يعاني حوالي نصف المصابين بداء السكري من إصابات عصبية متنوعة، ويعتبر اعتلال الأعصاب السكري من أشيع مضاعفات داء السكري، خصوصًا في الحالات المهملة وغير المعالجة، وهذا الاعتلال عبارة عن أذية عصبية تشمل جميع الأعصاب المحيطية في الجسم ولا سيما الأعصاب الحسية، وفي حال عدم تدبيره بشكل مناسب قد يؤدي لحدوث عدوى خطيرة أو بتر في المنطقة المصابة.
المحتويات
ما هو اعتلال الأعصاب السكري؟
يعتبر أحد المضاعفات الخطيرة والشائعة لداء السكري من النمط الأول والثاني، وهو نوع خاص من الإصابات العصبية الناجمة عن ارتفاع مستويات سكر الدم طويل الأمد، يتطور اعتلال الأعصاب السكري ببطء على مدى عدة سنوات.
توجد أنواع مختلفة من اعتلال الأعصاب السكري، ويختلف كلٌ منها عن الآخر بأعراضه وعلاماته. يجب على جميع مرضى داء السكري استشارة الطبيب في حال لاحظوا ظهور شعور بالتنميل أو الخدر أو الألم أو الضعف في اليدين أو القدمين، تعد الأعراض السابقة أعراضًا مبكرة لاعتلال الأعصاب السكري، ولكن يكمن الخطر الحقيقي في حال عدم شعور المريض بالألم وإصابته بتقرح في منطقة القدم.
ما هي أعراض اعتلال الأعصاب السكري؟
تظهر أعراض اعتلال الأعصاب السكري عادةً بشكل تدريجي، تتنوع الأعراض اعتمادًا على المنطقة المصابة، كما توجد العديد من الأعراض والعلامات الشائعة وذلك لوجود عدة أنواع من اعتلال الأعراض السكري:
اعتلال الأعصاب المحيطية
هو أشيع أنواع اعتلال الأعصاب السكري، يؤثر عادةً على الطرفين السفليين وبشكل خاص على الساقين والقدمين، ولكن يمكن أن يصيب الطرف العلوي ويؤثر على الساعدين واليدين، تتنوع الأعراض المشاهَدة وتتراوح بين أعراض خفيفة إلى شديدة، وتتضمن:
- خدر وتنميل في الطرف المصاب.
- الشعور بوخز أو حرقة في المنطقة المصابة.
- فقدان الإحساس بالحرارة والبرودة.
- ألم حاد أو الإصابة بتشنجات عضلية.
- ضعف العضلات.
- فقدان التوازن والتنسيق في حركات الطرف.
يعاني بعض المرضى من اشتداد الأعراض السابقة أثناء الليل، في حال كنت مصابًا باعتلال الأعصاب المحيطية فقد لا تشعر بأي ألم عند تعرضك لإصابة أو تقرح في قدمك، يملك مرضى السكري جريانًا دمويًا ضعيفًا، ما يؤخر من شفاء الجروح، وباجتماع ما سبق يزداد خطر العدوى بشكل كبير، والتي قد تؤدي في الحالات الشديدة إلى بتر الطرف.
اعتلال الأعصاب الذاتية
وهو ثاني أشيع نوع لاعتلال الأعصاب السكري، يدعم الجهاز العصبي الذاتي العديد من الأعضاء التي تعمل بشكل لا إرادي مثل الجهاز الهضمي والغدد العرقية والأعضاء الجنسية والمثانة والجهاز القلبي والوعائي، وينتج عن إصابتها العديد من الأعراض:
- الأعراض الهضمية: يمكن أن تسبب الأذية العصبية على مستوى جهاز الهضم: الإمساك، الإسهال وخاصة ليلًا، انتفاخ البطن والشعور بالتخمة والغثيان، مشاكل واضطرابات في عملية البلع، خزل معدي والذي يسبب بطئًا في إفراغ المعدة لمحتوياتها نحو الأمعاء الدقيقة، إقياءات شديدة.
- الأعراض البولية: إن إصابة أعصاب المثانة يسبب فقدان الشعور بالحاجة للتبول، ما يسبب احتباس البول لفترة طويلة والذي قد يؤدي بدوره إلى الإصابة بعدوى، وفي الحالات الشديدة سلس بولي أو صعوبة إفراغ المثانة بشكل كامل.
- الغدد العرقية: يلاحظ المريض زيادة كبيرة في التعرق الليلي أو خلال تناول الطعام، كما قد نشاهد فقدان عملية التعرق بشكل كامل أو في مناطق محددة عند بعض المرضى، وهذا يزيد من صعوبة ضبط درجة حرارة الجسم.
- الأعراض العينية: إن إصابة الأعصاب الخاصة بالحدقتين يبطئ من استجابتهما للتغيرات في الضوء والظلام، ما يزيد من الوقت اللازم حتى تعتاد العينان عند الدخول إلى غرفة مظلمة، وقد يعاني بعض المرضى من مشاكل في الرؤية الليلية خلال قيادة السيارة.
- الأعراض القلبية الوعائية: تسبب أذية الأعصاب التي تتحكم بمعدل ضربات القلب وضغط الدم حدوث بطء في استجابة القلب، ما يؤدي إلى هبوط ضغط الدم والشعور بالدوار أو الدوخة عند الوقوف من وضعية الجلوس أو الاستلقاء (هبوط ضغط انتصابي) أو عند إجهاد المريض لنفسه، كما قد يسبب هذا النوع من اعتلال الأعصاب تسرع قلب غير طبيعي.
يزيد اعتلال الأعصاب الذاتية من صعوبة التعرف على أعراض النوبة القلبية، فقد لا يشعر المريض بألم صدري عند عدم وصول أكسجين كافٍ للقلب، ويجب على جميع مرضى داء السكري معرفة العلامات التي قد تشير لحدوث نوبة قلبية عندهم:
- التعرق الغزير.
