لقد عرف البشر طرقًا متنوعة لخياطة الجروح منذ فجر الحضارة، إذ وجدت جروح مخاطة في بعض المومياوات عند المصريين القدماء، أما اليوم فقد تطور علم الجراحة بشكل كبير وظهرت تقنيات ووسائل حديثة، وأصبحت الخياطة التجميلية للجروح شائعة جدًا، وأصبح الأطباء يستخدمونها على نطاق واسع لما تحققه من نتائج جمالية مدهشة.
إن شكل الجرح ومتانته والندبة الناتجة عنه أمرٌ مهمٌ لاعتبارات عديدة، ومن أهم الوسائل التي يلجأ إليها الجرَّاحون للحصول على نتائج جمالية:
- استخدام الخياطة التجميلية تحت الجلد.
- إخفاء ندبة العمل الجراحي في منطقة غير ظاهرة مثل أسفل البطن، أو داخل الفخذ، أو داخل الذراعين، أو جانب الوجه والرقبة.
- التعامل المناسب مع الجرح بعد العملية، من خلال الكريمات والليزر والوسائل الأخرى التي تخفي الندبة وتقلل ظهورها.
المحتويات
أهمية وفوائد الخياطة التجميلية للجروح
تحقق الخياطة التجميلية للجروح العديد من الفوائد والميزات مقارنة بطرق الخياطة الأخرى، ومن أهمها:
- يتم خلال الجراحة التجميلية تقريب حواف الجلد بشكل دقيق يساعد على التئامها جيدًا، ويقلل احتمالية ظهور الندبات بعد العمل الجراحي.
- تستخدم خيوط جراحية متينة ذات مقاسات صغيرة، عوضًا عن الخيوط كبيرة المقاسات والغرزات الجلدية كبيرة الحجم، ما يقلل من فرصة حدوث رضوض نسيجية.
- توفر الخياطة التجميلية حماية للنسيج تحت الجلد من خطر العدوى والالتهاب، وتدعم وتقوي نسيج الجلد مما يقلل من خطر حدوث الفتق واندحاق الجرح.
- تحقق فوائد تجميلية هامة بشكل خاص عند إجرائها في مناطق حساسة مثل الوجه واليدين.
أنواع القطب أو الخياطات الجراحية
هناك أنواع متعددة للقطب الجراحية، تختلف فيما بينها بطريقة إجرائها وبالعديد من المميزات والخصائص، ويجب على الطبيب اختيار النوع الأفضل تبعًا لحالة المريض والأهداف المطلوبة.
القطب البسيطة أو الخياطة المتفرقة:
يمكن استعمالها لخياطة الجلد وتحت الجلد والعضلات والصفاق، وبعد كل تقريب لحواف الجرح يعقد الجرَّاح القطبة ثم يقطع الخيط. تحتاج هذه الخياطة إلى وقت طويل نسبيًا، وتتميز بأنها تسرع اختفاء الوذمة التي تحدث فيما بعد، وتسمح للسوائل التي ترشح من الجرح بالخروج منه بسهولة. تجدر الإشارة إلى أن هذا النمط من الخياطة يترك ندبة تكون سيئة تجميليًا عادة.
القطب المستمرة أو الخياطة الشلالية:
هي خياطة سريعة مقارنة مع الخياطة المتفرقة، ويتم إجراؤها بشكل مشابه لها. ولكن بعد عقد القطبة الأولى، يأخذ الجراح بقية القطب بشكل مستمر حتى الوصول إلى نهاية الجرح وبعدها يعقد الخيط. تستعمل هذه الطريقة عادة في خياطة الأحشاء والصفاق وفروة الرأس وفي الجروح الكبيرة التي يستغرق إجراء عقد بسيطة فيها وقتًا طويلًا، ونادرًا ما تستعمل لخياطة الجلد العادي لأنها تترك ندبات سيئة المظهر.
تعتبر هذه الطريقة فعالة ولكنها سيئة تجميليًا، ويجب على مساعد الجرَّاح المحافظة على توتر مناسب للخيط طوال فترة الخياطة، لأن انقطاعه في أحد أماكن الجرح سيؤدي إلى فك الخياطة بشكل كامل.
