هل يؤثر التوتر على الدورة الشهرية؟

يسبب التوتر العديد من التغيرات على جسم الإنسان، من بينها تأثيرات هامة على التوازن الهرموني في الجسم، وهو الأمر الذي يؤدي لتغيرات أو اضطرابات في الدورة الشهرية عند المرأة. فما هي آلية حدوث ذلك؟ وما أبرز تأثيرات التوتر على جسم المرأة وعلى الدورة الشهرية تحديدًا

ما هي التغيرات الهرمونية الطبيعية خلال الدورة الشهرية؟

يتم التحكم بالدورة الشهرية من خلال الارتفاع والانخفاض المتكرر لمستويات الهرمونات المختلفة في الجسم، وللتوتر تأثير كبير على هرمونات الجسم. قبل أن نبحث بكيفية تأثير التوتر على الدورة الشهرية، دعونا أولًا نتعرف على التغيرات الهرمونية الطبيعية التي تحدث خلال الدورة الشهرية:

  • ارتفاع الهرمون المنبه للجريبات (FSH) والذي ينبه المبيض لكي تنضج الجريبات التي ستحدث عليها عملية الإباضة لإطلاق البويضات إلى البوقين.
  • ارتفاع الهرمون الملوتن (LH) الذي يحرض عملية الإباضة وإطلاق البويضة الناضجة.
  • ارتفاع هرمون الأستروجين والذي يساعد على نمو بطانة الرحم لاستقبال البيضة الملقحة.
  • ارتفاع هرمون البروجيسترون الذي يساعد على بقاء بطانة الرحم وعدم تساقطها في حال انغراس البيضة الملقحة.
  • انخفاض طبيعي في هرمونات الاستروجين والبروجستيرون في نهاية الدورة في حال عدم حدوث عملية الإخصاب، للسماح للدورة الشهرية بأن تبدأ من جديد.

يتم التحكم بهذه التغيرات من خلال الإشارات الهرمونية بين الدماغ والمبيض، وهذا ما يدعى باسم المحور الوطائي – النخامي – المبيضي، فالوطاء والغدة النخامية هما منطقتان من الدماغ يعملان على إفراز هرمونات FSH وLH، وهذان الهرمونان يشكلان الطريق الذي يرسل به الدماغ أوامره إلى المبيض، وبعدها يقوم المبيضان بتصنيع وإفراز الأستروجين والبروجيستيرون واللذان يلعبان أيضًا دورًا مهمًا في عملية التلقيم الراجع من المبيض إلى الدماغ.

بالإضافة إلى ذلك هناك اتصال بين الدماغ والغدد الكظرية، وهي غدد صغيرة تقع بالقرب من الكلى وتفرز هرمون الكورتيزول عند التوتر. [1]  

اقرأ أيضًا: متلازمة ما قبل الحيض

كيف يؤثر التوتر على الهرمونات التي تتحكم بالدورة الشهرية؟

عندما تمرين بمواقف عصيبة، تبدأ الغدد الكظرية بإفراز الكورتيزول، فهذه الاستجابة الكظرية هي جزء مهم من الفيزيولوجيا الخاصة بأجسادنا، لأنها تجهزها لاستجابة “القتال أو الهروب”.

 الكورتيزول يحول أجسادنا إلى “وضعية البقاء على قيد الحياة” بطرق مختلفة، فهو يزيد من ضربات القلب ومعدل التنفس ويوجه تدفق الدم نحو العضلات.

يؤثر الكورتيزول أيضًا على الوطاء ويوقف إفراز الهرمونات المسؤولة عن بدء الدورة الشهرية، وذلك من أجل منع الحمل عند النساء في الأوقات العصيبة، ولكن أجسادنا لا تميز بين التوتر الناجم عن حالات مهددة للحياة (مثل التعرض لهجوم من حيوان مفترس) أو جزء مزعج من يومنا (مثل رئيس غاضب في العمل).

معظمنا يعاني من بعض أشكال الضغط النفسي بشكل يومي، ولكن أجسادنا ليست مصممة للتعامل مع هذا الضغط اليومي المزمن؛ لذلك قد يؤدي هذا الإفراز المستمر للكورتيزول من الغدد الكظرية إلى عواقب غير مقصودة على صحتنا.

ما التغيرات التي يمكن أن يحدثها التوتر على الدورة الشهرية؟

يمكن أن تؤثر الكميات الكبيرة من التوتر على طول دورتك الشهرية والأعراض التي تعانين منها أثناءها، فمستويات التوتر العالية ترتبط بعوامل مثل:

  • دورات شهرية مؤلمة.
  • ظهور أعراض ما قبل الحيض مثل: الغثيان والانتفاخ وألم الثديين وتغيرات الوزن.
  • دورات شهرية غير منتظمة، قد تطول أو تقصر عن المعتاد.

