قصور القلب: درجاته، أعراضه، علاجه

ينتشر قصور القلب بين 1 - 2 % من البالغين، فما هو؟ وكيف يمكن علاجه؟

القلب عضلة استثنائية تعمل بشكل متواصل لتأمين متطلبات كافة خلايا الجسم من الدم والأوكسجين. تستطيع العضلة القلبية الحفاظ على حيويتها واستمرارية عملها لمدة طويلة من الزمن، خلال اليقظة والنوم، خلال الجهد والراحة، ما يشكل ظاهرة بيولوجية فريدة من نوعها. قد تضعف العضلة القلبية وتفقد قدرتها على تزويد الجسم بالكميات المطلوبة من الدم والأكسجين في حالات معينة، ومع تقدم الأمر ينعكس هذا الضعف سلبًا على كافة أعضاء وأجهزة الجسم. تسمى هذه الحالة بقصور القلب Heart Failure أو فشل العضلة القلبية.

يعتبر قصور القلب من الحالات الشائعة نسبيًا في الممارسة الطبية، إذ يحدث عند حوالي 1-2% من البالغين، وتزداد هذه النسبة مع التقدم بالعمر. كما أنه ليس حالة مرضية معزولة، حيث يزداد خطر حدوثها عند الأشخاص المسنين المصابين بداء السكري أو المصابين بأمراض كلوية أو كبدية مزمنة، بالإضافة إلى تسجيل أسباب عائلية ووراثية لقصور القلب.

أعراض وعلامات قصور القلب

لا يوجد عرَض محدد أو مميز لقصور القلب، فقد يشكو المريض من التعب المزمن وعدم تحمل الجهد، ويلاحظ ضعفًا تدريجيًا في قدرته على ممارسة الأعمال التي كان يمارسها سابقًا بشكل طبيعي، فمثلًا تفقد ربة المنزل قدرتها على ممارسة أعمال المنزل المجهدة التي كانت تقوم بها أسبوعيًا وتقوم بتخفيفها إلى مرة شهريًا. ثم تتطور الحالة إلى عدم تحمل الجهد الناتج عن ممارسة الأعمال الاعتيادية اليومية، وفي مراحل المرض المتقدمة تضعف قدرة المريض على ممارسة المهام الذاتية كاللبس والطعام واستعمال الحمام وصولًا إلى الاعتماد المطلق على شخص مساعد.

أحد أهم الأعراض التي يعاني منها مرضى قصور القلب هي ضيق التنفس (أو ما يسمى بالزلة التنفسية) والتي تحدث نتيجة قلة وصول الدم الذي يحمل الأكسجين للخلايا، وتراكم السوائل حول القلب والرئتين لعدم قدرة القلب على تصريفها، ومثل بقية الأعراض الأخرى كالتعب المزمن وعدم تحمل الجهد. تتراوح شدة الزلة التنفسية من خفيفة (التي تحدث على الأعمال المجهدة فقط) إلى متوسطة (تحدث أثناء الأعمال فوق الاعتيادية) إلى زلة شديدة (تحدث في الأعمال الاعتيادية اليومية) وصولًا إلى زلة تنفسية شديدة جدًا (تحدث حتى في حالة الراحة المطلقة دون ممارسة أي جهد). يعتبر ضيق التنفس أثناء الاستلقاء وخاصة المترافق بضيق النفس الذي يوقظ المريض من النوم من أكثر العلامات المميزة لقصور القلب المتقدم.

تتمثل الأعراض والعلامات الأخرى لقصور القلب بالشحوب، وقلة التركيز، ونقص إدرار البول، وقلة فعالية الجهاز الهضمي، وغيرها من الأعراض المرتبطة بنقص الإمداد الدموي للأنسجة. يضاف إلى قائمة الأعراض والعلامات السابقة الوذمات التي تحدث نتيجة ركودة السوائل في الجسم بسبب عجز الجهاز القلبي الوعائي على طرحها. تتميز هذه الوذمات بكونها تخضع لتأثير الجاذبية، إذ تتركز في الأطراف السفلية في البداية، لكنها تمتد لبقية الجسم مع تقدم المرض.

