ينشأ سرطان عنق الرحم Cervix Cancer عندما تصاب الخلايا المبطنة لعنق الرحم بطفرات خبيثة مسرطنة، وتنمو بصورة خارجة عن السيطرة، وتشكل كتلة ورمية. يصل عنق الرحم بين المهبل في الأسفل والرحم في الأعلى، ويمثل جزءًا من الجهاز التناسلي الأنثوي الداخلي. نتحدث في هذا المقال عن سرطان عنق الرحم، أسبابه، وأعراضه، وتشخيصه وعلاجه.
المحتويات
إحصائيات عن سرطان عنق الرحم
يعد سرطان عنق الرحم رابع أشيع سرطان يصيب النساء حول العالم، إذ أصيبت به نحو 600,000 امرأة حول العالم توفي منهنّ نحو 342,000 في عام 2020.
يقسم سرطان عنق الرحم إلى نوعين:
- السرطانة شائكة الخلايا: التي تعد من أكثر الأنواع شيوعًا، وهي تشمل نحو 70% من حالات سرطان عنق الرحم، وتنشأ من الخلايا المبطنة لعنق الرحم القريبة من المهبل.
- السرطانة الغدية: التي تشمل نحو 25% من حالات سرطان عنق الرحم، وتتميز بكونها أصعب بالتشخيص، ﻷنها تتطور في الجزء العلوي من عنق الرحم.
الأسباب والعوامل المؤهبة لسرطان عنق الرحم
تنشأ أغلب حالات سرطان عنق الرحم نتيجة الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري HPV. يعتبر فيروس HPV من الفيروسات شائعة الانتشار، وتوجد عدة أنواع منه تسبب أمراضًا مختلفة. يسمى كل نوع “النمط المصلي” ويعطى رقمًا يميزه، حيث تسبب الإصابة بـ الأنماط المصلية 16 و 18 من فيروس HPV نحو 70% من حالات سرطان عنق الرحم.
تتضمن عوامل الخطر الأخرى التي تزيد خطر تطور سرطان عنق الرحم:
- التدخين: يعد التدخين ثاني أخطر عامل لتطور سرطان عنق الرحم بعد فيروس الورم الحليمي البشري HPV.
- ضعف الجهاز المناعي: يحارب الجهاز المناعي الخلايا السرطانية ويقضي عليها، ويعطي ضعف الجهاز المناعي الفرصة للخلايا السرطانية حتى تتطور وتنمو وتشكل كتلة ورمية.
- الإصابة بالأمراض المنتقلة بالجنس: تزيد الإصابة بكل من السيلان البني، والكلاميديا، والسفلس، وفيروس عوز المناعة المكتسب HIV المسبب للإيدز من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم.
- تناول مانعات الحمل الفموية: أشارت بعض الدراسات إلى أن تناول مانعات الحمل الفموية مدة خمس سنوات أو أكثر تزيد من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم.
أعراض سرطان عنق الرحم
من النادر أن يسبب سرطان عنق الرحم في مراحله الابتدائية والبسيطة أعراضًا ظاهرة، وتظهر الأعراض فقط عندما يتطور الورم إلى كتلة ورمية. تتضمن أهم الأعراض الملاحظة التي قد تشعرين بها:
- النزف النسائي غير الطبيعي.
- ألم في أثناء الجماع.
- نزف بعد الجماع.
- ألم في الحوض.
- حدوث تغيرات في شدة المفرزات المهبلية، أو تغير لونها أو رائحتها.
من المهم جدًا الإشارة إلى أن هذه الأعراض قد تحدث في سياق العديد من أمراض الجهاز التناسلي الأنثوي الأخرى، ووجودها لا يعني أبدا إصابتك بسرطان عنق الرحم. ومن المهم عند وجود إحداها استشارة الطبيب المختص وإجراء الفحوص اللازمة.
