئاب واضطرابات المزاج إلى ميل أكبر لتبلد المشاعر.
هناك عوامل أخرى تساهم في الوصول إلى تبلد المشاعر نتيجة تغيرات حاصلة في الدماغ مثل: إصابات الدماغ أو أمراض الدماغ التنكسية. كما قد يكون تبلد المشاعر أحد الآثار الجانبية لبعض أدوية الاكتئاب أو القلق؛ لذا إذا كنت تتناول أدوية مضادة للاكتئاب وتشعر بتبلد المشاعر من الضروري أن تخبر طبيبك بذلك، فقد يعدل لك الجرعة أو يغير الدواء تمامًا. [2]
كيف تتجاوز تبلد المشاعر؟
على الرغم من صعوبة ما تشعر به إلا أن تبلد المشاعر ليس دائمًا ويمكن علاجه، وتتمثل الخطوة الأولى في ذلك في معرفة السبب الكامن وراءه وعلاجه. ومن النصائح التي تساعدك في الخروج من هذه المرحلة:
- أخذ موعد عند طبيب نفسي: فهو سيقدم لك تقنيات التأقلم لمساعدتك على استعادة مشاعرك من جديد، وقد يصف لك بعض الأدوية التي تساعدك على ذلك أيضًا مثل: مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق.
- اعتماد نظام دعم خاص بك: فحتى لو كنت تواجه مشكلة في التواصل، تواصل مع الأشخاص الذين تحبهم، فقد يكونون قادرين على مساعدتك في التواصل وقد تشعر بالراحة لإخبارهم بما تمر به.
- ممارسة الرياضة: فبالرغم من أن آخر شيء قد ترغب في فعله هو النهوض والتحرك لكن عليك أن تجبر نفسك على ذلك، وتعتبر دروس الجري والسباحة واليوغا طرق رائعة لتخفيف التوتر، بالإضافة إلى أن مجرد التنزه في الحديقة يساعدك على الترويح عن نفسك، ولتحصل على أفضل النتائج من الرياضات السابقة عليك ممارستها يوميًّا لتشعر بالفرق الذي ترغب بحدوثه، ولا تنسَ أن تحصل على قدر كافٍ من النوم أي نحو 7-9 ساعات يوميًّا فهذا له دور مهم في تحسين مزاجك. [3]
- اتباع نظام غذائي صحي: عبر تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية الضرورية لك، فبذلك تعطي جسمك الغذاء اللازم ليعمل بأفضل حالاته، إذ تحتوي الأسماك والفواكه والخضراوات الطازجة على مضادات أكسدة تنظم الحالة المزاجية وتحسنها.
- حاول التقليل من التوتر الذي تتعرض له يوميًّا أو أحسن إدارته: بحيث يؤثر على جسمك إيجابًا ويقلل هرمونات التوتر ويساعدك على استعادة الشعور العاطفي. كما يمكنك التقليل من التوتر عبر ممارسة التأمل وذلك للسيطرة عليه بشكل أكبر.
- تعلم كيف تتعرف على مشاعرك وتعبر عنها: فعندما تعاني تبلد المشاعر لفترة طويلة قد يكون من الصعب عليك تحديد مشاعرك المختلفة أو معالجتها، ويمكنك الاستفادة من تطبيق كيورا وطلب الاستشارة من طبيبك وسيقدم لك النصائح اللازمة. [4]
اقرأ أيضًا: ما أفضل الطرق لعلاج الاكتئاب الحاد؟
بالرغم من كثرة الأحداث التي تشعرك بالملل وعدم القدرة على الاستمرار، لكن ليس عليك الاستسلام لذلك، بل عليك مواجهة ما تمر به بكل قوتك وطاقتك لتستطيع الوصول إلى المكان الذي ترغب به؛ لذا إذا شعرت يومًا أنك مقيّد ولا تستطيع التعبير عما في داخلك، تحرك فورًا واسعَ للخروج مما تمر به.
المراجع
[1] Understanding emotional numbness. www.healthline.com, retrieved 30/5/2023
[2] What is emotional numbness www.verywellmind.com, 30/5/2023
[3] 12 Signs someone may be emotionally numb (and why it happens). PsychCentar, retrieved 30/5/2023