عندما يفكر الناس بارتفاع الضغط الشرياني فقد يعتقدون أن سببها زيادة الوزن وقلة ممارسة التمارين الرياضية وتناول الملح والدهون بالإضافة لدور العوامل الوراثية، ولا يربطون بين ارتفاع الضغط وبين أمراض الكلى، لكن الحقيقة أن أمراض الكلى -وخصوصًا إذا تُركت دون علاج- يمكن أن تسبب ارتفاعًا كبيرًا في ضغط الدم الشرياني.
المحتويات
الشرايين الكلوية وضغط الدم
لأمراض الكلى تأثير مباشر على ضغط الدم الشرياني بسبب الأضرار التي تسببها للكلى، فإذا تركت أمراض الكلى بدون علاج لفترة طويلة تتضرر الشرايين المحيطة بالكلى مؤدية إلى تضيق هذه الشرايين، وبالتالي تصبح الكلى غير قادرة على استقبال كمية كافية من الدم.
تحاول الكليتان مواجهة نقص تدفق الدم هذا من خلال إفراز هرمون يشجع الجسم على الاحتفاظ بالماء والصوديوم وتقليل طرحهما، ويكون رد الفعل هذا مفيدًا إذا كان الجسم يعاني من التجفاف لكن الحالة هنا ليست كذلك، يؤدي الهرمون لاحتباس الماء والصوديوم وزيادة ضغط الدم الشرياني. يعد ارتفاع الضغط الشرياني الناتج عن أمراض الكلى حالة خطيرة تتظاهر غالبًا بارتفاع ضغط شرياني مقاوم ومعند لا يمكن السيطرة عليه باستخدام ثلاثة أدوية خافضة للضغط على الأقل، وهو أكثر شيوعًا عند البالغين ويمكن أن يصيب الأطفال أيضًا، ولكن مع العلاج المناسب وتعديلات نمط الحياة يمكن السيطرة على ارتفاع ضغط الدم الشرياني ومضاعفاته الصحية المحتملة بشكل جيد.
متى يكون ارتفاع الضغط الشرياني ناتجًا عن أمراض الكلى؟
يحدث ارتفاع ضغط الدم الكلوي عادةً عندما تتضيق الشرايين الكلوية بسبب تشكل لويحات على طول جدران الشرايين، تتكون هذه اللويحات من الكوليسترول والدهون ومواد أخرى، وبسبب تضيق الشرايين الكلوية يزداد الضغط اللازم لدفع الدم عبر هذه الشرايين ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم الكلوي.
يعتبر ارتفاع الضغط الشرياني الكلوي أحد الأنواع الرئيسية لارتفاع ضغط الدم الثانوي والذي يختلف عن ارتفاع ضغط الدم الأساسي. ليس لارتفاع ضغط الدم الأساسي سبب واحد محدد وعادةً ما يتطور ببطء على مدى عدة سنوات، بينما لارتفاع ضغط الدم الثانوي سبب محدد مثل أمراض الكلى.
لا يسبب ارتفاع ضغط الدم كلوي المنشأ بالإضافة إلى الأنواع الأخرى من ارتفاع ضغط الدم عادة أعراضًا ملحوظة ما لم يرتفع ضغط الدم بشكل كبير (180/120 ملم زئبقي أو أكثر)، وتكون الطريقة الوحيدة لتشخيص ارتفاع ضغط الدم هي قياس ضغط الدم بشكل متكرر، وعلى الرغم من عدم وجود أي أعراض إلّا أن هناك بعض الأعراض الشائعة التي قد تكون مرتبطة بارتفاع ضغط الدم الشرياني، تشمل هذه الأعراض:
- الصداع.
- ضيق أو صعوبة في التنفس.
- قلق أو توتر.
- الرعاف أو النزف من الأنف.
- الرؤية الضبابية أو المشوشة أو المزدوجة.
- وجود دم في البول.
- التخليط أو التشوش الذهني.
كما تشمل العلامات الأخرى التي قد تنبه أخصائي الرعاية الصحية لارتفاع ضغط الدم كلوي المنشأ ما يلي:
- ارتفاع ضغط الدم المفاجئ قبل عمر 30 سنة أو بعد عمر 55 سنة.
