لقد فتح الإنترنت آفاقًا جديدة فيما يتعلق بعلاج الصحة النفسية والعقلية، وأصبح بالإمكان التواصل مع أطباء نفسيين عبر الإنترنت لمساعدة أي شخص لديه بعض الشكوك حول صحته النفسية، لكن هناك بعض الإيجابيات والسلبيات التي يجب مراعاتها قبل تحديد ما إذا كان العلاج عبر الإنترنت سيقدم الفائدة المرجوة منه أم لا.
التواصل مع الأطباء النفسيين عبر الإنترنت يحمل في طياته الكثير من الاحتمالات والفرص، فهو يقدم وعودًا كبيرة لمساعدة العديد من الناس حول العالم وتأمين العلاج المناسب دون عناء. سنتحدث في هذا المقال عن ما هو العلاج النفسي عبر الإنترنت، وما هي أنواعه وفوائده ومساوئه.
المحتويات
ما هو العلاج النفسي عبر الإنترنت؟
يشير العلاج النفسي عبر الإنترنت (telepsychiatry) إلى العلاج النفسي أو خدمات الاستشارة النفسية التي يتم إجراؤها عبر الإنترنت، وعلى عكس العلاج الشخصي المباشر يسمح العلاج عبر الإنترنت بالتواصل مع طبيب أو مستشار مرخص باستخدام أي جهاز متصل بالإنترنت مثل: جهاز الكمبيوتر أو الجهاز اللوحي أو الهاتف الذكي.
أطباء واستشاريو الصحة النفسية هم أطباء متخصصون في علاج حالات الصحة النفسية والعقلية، وهم أشخاص مدربون بشكل أكاديمي يمتلكون القدرة والمهارة لتشخيص كل الأمراض النفسية والعقلية، ووصف طرق العلاج اللازمة والأدوية الخاصة بعلاج كل حالة بشكل خاص ومتفرد، المصطلحات الأخرى التي تستخدم مع العلاج النفسي عبر الإنترنت هي العلاج عن بعد أو العلاج الإلكتروني.
ما هي أنواع العلاج النفسي عبر الإنترنت؟
هناك نوعان للعلاج النفسي عبر الإنترنت:
العلاج النفسي المتزامن عبر الإنترنت
وفي هذا النوع من العلاج النفسي يكون المريض والطبيب النفسي متواجدين في نفس الوقت، ما يعني أنه يجب عليهما التواصل والتفاعل مع بعضهما بشكل مباشر عبر أي وسيلة اتصال يوفرها الإنترنت دون وجود عائق زمني في التواصل.
العلاج النفسي غير المتزامن عبر الإنترنت
في هذا النوع من العلاج يتم نقل المعلومات السريرية الشخصية إلى الطبيب النفسي المراد التواصل معه بوجود عائق زمني في التواصل، حيث تُنقل هذه المعلومات على شكل رسائل بريد إلكتروني أو مقاطع فيديو مسجلة، وقد يكون مرسل هذه المعلومات هو نفس الشخص الذي يسعى للعلاج أو الطبيب المشرف على المريض.
لماذا يجب أن أتواصل مع طبيب نفسي عبر الإنترنت؟
هناك عدة أسباب تجعل رؤية طبيب نفسي عبر الإنترنت الخيار الأول لأي شخص بدلًا من زيارة الطبيب شخصيًا، وفقًا لجمعية الطب النفسي الأمريكية، يمكن أن يوفر التواصل مع أطباء نفسيين عبر الإنترنت الفوائد التالية:
- تفادي التأخير في توفير الرعاية الصحية النفسية للمريض.
- توفير أوقات ومواعيد جلسات أكثر ملاءمة للمريض، مما يقلل حاجة الحصول على إجازة من العمل لأجل الخضوع للعلاج.
- توفير رعاية نفسية صحية مستمرة بشكل أفضل من الطريقة المباشرة، فالحصول على مواعيد جلسات علاج ذات تنسيق مستمر وملائم أمر مهم في العلاج النفسي.
- تحسين قدرة الوصول للرعاية النفسية، فالكثير من الناس ليس لديهم وسائل نقل أو يعيشون في مناطق ريفية مما يجعل الحصول على العلاج النفسي المباشر أمرًا صعبًا.
ما هي فوائد التواصل مع أطباء نفسيين عبر الإنترنت؟
قد يكون العلاج عبر الإنترنت فعالًا
تُظهر الأبحاث الحديثة أن العلاج النفسي عبر الإنترنت يمكن أن يكون بنفس فعالية العلاج النفسي المباشر لمختلف حالات الصحة العقلية، حيث وجدت هذه الأبحاث أن العلاج النفسي عبر الإنترنت فعال تمامًا عندما يتعلق الأمر بعلاج الاكتئاب المعتدل واضطراب القلق الاجتماعي واضطراب القلق العام، وقد ثبت أن العلاج عبر الإنترنت فعال في الحد من المشكلات السلوكية المتعلقة بالمقامرة.
خيار جيد للمناطق النائية
يوفر العلاج النفسي عبر الإنترنت طريقة جيدة للحصول على العلاج اللازم للأشخاص في المناطق الريفية أو النائية؛ فقد لا يتمكن الأشخاص الذين يعيشون في هذه المناطق من الحصول على أي شكل من أشكال العلاج النفسي بسبب قلة الممارسين أو عدم وجودهم في هذه المناطق.
إمكانية الوصول للأشخاص الذين يعانون من إعاقات جسدية
يوفر العلاج النفسي عبر الإنترنت إمكانية الوصول إلى الأفراد المعاقين أو المقيمين في المنزل وهم غير قادرين على المغادرة لطلب العلاج. يعد التنقل إحدى أهم المشاكل عندما يتعلق الأمر بالحصول على الرعاية النفسية.
