أبدى البشر ومنذ أقدم العصور اهتمامًا بالغًا بجنس المولود لاعتباراتٍ اقتصادية واجتماعية وديموغرافية عديدة. وقد يكون السؤال عن جنس المولود أحد أكثر الأسئلة التي يطرحها الوالدان شيوعًا حتى يومنا هذا. إن التطورات الهائلة في المجال الطبي والتكنولوجي التي حدثت في النصف الثاني من القرن العشرين ساهمت في حدوث تقدم كبير في علم الجنين والإخصاب وأجابت عن كثير من الأسئلة التي كانت لا تزال مجهولة حتى وقت قريب.
المحتويات
طرق تحديد جنس الجنين أثناء الحمل
يمكن استخدام العديد من الطرق الموثوقة والدقيقة لتحديد جنس الجنين أثناء الحمل، ومن أهمها وأكثرها استخدامًا:
الأمواج فوق الصوتية:
اختبار روتيني وآمن، يعتمد على تصوير الرحم بالأمواج فوق الصوتية ويستخدم عادة للكشف عن المشاكل البنيوية وصحة الجنين ومراقبة تطوره ونموه بشكل دوري، وبما أن التصوير بالإيكو يظهر صورة الجنين بشكل مفصَّل فإن الطبيب يكون قادرًا على تحديد جنس الجنين من خلال ملاحظة نوع الأعضاء التناسلية، وعادة ما يتم ذلك خلال الأسبوع 18 – 21 من الحمل، مع الإشارة إلى أن هذه الطريقة ليست دقيقة في تحديد جنس الجنين 100% خصوصًا خلال الفترة الأولى من الحمل، ومن أهم إيجابياتها أنها بسيطة وآمنة وسهلة الإجراء ولا تسبِّب أي ضررٍ للأم أو الجنين.
اختبارات المادة الوراثية NIPT:
يتم إجراء هذا الاختبار من خلال أخذ عينة دم من الأم الحامل وإجراء تحليل للمادة الوراثية، يستخدم هذا الاختبار أساسًا للكشف عن احتمال إصابة الجنين ببعض الأمراض الوراثية مثل متلازمة داون ومتلازمة إدوارد وغيرها، بالإضافة لإمكانية تحديد جنس الجنين. يمكن إجراء هذا الاختبار بدءًا من الأسبوع العاشر للحمل، وهو اختبار آمن على الأم والجنين، لكن تكلفته مرتفعة نسبيًا مقارنة بالطرق الأخرى.
فحص الزغابات المشيمية:
اختبار وراثي يستخدم للكشف عن متلازمة داون، يعتمد هذا الاختبار على أخذ عينة من الزغابات المشيمية عن طريق إبرة رفيعة يتم إدخالها عبر المهبل أو عن طريق جدار البطن، يمكن إجراء هذا الاختبار بدءًا من الأسبوع 12-10 من الحمل، ويستخدم أساسًا للكشف عن بعض الأمراض الوراثية وفي مقدمتها متلازمة داون، ويمكنه تحديد جنس الجنين بدقة، يحمل هذا الاختبار بعض المخاطر على الأم والجنين، مثل الإجهاض (1%) والتهاب السائل الأمنيوسي.
بزل السائل الأمنيوسي:
اختبار يساعد على تشخيص المشاكل المتعلقة بنمو وتطور الجنين، يتم من خلال سحب كمية صغيرة من السائل السلوي ودراسة الخلايا الموجودة فيها والتي قد تشير إلى حالات غير طبيعية مثل متلازمة داون أو الشوك المشقوق وغيرها ويمكن كشف جنس الجنين عبر فحص هذه الخلايا، يمكن إجراء هذا الاختبار في الأسبوع 15-18 من الحمل، ويحمل بعض المخاطر على الأم والجنين مثل الإجهاض (2%) وتسرب السائل الأمنيوسي.
توجد العديد من الوسائل والطرق المنزلية والتقليدية التي يستخدمها الناس لمعرفة جنس الجنين خلال الحمل، ولكن أغلب هذه الطرق غير علمية وتتميز بعدم دقتها لأنها لا تعتمد على مبدأ علمي واضح.
هل يمكن تحديد جنس الجنين قبل الحمل؟
لقد سمحت التطورات الطبية التي حدثت خلال السنوات السابقة بمعرفة جنس الجنين وتحديده حتى قبل الحمل عبر تقنية الإخصاب في المختبر (طفل الأنبوب) والتشخيص الوراثي قبل الزرع PGD.
