مخاطر تناول المضادات الحيوية دون وصفة طبية

يحذر الأطباء من تناول المضادات الحيوية دون إذن من الطبيب، فما المخاطر المحتملة لها؟

لا يمكن إحصاء عدد المرات التي مرضنا فيها وشعرنا أننا بحاجة إلى مضاد حيوي، فكل منا لديه في منزله خزانة مليئة بالأدوية المخصصة للحالات الطارئة أو الأيام الماطرة التي لا نستطيع الخروج فيها من المنزل، ومن ضمن هذه الأدوية المضادات الحيوية. لن يجادل أحدًا في أن المضادات الحيوية هي ابتكار مذهل ساهم منذ ظهوره في القرن العشرين في إنقاذ ملايين الأرواح وحقق نقلة نوعية في تاريخ الطب والعلوم، لكن تناول المضادات الحيوية بدون وصفة طبية أمر شائع وخطير جدًا، ولا يقتصر الخطر على الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية، لأنه يحفز على تطوير جراثيم مقاومة للمضادات الحيوية، ما قد يضع البشرية أمام تحدٍ مرعبٍ في سبيل مواجهة هذه الأمراض.

أنواع المضادات الحيوية

هناك نوعان أساسيان من مسببات الأمراض المعدية للبشر وهي الجراثيم والفيروسات، ورغم تشابه أعراض هذه الأمراض، لكنها تختلف عن بعضها بشكل كبير:

  • الجراثيم: بعضها مفيد للإنسان ويعيش في أجسامنا بشكل طبيعي، وهي أيضًا موجودة في كل مكان ومعظمها لا يسبب أي ضرر، لكن هناك بعض البكتيريا الضارة التي تسبب المرض بعد أن تغزو الجسم وتتكاثر فيه وتعرقل سير عمليات الجسم الطبيعية، وهي الجراثيم التي تعمل ضدها المضادات الحيوية وذلك عن طريق قتلها فتوقف نموها وتكاثرها في الجسم.
  • الفيروسات: كائنات غير حية طالما هي خارج الجسم، تتكاثر فقط عندما تتطفل على خلية حية أخرى (أي عندما تدخل جسم الكائن الحي) ويمكن لجهاز المناعة في أجسامنا أن يحارب بعض هذه الفيروسات قبل أن تسبب لنا المرض لكن بعضها الآخر (مثل الإنفلونزا ونزلات البرد) تتحسن أعراضه تلقائيًا ببساطة وبدون حاجة إلى تناول المضادات الحيوية، وهناك نوع ثالث منها يحتاج إلى تناول المضادات الفيروسية (تحت إشراف الطبيب).

ما هي نتائج تناول المضادات الحيوية بدون وصفة طبية؟

ظهور جراثيم خارقة:

إن أكبر خطر لاستخدام المضادات الحيوية بدون وصفة طبية هو تسريع عملية تطور الجراثيم إلى جراثيم خارقة مقاومة للمضادات الحيوية، ما يؤدي إلى عدم الاستفادة من المضادات الحيوية في علاج الالتهابات التي كانت تعالجها مسبقًا. تقول الدكتورة أليكسيس هالبيرن (دكتوراه في طب الطوارئ في مدينة نيويورك الأميركية) إنه يجب عدم تناول المضادات الحيوية المتبقية لديك دون وصفة طبية حتى لو كانت موصوفة لك لعدوى سابقة، ويجب تناول المضاد الحيوي الموصوف كاملًا وإلا ستتطور مقاومة تجاه المضادات الحيوية، ويمكننا أن نفكر في الأمر وكأننا نقتل شيئًا ما بالسم ونعتقد بأنه مات، لكنه لم يمت بل وأنه بعد أن تعرض للسم أصبح أقوى ولن نستطيع قتله بنفس السم مرة أخرى، وسنحتاج إلى سم آخر أقوى. تنتقل هذه المقاومة من الشخص الذي تكونت عنده إلى المجموعة السكانية التي يعيش ضمنها وهكذا حتى تصبح هذه المقاومة عالمية، ما يتسبب بموت الكثيرين لعدم وجود دواء يخفف العدوى الجرثومية لديهم أو يوقفها.

تداخل المضادات الحيوية مع الأدوية الأخرى:

يحدث التداخل الدوائي نتيجة التفاعل بين المضاد الحيوي مع دواء آخر أو أكثر عندما يتم تناولهما مع بعضهما البعض وينجم عن هذا التداخل فقدان في الفعالية أو زيادة في السمية أو ظهور آثار جانبية أو قد يتكون مركب أكثر فعالية مما لو استخدم كل دواء لوحده.

تداخل المضادات الحيوية مع الطعام:

تتداخل بعض المضادات الحيوية مع الأطعمة وتؤدي إلى آثار خطيرة جدًا على المريض، مثل تداخل دواء التتراسيكلين مع المنتجات التي تحتوي على الكالسيوم (مثل الألبان والأجبان).

