الارتباط العاطفي هو جزء لا يتجزأ من عملية تطور شخصية الإنسان، فأنت كفرد في المجتمع تتفاعل مع أولئك الذين يمنحونك شعورًا بالأمان والعزاء والدعم، ولكن يمكن للتعلق العاطفي أن يصبح سامًا إذا كنت تعتمد كثيرًا على الآخرين لتلبية متطلباتك العاطفية، فالهدف من الارتباط العاطفي الصحي هو تحقيق التوازن بين الحصول على متطلباتك العاطفية دون الاعتماد على أي شخص أو على مشاعر الآخرين، لذلك يجب معرفة ماهية التعلق المرضي العاطفي وكيفية التعامل معه والتغلب عليه. يقدم تطبيق كيورا برنامجًا خاصًا للتعامل مع التعلق العاطفي المرضي، وتجاوز تأثيراته السلبية على مختلف جوانب حياتك تحت إشراف مجموعة من المعالجين النفسيين المميزين.
المحتويات
ما هو التعلق المرضي العاطفي؟
التعلق المرضي العاطفي هو حالة تتطور لدى الأفراد وخاصة الأطفال الصغار الذين يعانون من مشاكل في تكوين علاقة عاطفية عميقة (تُعرف باسم رابطة التعلق) مع والديهم أو الطبيب أو مقدم الرعاية الصحية.
بما أن نوعية رابطة التعلق تؤثر بشكل كبير على نمو الطفل أو تطور شخصية الفرد، فإن التعرض لمشاكل واضطرابات التعلق العاطفي يمكن أن يؤثر على قدرة الفرد على التعبير عن مشاعره، وتنمية شعور الثقة والأمان، بالإضافة إلى اضطراب القدرة على بناء علاقات عاطفية عميقة في وقت لاحق من الحياة. [1]
يشير وجود هذا الاضطراب عند البالغ إلى وجود مشكلات مختلفة مرتبطة بفهمه للمشاعر وإظهار المودة والثقة بالآخرين، تبدأ ملاحظة هذه المشكلات بشكل واضح في مرحلة الطفولة، ويمكن أن تؤثر على جميع جوانب حياة الفرد بدءًا من ثقته بنفسه، وحتى الرضا عن علاقاته بالآخرين من حوله. [2]
اقرأ أيضًا: 5 أعراض تدل على أن طفلك يحتاج لطبيب نفسي
ما هي أنواع التعلق المرضي العاطفي؟
يوجد نوعان رئيسيان للتعلق المرضي العاطفي هما:
- اضطراب التعلق التفاعلي: يتضمن هذا النوع من التعلق المرضي أنماطًا متعددة من الانسحاب العاطفي عن والديه أو الوصي عليه، ويشعر الطفل المصاب بهذا النمط من التعلق المرضي بالحزن، ويكون سهل الاستثارة أو قد يشعر بالخوف عند وجوده مع والديه أو الوصي عليه خلال النشاطات اليومية.
بالإضافة لذلك لا يستجيب الطفل المصاب للراحة أو يبحث عنها حتى عند انزعاجه؛ وذلك بسبب التجارب السلبية السابقة مع البالغين من حوله، وقد يعاني من صعوبة التعبير عن مشاعره أو تكوين العلاقات مع الآخرين. إن المصابين بالتعلق المرضي التفاعلي معرضون بشكل أكبر للإصابة بفرط النشاط والقلق والاكتئاب. - اضطراب المشاركة الاجتماعية غير المقيد: على عكس التعلق المرضي المتفاعل، يكون المصاب بهذا الاضطراب ودودًا جدًا مع الغرباء، فالأطفال هنا يتجولون بعيدًا عن ذويهم دون إخبارهم، ويتقربون من الغرباء دون تردد ويتفاعلون معهم، أو قد يقومون بعناق أو لمس الغرباء من حولهم. [3]
ما هي أسباب التعلق المرضي العاطفي؟
يشاهد التعلق المرضي عند عدم قدرة الطفل على التواصل بشكل مستمر مع أحد الوالدين أو مقدم الرعاية، إذا شعر الطفل بشكل متكرر بأنه مهجور أو منعزل أو عاجز أو غير معتنى به مهما كان السبب، فسوف يتعلم أنه غير قادر على الاعتماد على الآخرين، وأن العالم مكان خطير ومخيف، يمكن أن يحدث ذلك لعدة أسباب أهمها:
- عدم استجابة أحد أو عدم تقديم وسائل الراحة لطفل يبكي.
- عدم تقديم الطعام لطفل جائع لفترة طويلة.
- عدم تبديل ملابس الطفل لمدة طويلة بعد أن بلل نفسه.
- عدم التحدث أو اللعب أو النظر إلى الطفل وهذا سيجعل الطفل يشعر بالوحدة.
- حصول الطفل على الانتباه فقط عند ممارسته لسلوك متطرف.
- تعرض الطفل لصدمة أو للإساءة أو التنمر.
- انفصال الطفل عن والديه أو حاجته للبقاء في المشفى لمدة طويلة بعيدًا عن والديه.
- انتقال الطفل من عائلة لأخرى (في حالات التبني).
- إصابة أحد الوالدين أو كليهما بمرض ما أو الاكتئاب أو الإدمان.