القطب الراجعة أو خياطة ماتريس:
هي قطب مضاعفة إما بشكل عمودي أو أفقي، وهي تخترق كل طرف من الجرح مرتين. تتميز بزيادة إغلاق الجرح وتأمين مطابقة وقلب خارجي أو داخلي ممتازين لحواف الجرح. في هذه القطبة يكون هناك العديد من علامات الدخول والخروج للخيط فهي سيئة تجميليًا، لذلك تستعمل هذه القطب بشكل أساسي في الجروح الكبيرة لخياطة البنى العميقة التي تحتاج إلى شد كبير كأوتار العضلات والصفاق ومن الممكن استخدامها لخياطة الفروة، ولا تستخدم لخياطة الوجه.
الخياطة تحت البشرة أو ضمن الأدمة:
تحقق الخياطة ضمن الأدمة أفضل نتائج تجميلية مقارنة مع الأنواع الأخرى، وهي مناسبة لمعظم الشقوق الجراحية. إذ يتم إغلاق الجرح في العمق وتقريب حوافه دون شد الحواف.
أنواع الخيوط الجراحية المستخدمة في العمليات التجميلية
تصنف الخيوط الجراحية لعدة أنواع حسب قابليتها للامتصاص إلى مجموعتين رئيسيتين:
الخيوط القابلة للامتصاص:
هي خيوط تفقد معظم قوتها بعد فترات مختلفة من الخياطة بها، إذ تتحلل ضمن الجسم وتُمتص اعتمادًا على نوع المادة المصنوعة منها، وقد تتركب من مواد طبيعية أو صنعية:
- الخيوط الطبيعية القابلة للامتصاص: هي خيوط تستخلص من أمعاء الحيوانات، وهي ذات بنية بروتينية، لذلك تكون الاستجابة الالتهابية للجسم تجاهها شديدة وتترك ندبة كبيرة. هذه الخيوط سريعة الامتصاص، إذ تُمتص عادة خلال 10 -15 يومًا، ويستفاد من سرعة امتصاصها في تقطيب جروح السطوح المخاطية (باطن الخد، الرحم والمثانة). يمتص الجسم هذه الخيوط بشكل كامل ولا يترك أي أجزاء منها، ولكن لا يمكن تطبيق هذه الخياطة على الجلد نتيجة الارتكاس الشديد الذي تحدثه تاركة ندبة وتليفًا كبيرًا. في السنوات الأخيرة ونتيجة الحاجة لخيوط تبقى لفترات أطول تمت إضافة مادة أملاح الكروم إلى هذه الخيوط (خيوط الكروميك) التي تعد ملائمة لخياطة العضلات ولإغلاق الأغشية المخاطية وربط الأوعية الدموية.
- الخيوط الصنعية القابلة للامتصاص: خيوط بطيئة الامتصاص، إذ تمتص خلال 60 إلى 100 يوم. تتميز هذه الخيوط بتحملها ومتانتها وقلة ارتكاس الأنسجة لها، وتصنع عادة من مادة البولي غليكوليك أسيد، ومن أهم الأمثلة عليها: خيوط الفايكريل، الديكسون، المونوكريل، الماكسون، والبوليديوكسانون. تستخدم لخياطة البنى المتينة والتي تحتاج لتثبيت حواف الجرح لمدة طويلة (كالعضلات، صفاق العضلات، أوتار العضلات والنسيج تحت الجلد).
الخيوط غير القابلة للامتصاص:
لا يمتص الجسم هذه الخيوط وينبغي إزالتها بعد مدة، وتستخدم لخياطة الطبقات السطحية والخارجية كالجلد. وتكون إما من مصدر طبيعي أو صناعي:
- الخيوط الطبيعية غير القابلة للامتصاص: أهمها خيوط القطن والكتان والحرير. تعتبر خيوط الحرير هي الأقدم استعمالًا، استخدمت سابقًا لخياطة البنى العميقة والأوعية والأغشية المخاطية، وتحدث تفاعلًا التهابيًا شديدًا لذلك قل استخدامها حاليًا.
- الخيوط الصنعية غير القابلة للامتصاص: أشهرها خيوط النايلون، والتي قد تكون مجدولة أو وحيدة الخيط، ولها أنواع مختلفة مثل البرولين، الداكرون، نورولون، إيثيلون. يمكن استعمال النايلون لخياطة الجلد، لأنه لا يسبب ارتكاسًا التهابيًا وذلك لأن النايلون مادة خاملة (وبالتالي لا يترك ندبة)، ويستعمل لخياطة الأوعية عند الرغبة في الإبقاء على الوعاء مغلقًا لفترة طويلة. إضافةً إلى استعماله في خياطة الصفاق والأوتار والفتوق.