القضاء على الجراثيم المفيدة للجسم:

وخاصة الفلورا الموجودة في الأمعاء، وغالبًا ما يعطل تناول المضادات الحيوية البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء، ويفسد توازن الجراثيم المفيدة الموجودة في الأنبوب الهضمي، ما قد يؤدي إلى مجموعة متنوعة من الأعراض، ومن أهمها الإسهال الذي قد يصبح شديدًا ومميتًا، خصوصًا عند الأطفال الصغار المعرضين للإصابة بالتجفاف بسرعة أكبر بكثير من البالغين.

لا تشفي الأمراض ذات المنشأ الفيروسي:

في حال كانت العدوى فيروسية فلن يفيدها المضاد الحيوي بأي شكل من الأشكال، بل ويمكن أن يكون لاستخدامها تأثيرات سلبية. 

الآثار الجانبية للمضاد الحيوي والتحسس تجاه أحد مكوناته:

تسبب المضادات الحيوية العديد من الآثار الجانبية ومن أهمها ردود فعل تحسسية خطيرة أو عدوى، ومن أهم الأعراض التحسسية ظهور طفح جلدي أو التقيؤ أو الدوار أو انخفاض ضغط الدم أو تورم اللسان والحلق أو عدم انتظام ضربات القلب أو تسارع النبض، وعلى سبيل المثال: هناك نسبة كبيرة من الناس تتحسس من المضاد الحيوي البنسلين الذي قد يؤدي تعاطيه إلى حدوث غيبوبة أو صدمة أو فشل تنفسي أو فشل قلبي وحتى الوفاة، وعندما يكون المضاد الحيوي معدًا للحقن العضلي أو الوريدي فقد يكون هذا أكثر خطورة.

زيادة شدة العدوى:

إذا استخدمت مضادًا حيويًا لحالتك، وكان هذا المضاد الحيوي لا يناسب المرض والعدوى التي أصابتك ستزداد شدة العدوى لديك وتشتد الأعراض التي تعانيها رغم تناولك للدواء ما قد يسبب لك مشكلات كبيرة وربما لن يستطيع الأطباء تدبيرها مع الوقت.

ماذا يمكنك أن تفعل حيال هذه المخاطر؟

يلعب كل من الأطباء والمرضى دورًا رئيسيًا في ترشيد استخدام المضادات الحيوية وتجنب سوء استعمالها. من ناحية المريض، يمكنه اتباع الخطوات الآتية:

  • لا تتناول المضادات الحيوية بدون وصفة طبيب مختص، ولا تعتمد على الوصفات الطبية من الإنترنت، لأن كل وصفة أو استشارة تكون خاصة بشخص معين وبمرض معين وليس بالضرورة أن تكون فعالة لكل الحالات.
  • اتبع دائمًا تعليمات طبيبك بدقة (مثلًا: اسأل الطبيب إذا كان عليك تناول الدواء على معدة فارغة أم بعض الطعام) وتناول جميع المضادات الحيوية الموصوفة لحالتك خصيصًا ووفق المدة المطلوبة حتى لو شعرت بتحسن وبأنك شُفيت لأن العدوى يمكن أن تعود حينها وبشكل أقوى.
  • لا تتناول المضادات الحيوية لمدة أطول من المدة الموصوفة.
  • لا تستخدم بقايا المضادات الحيوية لأنها من أكثر الأدوية التي تفقد فعاليتها بسهولة بعد فتح العلبة، وعندما يكون المضاد الحيوي على شكل بودرة تكون مدة صلاحيته غالبًا أسبوعين بعد حله بالماء وقد يتطلب حفظه بالثلاجة حتى يبقى فعالًا طوال الأسبوعين.
  • تناول المضاد الحيوي بالشكل الصحيح فلا تكسر المضغوطة التي لم يُذكر في نشرتها أنها معدة للتقسيم ولا تطحنها ولا تفتح الكبسولة، وتأكد من رج الدواء جيدًا قبل استخدامه في حال كان الدواء سائلًا.
  • تأكد من صلاحية الدواء قبل استخدامه.
  • لا تأخذ مضادًا حيويًا موصوفًا لفرد آخر من العائلة أو الأصدقاء.

وتذكر أن المضادات الحيوية ليس لها أي تأثير على العدوى الفيروسية، ما يعني أنها لن تساعد في علاج الانفلونزا والتهاب الشعب الهوائية والتهاب المعدة والأمعاء الفيروسي وأنواع عديدة من التهاب الأذن ومعظم حالات السعال، وقد يشير وجود عدوى لديك (استمرت من سبعة إلى عشرة أيام) إلى عدوى بكتيرية تتطلب علاجًا بالمضادات الحيوية.

المصادر: 123

Loading spinner
Share your love