- ألم في الذراع أو الظهر أو الفك أو المعدة.
- ضيق تنفس.
- غثيان.
- الشعور بخفة الرأس (دوخة أو دوار).
اعتلال الأعصاب القريبة
نوع نادر من اعتلال الأعصاب السكري ويدعى أيضًا بالضمور العضلي السكري، يعد هذا الشكل من الاعتلال العصبي شائعًا عند مرضى السكري من النمط الثاني الذين تتجاوز أعمارهم 50 عامًا وغالبًا ما يشاهد لدى الرجال.
يؤثر هذا النوع على الوركين والإليتين والفخذين، وقد يعاني المريض من ألم حاد، يزيد الضعف العضلي في الطرف السفلي من صعوبة الوقوف بدون مساعدة، كما قد يعاني المريض من ضعف أو خسارة المنعكسات، بالإضافة إلى خسارة الوزن أو خسارة النسيج العضلي، ومن المهم معرفة أن الضمور العضلي السكري يؤثر على جهة واحد من الجسم عادة. بعد انتهاء الهجمة الحادة، تزداد الأعراض سوءًا ثم تبدأ بالتحسن بشكل تدريجي، لحسن الحظ يتعافى معظم المرضى خلال عدة سنوات حتى دون اللجوء إلى العلاج.
اعتلال الأعصاب المحدود
يحدث عند وجود إصابة في عصب أو مجموعة أعصاب محددة ما يسبب ضعفًا في المنطقة المصابة، تشاهد هذه الحالة عادةً في اليدين أو الرأس أو الجذع أو الساق، يظهر بشكل مفاجئ ويسبب ألمًا شديدًا.
بشكل مشابه لاعتلال الأعصاب القريب، تُشفى معظم حالات اعتلال الأعصاب المحدود خلال عدة أسابيع أو أشهر ولا يترك أي آثار خلفه، وأكثر إصابة تنجم عن هذا النوع من الاعتلال هي متلازمة نفق الرسغ، وعلى الرغم من أن معظم المرضى المصابين بمتلازمة النفق الرسغي لا يعانون من داء السكري، لكن 25% من مرضى داء السكري لديهم انضغاط عصبي في منطقة الرسغ.
أعراض عصبية أخرى
يمكن أن نشاهد أيضًا الأعراض العصبية التالية عند مرضى داء السكري:
- ألم وخدر وتنميل وشعور بوخز أو حرقة في الأصابع.
- عدم القدرة على تركيز العينين.
- مشاكل في الرؤية.
- مضض وألم خلف العينين.
- شلل بل (شلل العصب الوجهي، وهو يسبب شللًا في جهة واحدة من الوجه).
- ألم في مناطق معزولة مثل الناحية الأمامية للفخذ، أسفل الظهر، الحوض، الصدر، المعدة، داخل القدم، محيط أسفل الساقين أو ضعف في إبهام القدم.
ما هو التدبير المناسب لاعتلال الأعصاب السكري؟
لا يوجد علاج شافٍ لاعتلال الأعصاب السكري، ولكن يمكن إبطاء عملية تطوره. إن الحفاظ على مستويات سكر الدم طبيعية هو أفضل طريقة لتقليل خطر الإصابة باعتلال الأعصاب السكري، كما يمكن أن يساعد ذلك في علاج بعض الأعراض.
يعد الإقلاع عن التدخين وممارسة التمارين الرياضية بانتظام جزءًا مهمًا من العلاج، تحدث مع طبيبك أو مقدم الرعاية الصحية قبل البدء بأي روتين رياضي جديد، ويمكنك أن تسأل طبيبك حول العلاجات المكملة أو الغذاء الذي يحسن من اعتلال الأعصاب.
تدبير الألم:
يحتاج العديد من المرضى إلى الأدوية من أجل تسكين الألم الناجم عن اعتلال الأعصاب السكري، استشر طبيبك حول الأدوية المناسبة لحالتك واستفسر عن آثارها الجانبية، فهناك العديد من الأدوية التي تساعد على تحسين الأعراض.
كما يمكن الاطلاع على العلاجات البديلة والإضافية مثل العلاج بالإبر. تؤمن العلاجات البديلة راحة إضافية عند استخدامها بالتشارك مع الأدوية المسكنة للألم.
تدبير المضاعفات:
يعتمد اختيار العلاج المناسب على نوع الاعتلال العصبي المصاب، فقد يصف الطبيب أدوية أو علاجات معينة بالإضافة إلى تغيير نمط الحياة واتباع حمية غذائية، كل ذلك يساعد على تحسين الأعراض والوقاية من المضاعفات.
على سبيل المثال، في حال كنت تعاني من اضطرابات هضمية بسبب الاعتلال العصبي، ينصحك طبيبك بتناول حصص غذائية أقل في كل وجبة مع تقليل كمية الدهون والألياف المتناولة، وبالنسبة للمرضى المصابين باعتلال الأعصاب المحيطية، من المهم الاعتناء بالقدمين بشكل جيد لأنه يمكن أن يؤدي إلى اختلاطات خطيرة في القدمين وقد تحتاج في الحالات المتقدمة إلى البتر، لذلك يجيب العناية بالقدمين في حال وجود أذية أو تقرح حتى تشفى بأسرع وقت دون أي اختلاطات.
إذا كنت مصابًا باعتلال الأعصاب السكري، يجب عليك استشارة طبيبك والتعاون معه من خلال اتباع تعليماته ونصائحه لإبطاء تطور المرض، لأنه بالعناية المناسبة يمكنك أن تقلل من الأذية العصبية وتتجنب الإصابة بالمضاعفات.