كيف تتعامل مع التعلق المرضي العاطفي؟
شعور الطفل المصاب بالتعلق المرضي العاطفي بالأمان عامل مهم وأساسي لحل مشاكل التعلق، فالطفل المصاب يشعر بالعزلة والانفصال وذلك بسبب شعوره بعدم الأمان في العالم، وهذا يمنعه أيضًا من قبول الحب والدعم؛ لذلك وقبل أي شيء آخر من الضروري تعزيز مشاعر الأمان لدى الطفل، ويمكنك تحقيق ذلك من خلال وضع توقعات وقواعد سلوك واضحة، وعبر الاستجابة باستمرار لاحتياجات طفلك حتى يعرف ما يمكن توقعه عندما يتصرف بطريقة معينة، والأهم من ذلك يعرف أنه بغض النظر عما يحدث يمكنه الاعتماد عليك.
من المهم إصلاح مشاكل التعلق المرضي العاطفي عبر مساعدة الطفل على الشعور بالحب، فالطفل الذي لم يكوّن روابط عاطفية في وقت مبكر من حياته، سيجد صعوبة في قبول الحب وخاصة التعبير الجسدي عن الحب، لكن يمكن مساعدتهم على تعلم قبول حب والديهم أو الوصي عليهم بالصبر والاستمرارية والتكرار، حيث تُبنى الثقة والأمان من رؤية أفعال المحبة وسماع كلمات مطمئنة والشعور بالراحة بشكل مستمر.
من المهم التعرف على الأفعال التي تُشعر الطفل بالراحة، أظهر الحب والأمان لطفلك عبر احتضانه أو حمله أو عبر تكرار تجارب التعلق التي لم يختبرها خلال بداية حياته، أظهر احترامك لما يحبه طفلك بشكل مستمر، في حال وجود تاريخ لتعرض الطفل للإساءة أو الإهمال أو تعرضه لصدمة فقد تحتاج للتروي؛ لأن طفلك قد ينفر من اللمس أو الاحتكاك الجسدي.
إن أهم خطوة تجاه مساعدة الفرد المصاب بالتعلق المرضي العاطفي هي تكوين ارتباط آمن في بيئة صحية ومستقرة، فعلى سبيل المثال: الطفل الذي ينتقل بشكل مستمر من دار رعاية إلى أخرى، أو ينتهي به الأمر في دار للأيتام، لن يكون قادرًا على تكوين روابط صحية مع الآخرين أو مع الوصي عليه.
حتى عندما يكون الطفل المصاب بالتعلق المرضي العاطفي ضمن عائلة محبة ومستقرة فإن الأعراض لن تختفي بشكل فوري، فالطفل يميل للابتعاد عن مقدم الرعاية، ويتبنى سلوكًا يسبب نفور الآخرين منه، وعندها يحتاج الطفل لعلاج مكثف.
تتضمن أساليب التعامل مع التعلق المرضي العاطفي وعلاجه:
العلاج النفسي: يركز العلاج النفسي للتعلق المرضي على التعرف على أسباب المشكلة ومحاولة التقليل من السلوك المسبب للمشاكل، يمكن لهذا النوع من العلاج أن يتم وجهًا لوجه بين الطفل والمعالج، ولكن يمكن أن يشمل الوصي على الطفل أيضًا.
تعليم مهارات التواصل الاجتماعي: يمكن لمهارات التواصل الاجتماعي أن تساعد الطفل على تعلم كيفية التفاعل مع الآخرين بشكل أفضل في المدرسة أو خلال الأنشطة الاجتماعية، ويمكن أن يتدرب الأطفال على هذه المهارات مع المعالج والوالدين أو الوصي للمساعدة على اكتساب الطفل للثقة.
العلاج العائلي: يشمل هذا العلاج الطفل وأفراد عائلته أو الوصي عليه، ويتضمن نشاطات ممتعة ومتنوعة تحسن وتدعم روابط الطفل بعائلته وتساعد العائلة على فهم أعراض الطفل، بالإضافة إلى تعلم أساليب جديدة للتفاعل والاستجابة مع الآخرين.
يعتبر التعلق العاطفي جانب طبيعي من العلاقات الإنسانية، فالأصدقاء والأحباء يقدمون الدعم العاطفي لنا، مما يؤثر بشكل إيجابي على الصحة البدنية والنفسية؛ لذلك إذا لاحظت علامات تشير إلى أن طفلك قد يكون مصابًا بالتعلق المرضي العاطفي، فتحدث إلى طبيب طفلك بشأن التقييم أو التشخيص أو الإحالة إلى اختصاصي الصحة النفسية للأطفال. [4]
اقرأ أيضًا: هل إرسال الطفل إلى الحضانة باكرًا ينمي شخصيته ويزيد من اعتماده على نفسه؟
كلما كان التدخل بشكل أبكر زاد احتمال تحسن حالة الطفل، كما يمكنك مساعدة طفلك عبر الالتحاق بصف الأبوة والأمومة، فالأطفال الذين يعانون من مشاكل التعلق يحتاجون إلى اهتمام خاص، ويمكن أن يساعد تعلم الطفل لكيفية الاستجابة بشكل مناسب على تكوين علاقة أكثر صحة وأمانًا مع والديه أو الوصي عليه أو مقدم الرعاية. انضم الآن إلى برنامج التعلق العاطفي المرضي.
المراجع
[1] Attachment Disorders in Children: Causes, Symptoms, and Treatment, www.helpguide.org, retrieved 17/2/2022
[2] What is Emotional Attachment Disorder?, hupcfl.com, retrieved 17/2/2022
[3] How Attachment Disorders Impact Your Relationships, www.healthline.com, retrieved 18/2/2022
[4] What Is an Attachment Disorder?, www.verywellmind.com, retrieved 18/2/2022