تأثير جائحة كوفيد-19 على الصحة النفسية أرقام وإحصائيات هامة

كيف أثرت جائحة كورونا على الصحة النفسية للبشر؟

أحدثت جائحة كوفيد-19 تحولات كبيرة في الحياة اليومية لكل فرد منا، وقد ناضلنا جميعًا لفهم طبيعة هذا الفيروس الذي قلب عالمنا رأسًا على عقب، من خلال فرز واستيعاب كمٍّ هائل من المعلومات والدراسات العلمية، وتقييم وسائل العلاج المختلفة ومحاولة إيجاد اللقاحات للوقاية من الإصابة والسيطرة على هذه الجائحة.

لقد أثرت جائحة كوفيد-19 والتغيرات المصاحبة لها من حجر صحي وركود اقتصادي وإغلاق للمدارس وتوقف للأعمال تأثيرًا سلبيًا مباشرًا على الصحة النفسية لشريحة كبيرة من البشر، وخلقت تحديات وصعوبات إضافية للأشخاص الذين يعانون بالفعل من اضطرابات الصحة النفسية، فقد ازداد انتشار القلق والاكتئاب واضطرابات النوم والعنف الأسري وأصبح الوصول لخدمات الصحة النفسية أصعب وأكثر تعقيدًا.

ما هي أهم الأسباب التي جعلت جائحة كوفيد-19 تؤثر بشدة على الصحة النفسية؟

أثرت جائحة كوفيد-19 على الصحة النفسية للكثير من الأشخاص من خلال عدة عوامل وأسباب مباشرة وغير مباشرة، ومن أهمها:

  • العزلة الاجتماعية والابتعاد عن الأصدقاء والعائلة.
  • الركود الاقتصادي ونقص الموارد المادية وفقدان الوظائف عند عدد كبير من الأشخاص.
  • الخوف والهلع نتيجة الأرقام الكبيرة للإصابات والوفيات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة.
  • انتقال عملية التعليم من التعليم المباشر إلى التعليم عن بعد وابتعاد الطلاب عن صفوفهم والجو الدراسي التقليدي.
  • زيادة ساعات عمل أفراد الكادر الطبي والضغوطات الكبيرة الملقاة على كاهلهم، وما ينتج عنها من إرهاق جسدي وفكري شديد.
  • المعاناة من إصابة شديدة أو إصابة أحد الأشخاص المقربين، وحاجته لمستويات متقدمة من الرعاية الصحية.
  • فقدان أحد أفراد العائلة نتيجة عدوى كوفيد-19 ومضاعفاتها.

إحصائيات حول تأثير جائحة كوفيد -19 على الصحة النفسية

تشير دراسة صادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن 20-70% من السكان قد عانوا من الآثار السلبية التالية للجائحة، ومن أهم هذه الآثار صعوبة النوم (36%) واضطرابات الأكل (32%) وزيادة التدخين وتعاطي الكحول (12%) وتفاقم الاضطرابات النفسية السابقة (12%)، بالإضافة إلى ذلك فقد وجدت هذه الدراسة أن بعض الأشخاص كانوا معرضين لهذه الآثار السلبية بشكل أكبر من غيرهم، ومن بينهم النساء والشباب ذوي الدخل المنخفض والأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية سابقة بالإضافة إلى العاملين في القطاع الصحي.

وفي دراسة استقصائية أجريت عام 2021 في 30 دولة حول العالم، أشار أكثر من نصف المشاركين من دول تشيلي والبرازيل والبيرو وكندا إلى أن صحتهم النفسية قد تأثرت بشكل كبير منذ بداية الوباء، مقارنة مع حوالي 45% من الأشخاص في باقي الدول المشاركة في الدراسة.

في شهر آذار عام 2021، كان حوالي 114 مليون طفل خارج صفوفهم ومنقطعين عن العملية التعليمية وكان لذلك تأثير كارثي على عملية التعلم والصحة الجسدية والنفسية للطلاب وعائلاتهم، مع تأثير مباشر على تطلعاتهم الاجتماعية والاقتصادية المستقبلية.