يمكن أن يؤدي التوتر والمستويات العالية من الكورتيزول إلى تثبيط الوطاء وتوقف الدورة الشهرية لمدة شهر أو شهرين أو ما يعرف باسم انقطاع الطمث الوظيفي، وهذا ما يحدث عندما تتوقف الدورة الشهرية عند بعض النساء نتيجة التمارين الشديدة أو سوء التغذية، بهذه الطريقة يحاول جسدك حماية نفسه في أوقات لا يكون فيها مستعدًا لدعم حمل صحي.

هل يمكن للتوتر أن يؤخر دورتك الشهرية؟

يمكن أن يؤخرها لمدة شهر أو شهرين، لكنه لا يوقفها تمامًا، فغياب الدورة الشهرية يسمى بانقطاع الطمث، الذي قد يكون بسبب حالات خطيرة تسبب اختلالًا في الهرمونات مثل: مشاكل الغدة الدرقية وأورام الغدة النخامية. 

خلاصة القول أنه عندما تتوقف دورتك الشهرية دون حمل، لا تتأخري بمراجعة طبيبتك النسائية ولا تهملين الأمر وتعتقدين أنه مجرد تأخر دورة بسبب التوتر.

طرق تساعدك على تخفيف التوتر

يجب ألا ننكر أننا نمر جميعًا في حياتنا بمستوى معين من التوتر، وقد لا نستطيع في كثير من الأحيان التخلص من هذا التوتر، ولكن باتباع خطوات بسيطة يمكننا أن نخفف من آثاره السلبية، فأخذ الوقت للاسترخاء والتركيز على النفس يساعدك في الاستعداد بشكل أفضل للمواقف العصيبة، والآن سنذكر بعض الاستراتيجيات المفيدة التي تخفف التوتر:

الاهتمام بجسدك

عندما تشعرين بالتوتر قد تزداد رغبتك في تناول الأغذية غير الصحية مثل: المثلجات أو الشكولاتة أو الوجبات السريعة، فهذه هي إحدى طرق التأقلم التي يقوم بها الجسد لكي يشعر بالراحة في الأوقات العصيبة، ولكن هذه الأطعمة قد تفاقم مشاكلك وتؤذي صحتك على المدى البعيد؛ لذلك حاولي الالتزام بجدول غذائي صحي، فهو يساعدك على التعامل مع التوتر بشكل أكثر فعالية.

ممارسة التمارين الرياضية

يساعد حرق الدهون وممارسة الرياضة في تخفيف التوتر بشكل كبير، كما أنه يخفض ضغط الدم ويقلل من مستويات الكوليسترول في الدم، ويساعد على الوقاية من أمراض القلب والسكتات الدماغية.

تقنيات التأمل والاسترخاء

التأمل الموجه هو طريقة رائعة لتهدئة القلق والمساعدة في تخفيف التوتر، فإذا كنت لا تعرفين من أين تبدئين، يمكنك فقط الجلوس في مكان هادئ والتنفس ببطء والتركيز على اللحظة الحالية، فإذا تطفلت بعض الأفكار الضالة، اعترفي بهم ثم دعيهم يختفون، ولا تحكمي على نفسك بأي تقلبات عقلية، بل حاولي التركيز على اللحظة الحالية.

الحصول على قدر كافٍ من النوم

عادةً ما يكون الأرق من علامات التوتر الأولى، وهذا الأمر محزن لأن الراحة تمنح الجسم الفرصة “لإعادة الجسم إلى الوضع السليم”؛ لذلك تأكدي أنك تحصلين على مقدار كافٍ من النوم، وتجنبي الكافيين في آخر الليل، ولا تستخدمي الهاتف قبل النوم بساعات قليلة، وحافظي على مواعيد ثابتة للنوم.

التقليل من تناول الكافيين

نحن لا نقول أنه يجب عليك التخلي عن فنجان القهوة الصباحي، ما نقوله هو أن الإفراط في تناول الكافيين يجعلك قلقة ومتوترة؛ لذلك ابتعدي عن القهوة والمشروبات الغازية لبعض الوقت، أو جربي أصنافًا من الشاي خالية من الكافيين تساعدك على الاسترخاء.

طلب المساعدة عند اللزوم

في بعض الأحيان قد يكون القلق شديدًا لدرجة أنه يتعارض مع حياتك اليومية، في هذه الحالة، تشجعي وحاولي التواصل مع مستشار مرخص يساعدك على تعديل مهارات التأقلم لديك. [2]

اقرأ أيضًا: الحالة النفسية للمرأة أثناء فترة الحيض

يمكن للتوتر أن يؤثر على مختلف أجزاء الجسم، وارتفاع الكورتيزول في أوقات التوتر يتداخل مع مسارات التواصل الهرمونية بين الدماغ والمبيضين التي تتحكم بالدورة الشهرية، والخبر السار هو أنك تستطيعين اتباع بعض الاستراتيجيات المفيدة التي تقلل من الآثار السلبية للتوتر على جسدك ومزاجك وحياتك اليومية.

المراجع

[1] How Does Stress Affect the Menstrual Cycle?, Joanna Jan, www.goodrx.com, retrieved 20/2/2022

[2] Can Anxiety Affect Your Period?, www.associatesinwomenshealthcare.net, retrieved 20/2/2022

Loading spinner
Share your love