الراحة والقدرة على تحمل التكاليف
عادةً ما يكون العلاج عبر الإنترنت مريحًا إلى حد ما وذو تكلفة مناسبة للمريض، حيث أن حضور الجلسات عبر الإنترنت يساعد المريض على الشعور براحة أكبر بسبب بقائه في المنزل، مما يوفر على المريض عناء التنقل والاعتياد على مكان جديد.
الأطباء النفسيين الذين يعالجون المرضى فقط عبر الإنترنت يمكن أن يقدموا خدمات علاجية جيدة وبمقابل مادي مقبول؛ لعدم حاجتهم لاستئجار مساحات مكتبية وشراء متطلباتها، ويمكن للمعالجين عبر الإنترنت في كثير من الأحيان تقديم خيارات علاج ميسورة التكلفة لمن لا يملكون تأمين صحي.
يمكن أن يكون العلاج أسهل
الإنترنت يساعد في تسهيل الحصول على العلاج النفسي؛ فالعلاج النفسي عبر الإنترنت يساعد في التغلب على وصمة العار التي ارتبطت تاريخيًا بقضايا الصحة العقلية والنفسية. يمكن أن يكون العلاج عن بعد أداة مهمة لمساعدة الناس على تعلم المزيد عن الصحة النفسية والعقلية، قد يشعر البعض أن صحتهم العقلية والنفسية قوية ولكن يمكن أن يساعد العلاج النفسي عبر الإنترنت على جعلهم أقوى نفسيًا وتعريفهم على المزيد من السلوكيات الصحية. [1]
ما هي مساوئ التواصل مع أطباء نفسيين عبر الإنترنت؟
السرية والخصوصية والتكنولوجيا ضعيفة
يعد الحفاظ على خصوصية المعلومات الشخصية للمريض مصدر قلق كبير عندما يتعلق الأمر بالعلاج النفسي عبر الإنترنت، لا تقل أهمية الحفاظ على سرية معلومات المريض في العلاج عبر الإنترنت عن أهميتها في الأشكال التقليدية للعلاج؛ لأن نقل المعلومات يتم عبر الإنترنت، فالخوف من تسريب المعلومات وانتهاك خصوصية المريض الصحية أمر مقلق للكثير.
بالإضافة لكل ما سبق فالتكنولوجيا يمكن أن تسبب مشكلة أخرى؛ لأن التواصل بين المريض والطبيب يتم بشكل غير مباشر، ما يعني وجود بعض الأوقات التي لن يستطيع المريض فيها الوصول للطبيب، مما يجعل الحصول على العلاج أمرًا صعبًا عندما يكون المريض في أمس الحاجة إليه.
عدم القدرة على علاج الحالات الإسعافية أو المتأزمة بشكل سريع
نظرًا لأن الأطباء النفسيين عبر الإنترنت تفصلهم مسافات قد تكون بعيدة عن المريض، يصبح من الصعب عليهم الاستجابة بسرعة وفعالية عند حدوث أزمة، مثلًا: إذا كان العميل يعاني من أفكار انتحارية أو مر بمأساة شخصية فقد يكون من الصعب أو من المستحيل على المعالج تقديم المساعدة المطلوبة.
غير مناسب للأمراض النفسية الخطيرة
يمكن أن يكون العلاج الإلكتروني مفيدًا لمجموعة متنوعة من الحالات، لكن عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الذين يحتاجون إلى علاج مكثف ومباشر يصبح العلاج النفسي عبر الإنترنت غير مجدٍ، مثل حالات الإدمان الشديد.
لا يمكن الاستفادة من لغة الجسد
إذا كان المريض يتواصل مع الطبيب بواسطة الكتابة فلن يتمكن المعالجون من رؤية تعابير الوجه أو الإشارات الصوتية أو لغة الجسد. غالبًا ما تعبر هذه الإشارات عن الشخص ككل وتعطي الطبيب النفسي صورة أوضح عن مشاعر وأفكار وحالة المريض المزاجية والسلوكية، يمكن لبعض طرق التواصل مثل: المحادثات الصوتية أو الفيديو أن توفر صورة أوضح للموقف، لكنها غالبًا ما تفتقر إلى الحميمية والتعقيد المتوفر في الجلسات المباشرة التقليدية.
في حين أن العلاج النفسي والتواصل مع أطباء نفسيين عبر الإنترنت أمر مفيد للأشخاص الذين يعانون من حالات وأمراض نفسية معينة، إلا أن هذا الأمر لا يخلو من بعض المخاطر والعيوب مقارنة بخيارات العلاج التقليدية، يمكن أن يكون العلاج عبر الإنترنت وسيلة فعالة وملائمة للحصول على العلاج النفسي، لكن هذا لا يعني أنه مناسب للجميع فالأمر يعتمد على حالة المريض وشدة المرض وأعراضه. [2]
اقرأ أيضًا: كيف تساعدك استشارة الطبيب النفسي في بدء علاج الاكتئاب؟
لذلك يجب البحث عن جميع الخيارات المتاحة وقراءة المراجعات وطرح كل الأسئلة اللازمة دون خجل أو خوف، قد يستغرق العثور على طبيب نفسي عبر الإنترنت بعض الوقت ولكن الحصول على العلاج المناسب أمر يستحق هذا الجهد. حمل تطبيق كيورا، واستشر طبيبًا.
المراجع
[1] The Pros and Cons of Online Therapy, www.verywellmind.com, retrieved 18/5/2023.
[2] Online psychiatrist services: How they can help, www.medicalnewstoday.com, retrieved 18/5/2023.