أظهرت الدراسات أيضًا أن فقدان الوظائف ومعدلات البطالة المرتفعة التالية للجائحة ارتبط ارتباطًا مباشرًا بزيادة معدلات الاكتئاب والقلق وانخفاض احترام الذات وأدى إلى ارتفاع معدلات الانتحار لدى الأفراد الذين فقدوا وظائفهم ولدى أفراد عائلتهم أيضًا. ومن جهة أخرى، أبلغ 15% من البالغين عن زيادة كبيرة في مشاعر القلق والتوتر المرتبطة بالجائحة، وقد عانى هؤلاء الأشخاص بشكل كبير من صعوبات كبيرة في الوصول إلى الدعم الذي يحتاجونه بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، فقد أظهر استطلاع للرأي أُجري على أفراد الكادر الطبي من مختلف أنحاء العالم مستويات مرتفعة من الإرهاق الجسدي والذهني من ضغوط العمل بالإضافة إلى القلق من العدوى ونقل الإصابة إلى عائلاتهم وأحبائهم والمعاناة من الابتعاد لفترات طويلة عن العائلة بالإضافة إلى زيادة شيوع بعض الاضطرابات الجسدية كالصداع وآلام المعدة وتغيرات الشهية وغيرها الكثير.

تظهر هذه الإحصائيات والدراسات السابقة بوضوح التأثيرات السلبية الكبيرة التي خلفتها جائحة كوفيد-19، وأثرت من خلالها بشكل مباشر على الحالة النفسية لعدد كبير من البشر.

ما هي التأثيرات طويلة الأمد لجائحة كوفيد-19 على الصحة النفسية؟

إن الإحصائيات والدراسات سابقة الذكر تتحدث عن التأثير الآني لجائحة كوفيد-19 على الصحة النفسية للأشخاص حول العالم، ولكن يرجح الخبراء أن هذه التأثيرات قد تستمر على المدى الطويل، وقد ينتج عنها بعض النتائج السلبية الإضافية، كزيادة شيوع اضطراب الوسواس القهري والاكتئاب والقلق من المرض أو صعوبة العودة للاندماج ضمن المجتمع وخاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الخجل والرهاب الاجتماعي والذين قد يجدون صعوبة في إعادة بناء شبكتهم الاجتماعية، وقد تؤثر البطالة المستمرة أو تراجع الدخل أيضًا على الرفاهية على المدى الطويل، بالإضافة إلى ذلك فقد تزيد جائحة كوفيد-19 من نسبة انتشار اضطراب ما بعد الصدمة وخاصة لدى الأشخاص الذين مروا بتجربة المرض أو فقدوا أحد أحبتهم نتيجة المرض أو مضاعفاته.

طرق التعامل مع التأثيرات السلبية لجائحة كوفيد-19 على الصحة النفسية

للوقاية من الآثار السلبية آنفة الذكر، بدأت بعض الدول باتخاذ مجموعة متنوعة من الإجراءات والتدابير، والتي يمكن أن تساعد في تخفيف تأثير جائحة كوفيد-19 على الصحة النفسية، ومن أهم هذه التدابير:

  • زيادة توفير خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي.
  • فحص قوانين التأمين الحكومية للتأكد من تكافؤ فرص الأشخاص في الحصول على خدمات الصحة النفسية.
  • تعزيز البنى التحتية لخدمات الاستشارات النفسية الإلكترونية عن بعد.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن اتخاذ بعض الخطوات الفردية لتعزيز صحتك النفسية والحفاظ عليها، ومن أهم هذه الخطوات:

  • حافظ على نظام حياة صحي، كالنوم لسبع ساعات كل ليلة على الأقل وممارسة التمارين الرياضية يوميًا بالإضافة إلى الالتزام بنظام غذائي صحي متوازن وتجنب التدخين والمخدرات والمشروبات الكحولية.
  • ابق على تواصل مستمر مع عائلتك وأصدقائك وشبكات الدعم الأخرى، إذ يساعد التحدث مع أشخاص مقربين منك إلى تخفيف التأثيرات السلبية للجائحة.
  • ساعد الأشخاص الآخرين على تجاوز الجائحة عندما يكون ذلك آمنًا لك، فمساعدة الآخرين تمنحك إحساسًا بالراحة والقدرة على السيطرة على المشاعر السلبية.

لقد خلقت جائحة كوفيد-19 تحدياتٍ وضغوطًا هائلةً على الصحة النفسية لعدد كبير من البشر، ومن الواضح أن التعامل مع هذه التحديات الجديدة يتطلب التحلي بالصبر والهدوء والالتزام بالتوصيات السابقة على المستوى الفردي والجماعي حتى نصل جميعًا لبر الأمان.

المصادر: 123

Loading spinner
Share your love