أسباب قصور القلب والعوامل المؤهبة له

تتنوع أسباب قصور القلب والعوامل المؤهبة له، ويمكن تصنيفها ضمن مجموعتين رئيسيتين: أسباب قلبية، وأسباب غير قلبية. تضم الأسباب القلبية جميع الأمراض التي تؤثر على العضلة القلبية والتي تؤدي في النهاية إلى فشلها في تأدية عملها بالشكل المثالي. ومن أهم هذه الأسباب:

  • أمراض نقص التروية القلبية، كالاحتشاء القلبي وأمراض الشرايين الإكليلية.
  • المراحل المتقدمة من أمراض الصمامات القلبية، ومن أهمها تضيق الصمام الأبهري الذي يشيع عند المسنين.
  • اضطرابات نظم القلب: ومن أهم أمثلتها الرجفان الأذيني الذي يعد من الأمراض الشائعة نسبيًا، وغيرها من اضطرابات النظم الأخرى النادرة.
  • اعتلالات العضلة القلبية كالاعتلال القلبي الضخامي (الذي تتضخم فيه العضلة القلبية بشكل كبير). والاعتلال القلبي التوسعي (الذي تتوسع فيه أجواف العضلة وترق جدرانها).
  • التهاب العضلة القلبية الذي قد تسببه العديد من العوامل الفيروسية والجرثومية.

أما أهم الأسباب غير القلبية التي قد تسبب قصور القلب:

  • الأمراض الغدية: كالسكري، وأمراض الغدة الدرقية.
  • القصور الكلوي المزمن خاصة عند المرضى الذين يخضعون لجلسات غسيل الكلية.
  • القصور الكبدي في مراحله المتقدمة.
  • فقر الدم الشديد المزمن.
  • السرطانات.
  • أدوية العلاج الكيميائي والمعالجة الشعاعية التي تستخدم في سياق علاج العديد من الأمراض الورمية وغير الورمية.
  • ضعف العضلة القلبية في سياق العدوى الشديدة.

ويضاف إلى ذلك العديد من الأسباب الوراثية أو العائلية سواء القلبية أو غير القلبية، مثل: آفات القلب الولادية بما فيها الفتحات القلبية الشاذة أو التشوهات الخلقية في أوعية القلب، وأمراض العضلات الخلقية، وأهمها تلك التي تؤثر بشكل مباشر على عضلة القلب.

تشخيص وعلاج قصور القلب

يبدأ تشخيص قصور القلب بالفحص السريري والتعرف على الأعراض المرتبطة بالحالة، لكن تشخيص قصور القلب يعتمد بشكل أساسي على التصوير بالأمواج فوق الصوتية للقلب، إذ يُحدد هذا التصوير الوظيفة القلبية مقدرة بنسبة مئوية (تعتبر وظيفة قلبية بنسبة > 50% طبيعية)، كما يدرس هذا التصوير عمل عضلة القلب والصمامات بحثًا عن الأسباب القلبية التي قد تكون سببًا لقصور القلب وبالتالي تشخيصها وعلاجها. بالإضافة لذلك تتوفر العديد من الاستقصاءات الأخرى المخبرية والشعاعية التي تساعد في كشف الاضطرابات المرافقة أو المحتملة كسبب للقصور القلبي ومدى تقدم الحالة ونوعية العلاج المناسب.

يهدف علاج قصور القلب إلى تخفيف شدة الأعراض ومنع ترقيها، وتشمل أهم العلاجات:

  • المدرات البولية: لتخفيف أعراض الاحتقان والوذمات، من خلال زيادة تصريف السوائل مع البول عبر الكلية.
  • الأدوية المقوية لوظيفة العضلة القلبية.
  • أدوية إضافية لعلاج الأسباب والحالات المرافقة: كأدوية ضبط النظم القلبي، والأدوية التي تستخدم لعلاج الأمراض غير القلبية.
  • يستخدم العلاج الجراحي في الحالات الشديدة التي يفشل فيها العلاج الدوائي في ضبط الحالة، ويتمثل في زرع القلب من متبرع ميت سريريًا، مع الإشارة لظهور العديد من الأبحاث في السنوات الأخيرة حول إمكانية استخدام الخلايا الجذعية لعلاج حالات قصور القلب المتقدمة.

نصائح لتحسين نوعية الحياة والوقاية من تطور قصور القلب

ينصح مرضى قصور القلب بالالتزام بالعديد من التوصيات التي تساعد في منع ترقي المرض، ومن أهمها ممارسة الرياضة المعتدلة بانتظام لما لها من دور هام في تقوية العضلة القلبية والجهاز الدوراني، بالإضافة إلى إجراءات تخفيض الوزن، وتقليل كمية الملح في الطعام، وعلاج الأمراض والحالات المرافقة. وتعديل نمط الحياة وتجنب العوامل التي تفاقم الحالة كالتدخين.

المصادر: 12

Loading spinner
Share your love