ما هي تقنية الإخصاب في المختبر؟
هي إحدى تقنيات الإخصاب المساعد، وتشمل الحصول على بويضات من مبيض الأنثى وتلقيحها بالنطاف خارج الرحم، بعد ذلك يتم نقل البويضة الملقحة وزرعها في رحم المرأة.
إنَّ معدل نجاح هذه التقنية متنوع، وبناءً على إحصائيات الجمعية الأمريكية للحمل فإن معدل الولادة لسيدة بعمر أقل من 35 سنة أجرت عملية طفل الأنبوب تصل لنحو 40%، وتنخفض هذه النسبة إلى 18-13% في حال تجاوز عمر السيدة 40 عامًا.
ما هي خطوات الإخصاب في المختبر؟
يتضمن الإخصاب في المختبر خمس خطوات أساسية، وهي:
- التحريض: يتطلب إجراء الإخصاب في المختبر أخذ عدة بويضات، لأن ذلك يزيد من فرصة الحصول على جنين حي، يتم تحريض إنتاج البويضات عبر إعطاء السيدة أدوية مقوية للخصوبة، ثم يقوم الطبيب بطلب تحاليل دموية ويُجري تصويرًا بالأمواج فوق الصوتية لمراقبة عملية إنتاج البيوض.
- أخذ البويضات: عملية جراحية تُجرى تحت التخدير، يستخدم الطبيب الأمواج فوق الصوتية كدليل للإبرة التي يتم إدخالها عبر المهبل نحو المبيض والتي تقوم بسحب البويضات من داخل الجريب.
- التلقيح: تؤخذ عينة سائل منوي من الزوج، ثم يقوم الطبيب بحقن نطفة تؤخذ من السائل المنوي داخل البويضة تحت المجهر ضمن شروط معينة للحصول على بيضة ملقحة.
- مراقبة البيوض الملقحة (الأجنة): لضمان انقسامها وتطورها.
- النقل: عندما تصل الأجنة لحجم كافٍ يمكن زرعها داخل الرحم، تصل الأجنة إلى الحجم المناسب للزراعة خلال 5-3 أيام عادة.
لماذا يتم إجراء الإخصاب في المختبر؟
تساعد هذه الطريقة الأفراد الذين يعانون من مشاكل إنجابية أو عقم، يعد الإخصاب في المختبر تقنية معقدة ومرتفعة التكلفة، لذلك يلجأ الأزواج إلى تجريب علاجات الإخصاب الأخرى أولًا مثل الأدوية المحسنة للخصوبة وحقن النطاف في الرحم. ولكن في السنوات الأخيرة ومع التطورات الحاصلة في مجال الإخصاب المساعد، تم اللجوء إلى هذه التقنية لسبب مختلف وهو تحديد جنس الجنين قبل الحمل.
كيف يمكن تحديد جنس الجنين قبل الحمل؟
تسمح تقنية التشخيص الوراثي قبل الزرع والتي تجرى خلال عملية الإخصاب في المختبر بتحديد جنس الجنين قبل زرع البويضة الملقحة في رحم السيدة. فخلال إجراء الإخصاب في المختبر، وبعد أخذ عدة بويضات من السيدة وتلقيحها بالنطاف في المختبر تتشكل الأجنة التي يمكن زراعتها في رحم السيدة. قبل زراعة الأجنة يستطيع الطبيب دراستها وفحص صبغياتها وتحديد الجنين الذكر (يدعى هذا الاختبار التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD).
يستخدم التشخيص الوراثي قبل الزرع لفحص الأجنة قبل زرعها في الرحم بحثًا عن أي أمراض وراثية خطيرة، كما يستطيع الاختبار كشف جنس الجنين عبر دراسة الصبغيات، فخلال فحص الأجنة لكشف العيوب الوراثية يقوم المختبر بتحديد جنس كل جنين ناتج عن الإخصاب في المختبر، ما يمكن الوالدين من اختيار جنس الجنين ومعرفته قبل زرع البويضة الملقحة في رحم السيدة.
على الرغم من انتشار هذه التقنية بين بعض المشاهير، إلا أنها لا تزال نادرة الاستخدام، بسبب تكلفتها المرتفعة و ضرورة وجود أجهزة وتقنيات متطورة لا تتوفر في كل الدول بالإضافة لاعتراضات أخلاقية ودينية واجتماعية عليها.
تعتبر هذه الطريقة هي التقنية العلمية الوحيدة المتوفرة حاليًا لتحديد جنس الجنين قبل الحمل، أما الوسائل الأخرى التي تعتمد على الأعشاب والطرق الشعبية فلا تعتمد على أي مبدأ علمي ولا يمكن الوثوق بها نهائيًا.