- ارتفاع ضغط الدم الذي يزداد رغم العلاج.
- فحوصات مخبرية تظهر ضعف وظائف الكلى.
بالإضافة لما سبق، لا يعد ارتفاع ضغط الدم كلوي المنشأ عادة حالة يبحث عنها الأطباء دون وجود سبب، لكن إذا كنت تعاني من ارتفاع الضغط الشرياني الذي لا يمكن السيطرة عليه بسهولة باستخدام واحد أو اثنين من الأدوية الخافضة للضغط فقد يبدأ طبيبك بالبحث عن سبب هذا الارتفاع مثل ارتفاع ضغط الدم الناتج عن أمراض الكلى.
يبدأ تشخيص ارتفاع ضغط الدم كلوي المنشأ بالفحص السريري وقياس ضغط الدم، وفي حال الاشتباه بارتفاع ضغط الدم كلوي المنشأ يمكن طلب إجراء واحد أو أكثر من اختبارات التصوير التالية:
إيكو دوبلر: للكشف عن أي شرايين متضيقة أو مسدودة في الكليتين.
تصوير الأوعية المقطعي المحوسب: تقوم هذه التقنية بأخذ طبقات متعددة من الأشعة السينية وعرضها على شاشة الكمبيوتر حيث يمكن معالجتها وإظهارها بشكل صورة ثلاثية الأبعاد.
الرنين المغناطيسي الوعائي: يستخدم حقلًا مغناطيسيًا وموجات راديوية لإنشاء صور مفصلة للكليتين كما يستخدم صبغة تباين تحقن وريديًا لإظهار الدورة الدموية في الكلية.
تصوير الشرايين الكلوية: وهو نوع خاص من الأشعة السينية يعتمد أيضًا على حقن صبغة في مجرى الدم.
كيف يتم علاج ارتفاع الضغط الشرياني الناتج عن أمراض الكلى؟
يشبه علاج ارتفاع ضغط الدم كلوي المنشأ كثيرًا علاج ارتفاع ضغط الدم الأساسي، فهو يشمل تغيير نمط الحياة ووصف الأدوية المناسبة. تتضمن تعديلات نمط الحياة التي قد تساعد في العلاج ما يلي:
- اتباع نظام غذائي صحي، من خلال تقليل الصوديوم والدهون.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- الحفاظ على وزن صحي ومناسب.
- إيقاف التدخين.
- الحصول على 7-8 ساعات من النوم كل ليلة.
- التقليل من التوتر والقلق.
كما يمكن أن تكون الأدوية مفيدة أيضًا على الرغم من أنك قد تحتاج على أكثر من دواء للتحكم بضغط الدم كلوي المنشأ، ففي كثير من الحالات يتم كشف ارتفاع ضغط الدم كلوي المنشأ بسبب معاناة الشخص من ارتفاع ضغط الدم المقاوم الذي لا يستجيب على أدوية ضغط الدم المعتادة، تشمل الأدوية الموصوفة بشكل شائع لارتفاع ضغط الدم كلوي المنشأ ما يلي:
- مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE).
- حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2 (ARBs).
- حاصرات قنوات الكالسيوم.
- مدرات البول.
هناك خيار آخر لعلاج الشرايين المتضيقة من خلال استعادة تدفق الدم الطبيعي للكلية، ويتم ذلك غالبًا عن طريق قثطرة مزودة ببالون يتم نفخه عندما يصل طرف القسطرة على منطقة الانسداد في الشريان، وفي بعض الأحيان يتم وضع دعامة لإبقاء الشريان مفتوحًا، لكن يُحتفظ بهذه الطريقة للحالات الأكثر خطورة.
يُعد ارتفاع الضغط الشرياني الناتج عن أمراض الكلى حالة تستمر مدى الحياة، ولكن يمكن علاجها عادةً بشكل فعال بمجرد اكتشافها، تحتاج غالبًا إلى تناول الأدوية للتحكم بهذا الحالة، كما قد يؤدي أسلوب الحياة الصحي أيضًا إلى تقليل الأدوية اللازمة للحفاظ على ضغط الدم ضمن المجال الصحي.