التشخيص
يعتمد تشخيص سرطان عنق الرحم على الفحوص النسيجية والخلوية بهدف كشف وجود الخلايا الخبيثة السرطانية في عنق الرحم. يعد تنظير عنق الرحم الوسيلة التشخيصية الأولى والمفضلة، إذ يسمح بتحديد موقع الخلايا السرطانية في عنق الرحم، وتبيان شكلها وصفاتها. حيث يقوم الطبيب الفاحص وإلى جانبه ممرضة مساعدة بتوسيع المهبل بواسطة المنظار المهبلي، حتى يتمكن الطبيب من فحص عنق الرحم بواسطة أداة مكبرة تسمح برؤية نسيج سطح عنق الرحم. وعند الشك بوجود منطقة سرطانية، يقوم الطبيب بأخذ عينة من نسيج هذه المنطقة (الخزعة) حتى يقوم بفحصها مجهريًا بحثًا عن خلايا خبيثة. يستغرق هذا الفحص نحو 15 دقيقة حتى ينتهي، وهو غير مؤلم البتة، لكنه قد يكون مثيرًا للتوتر ويسبب الإزعاج والارتباك.
تستغرق نتائج الفحص عدة أسابيع حتى تظهر. ولا يوجد داع للتوتر والقلق إن استغرقت النتائج فترة أطول من هذه المدة حتى تظهر، فهذا لا يعني أبدا أنها سيئة أو أنك مصابة بالمرض. ويُفضل عند استلام النتائج اصطحاب فرد من العائلة للدعم المعنوي، حيث يقوم الطبيب بشرح نتائج الفحص لك.
العلاج
يمكن علاج سرطان عنق الرحم والشفاء منه، إذ يبلغ احتمال النجاة مدة خمس سنوات بعد الشفاء 74%. يعتمد علاج سرطان عنق الرحم على حجم ونوع الورم لحظة التشخيص، وموقع الورم من عنق الرحم، واحتمال انتقاله خارج العنق، وعلى صحتك العامة. تتضمن العلاجات المعتمدة:
- استئصال الورم: تعد الجراحة واستئصال الورم العلاج الأساسي لسرطان عنق الرحم، خاصة في مراحله الأولى. يعتمد الجزء المستئصل على امتداد الورم وإصابة الأجزاء الأخرى من الجهاز التناسلي الأنثوي الداخلي. إذ قد يستأصل الطبيب الجراح الجزء الحاوي على الورم السرطاني من عنق الرحم فقط، أو قد يضطر إلى استئصال الجزء العلوي من المهبل عند إصابته، أو قد يضيف الرحم، أو الملحقات التناسلية الأخرى مثل البوقين والمبيضين.
- العلاج الكيميائي: يقوم العلاج الكيميائي بقتل الخلايا السرطانية. ويستخدم إما إلى جانب العلاج الإشعاعي كعلاج رئيسي بدل الجراحة، أو يطبق قبل العمل الجراحي بهدف إضعاف الورم وتصغير حجمه، أو قد يطبق بعد العمل الجراحي للقضاء على أي خلايا سرطانية متبقية خفية.
- العلاج الإشعاعي: يشابه العلاج الإشعاعي العلاج الكيميائي في أغلب استخداماته.
الوقاية
يمكن الوقاية من سرطان عنق الرحم وخفض خطر الإصابة به أو زيادة احتمال كشفه في مراحله الباكرة من خلال القيام ببعض الإجراءات الصحية المعتمدة، التي تتضمن:
- لقاح فيروس HPV: يوجد حاليًا أربعة لقاحات معتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية تقي جميعها من الإصابة بالأنماط 16 و 18 من فيروس HPV التي تسبب أغلب حالات سرطان عنق الرحم.
- الفحص الدوري لعنق الرحم: يتم إجراء هذا الفحص عبر مسحة عنق الرحم، حيث يقوم الطبيب بأخذ مسحة مقشوطة من سطح عنق الرحم، وكشف وجود الخلايا ما قبل السرطانية فيها. يفضل إجراء أول مسحة بعمر 21، ومن ثم تكرارها كل خمس سنوات متتالية.
يعد سرطان عنق الرحم من الأورام الشائعة التي تصيب النساء، والذي يملك معدل شفاء جيد عند كشفه بصورة مبكرة وتطبيق العلاج المناسب. لذا من المهم الابتعاد عن عوامل الخطر وبصورة أخص التدخين، وإجراء فحص عنق الرحم الدوري، والتأكد من أخذ لقاح فيروس HPV.